قائمة الموقع

من يحقق أمنيتك أبا عبد الله؟

2020-06-09T08:58:00+03:00
خالد صادق

بقلم / خالد صادق

كانت عيوننا ترنو الى هناك حيث كان يرقد عاشق القدس ورائد المقاومة وفارس الكلمة رجل المواقف الصعبة الدكتور رمضان عبدالله شلح (أبو عبد الله), ترجل الفارس وارتقى الى جوار ربه بعد رحلة طويلة من البذل والعطاء لا حدود لها, عرفته رحمه الله منذ كان يكتب زاوية مرايا في صحيفة الاستقلال تحت اسم «محمد الفاتح» كان يراجع معنا كل كلمة فيها لان كل كلمة يكتبها لها معني وهو يدرك امانة الكلمة وصدقيتها وكان يردد على مسامعنا قوله تعالى « ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها .. الآية» نعم فما زالت كلماتك ابا عبد الله تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها, ننهل من نبعها العذب, ونستمد من وحيها كل معاني الحياة الحرة والكريمة والعزيزة, نعم فجعنا بموتك لكننا لن نذرف الدموع حزنا على رحيلك, لأنك بفكرك واثرك ما تزال حاضرا بيننا, وقد اورثت ثقافة المقاومة لمن خلفك وحمل الراية من بعدك القائد الكبير زياد النخالة أبو طارق ليكمل بنا المسير ويمضي على نفس الدرب والنهج, وتعلو الراية فالقائد يخلفه الف قائد, وفلسطين منبع القادة الوطنيين الاحرار والثوار الذين لا يتوقف عطاؤهم عند حدود, امضِ ايها الفارس حيث شئت وحيث ما شاء الله لك, فان الركب يلتحق بأثرك والمسيرة ممتدة لا تتوقف ابدا ولا يعيقها جور جائر ولو تخلى عنا الجميع فانت دليلنا الى النصر.

لقد كنت عنوانا لكل من عرفك ايها الامين, وقد لقبك اخوانك وزملاؤك بعاشق القدس, فقد كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بالقدس والمسجد الاقصى, كيف لا وانت الداعية الاسلامي خطيب المساجد الثائر المفوه, كنت دوما تقف على عتبات المسجد الاقصى خطيبا في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان برفقة الدكتور المؤسس والمعلم فتحي الشقاقي وقادة اخرين تلقي الخطب الدينية الثورية وتشحذ الهمم, وتحرض على الاحتلال, وتضبط مؤشر البوصلة دائما نحو القدس برمزيتها المسجد الاقصى المبارك الذي كنت تعشقه وترتحل اليه لتلبي نداء الواجب رغم الاخطار, كان الدكتور رمضان يعالج الانتكاسات السياسية التي اصابت البعض بفعل اتفاقية اوسلو المشؤومة بمنطق المقنع وبالنصيحة, كان يناقش ويبدي المواقف السياسية لحركته بوعي كبير, وكان يتجنب رحمه الله المعارك الهامشية ويركز صراعه مع العدو الصهيوني, كان يردد دائما فلنعمل فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه, وان البوصلة التي لا تشير الى القدس هى بوصلة مشبوهة, فكل المعارك مؤجلة, ومعركتنا الحقيقية مع «اسرائيل» التي تحتل ارضنا ومقدساتنا وتستبيح دمائنا واعراضنا, لقد كان يمتلك من الوعي والحكمة ما كان يحصن حركته من حرف البوصلة عن فلسطين القضية المركزية للامة ويجنبها تشتيت جهدها والانشغال بمعارك خاسرة لا تعود على شعبنا وقضيتنا بالنفع.

أه يا دمشق كم تحتضنين في ثراك الطاهرة من قادتنا ومجاهدينا الأبطال, بالأمس احتضن ثراك الطاهر جسد الامين العام المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله, واليوم يحتضن ثراك الطاهر قائدا ومجاهدا عظيما آخر هو الدكتور رمضان عبد الله شلح هذا المجاهد الذي كان يتوق الى زيارة وطنه فلسطين وهو حي, لكن الصهاينة حرموه من امنيته, فاراد ان يدفن في ثراها وهو ميت, كأن دمشق رسمت خطها مع فلسطين بأشلاء الشهداء لتدل على ان كل البقاع العربية واحدة, وحدة الارض والجغرافيا والتاريخ والحضارة, الم يحرر صلاح الدين دمشق ويحرر القدس, الم يقاتل الشيخ عز الدين القسام الاستعمار البريطاني في سوريا, ويقاتل في جنين واحراش يعبد بفلسطين, الم يقاتل سليمان الحلبي الاستعمار البريطاني في سوريا ويقتل القائد الفرنسي كليبر الذي كان يغزو بحملته العسكرية ارض مصر, الم يلق قائد الحملة الفرنسية نابليون بونابرت قبعته من فوق اسوار عكا ليعلن فشل حملته في المنطقة العربية, ويغتال حلم الفرنسيين الى الابد, انها رحلة متواصلة وممتدة عبر التاريخ لن تنتهي, فاينما سجي جسدك الطاهر ابا عبد الله فانه يعيدك الينا فتسكن قلوبنا, ألم تعلمنا ان محور دمشق القدس, ومحور بغداد القدس, ومحور القاهرة القدس, ومحور بيروت القدس, وكأنك كنت تعلم انك ستعيش غربة روحك وجسدك خارج اسوار القدس, انك لن تفارقنا لأنك ما زلت حيا فينا.

ما زلت اذكر مراياك عندما رثيت الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي فقلت.. «سألتني خولة .. وين بابا يا عمو.. فمن يجيب خولة عن سؤالها» وكان هذا اقصر نص للمرايا لأنه ابلغ من كل الكلام, واليوم ونحن نرثيك نقول «لقد أوصيتنا أيها القائد بفلسطين والقدس وبالمقاومة والمجاهدين الاطهار فمن يستجيب لوصاياك؟!».

اخبار ذات صلة