غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر فرنسا تقترح على الفلسطينيين قبول مشروعها المعدل تلافيا للفيتو الأميركي

شمس نيوز/وكالات

تتعرض باريس لضغوط متعددة إسرائيلية، أميركية، أوروبية وعربية بالنظر للدور الذي تريد القيام به في مجلس الأمن الدولي مع مشروع القرار الذي تعمل بشأنه بالتعاون مع بريطانيا وألمانيا. وفي الساعات الـ48 الأخيرة، كثفت الدبلوماسية الفرنسية من اتصالاتها في كل اتجاه وأهم ما قامت به الاجتماع الرباعي الذي حصل مساء الاثنين في قاعة الشرف في مطار أورلي والذي ضم وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا إلى جانب الوزير لوران فابيوس. كذلك استقبل الأخير أمس أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي ووزيري خارجية فلسطين رياض المالكي وموريتانيا التي ترأس المجلس الوزاري العربي. وضم اجتماع أمس، إلى جانب الوزراء، سفراء مصر والأردن ومندوب الكويت لدى الجامعة العربية وسفير الجامعة في باريس.

ما محصلة مجمل هذه الاتصالات؟

تقول مصادر دبلوماسية متعددة تحدثت إليها «الشرق الأوسط»: إن «الوزير فابيوس أبلغ الوزراء العرب وأمين عام الجامعة أن الوزير جون كيري نقل إلى نظرائه الأوروبيين في اجتماع أورلي أن بلاده ستكون مضطرة لاستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن إذا عمد الفلسطينيون إلى تقديم مشروع قرارهم (عبر الأردن، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن)» والذي يحظى بدعم الجامعة. ووفق ما نقل عن كيري، فإن الوزير الأميركي قال إن «واشنطن لا تستطيع السماح بتمرير مشروع قرار مثل المشروع الفلسطيني». وبالمقابل، فإن كيري رفض الالتزام بموقف «واضح» من مشروع القرار الفرنسي - الأوروبي المعدل بناء على المطالب الفلسطينية - العربية في حال وصل إلى مكتب المجلس وطرح على التصويت.

ويتحفظ الفلسطينيون على نقطتين أساسيتين في المشروع الفرنسي الأوروبي: الأولى، تتناول خلوه من فقرة «إنهاء الاحتلال الإسرائيلي» للأراضي الفلسطينية خلال عامين الواردة في المشروع الفلسطيني، والثانية، إشارته إلى «الدولة اليهودية» والقرار الدولي رقم 181 أي قرار التقسيم الذي قامت عليه إسرائيل والذي يصف إسرائيل بـ«الدولة اليهودية». وتريد باريس استخدام «إنهاء مفاوضات السلام خلال عامين» بدل الفقرة الأولى بينما تقترح لمزيد من طمأنة الطرف الفلسطيني، الاكتفاء بالإشارة إلى القرار 181 في فذلكة القرار وليس أن تكون فيما يسمى في لغة الأمم المتحدة «فقرة عاملة» أي في متن القرار. أما بقية الفقرات فتعيد تأكيد «محددات السلام» وتشير إلى القدس عاصمة الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية من غير تعيين القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية الأمر الذي يثير مخاوف فلسطينية - عربية إذ تستطيع إسرائيل غدا التشديد على أن ما تقبله عاصمة للدولة الفلسطينية هي ضاحية من ضواحي القدس البعيدة علما أنها وسعت إلى حد كبير الحدود البلدية لهذه المدينة.

من جانب آخر، لا تريد باريس الاستعجال في طرح مشروع القرار على التصويت وهي تشدد للجانب الفلسطيني على أمرين: الأول، أن مشروع القرار الفلسطيني لا يحظى بدعم 9 أعضاء أي ثلثي مجلس الأمن حتى يمر. والثاني، أنه في حال حصل على الأصوات الـ9، فإنه لن يمر بسبب الفيتو الأميركي. لذا وعدت باريس بالعمل مع الجانب الفلسطيني وبالتفاهم مع الأردن للوصول إلى مشروع قرار «متوازن» يمكن أن يمر في مجلس الأمن ولا تجهضه واشنطن بحيث إما تمتنع عن التصويت أو تصوت لصالحه. ولذا، فإنها تنصح الفلسطينيين بالاعتدال. ونقل فابيوس إلى الوفد العربي أن كيري أبلغ الوزراء الأوروبيين أنه «سيطرح رزمة مقترحات» على الوفد الفلسطيني العربي في لندن.

ولا تتوقف المصاعب التي تواجه المشروع الفرنسي عند هذا الحد إذ إن ألمانيا تبدو الأكثر تحفظا إزاءه بينما تقف لندن «موقفا وسطيا» بين الموقفين الفرنسي والأميركي. لكن فابيوس أبلغ الوفد أمس أن «لندن تسير معنا إلى حد ما» وأن برلين «تسير بتردد». وفهم من الأوساط الدبلوماسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس أن الجانب العربي «يميل إلى قبول العرض الفرنسي» لكن الطرف الفلسطيني فضل انتظار ما كان سيعرضه كيري أمس في لندن على كبير المفاوضين صائب عريقات وعلى نبيل العربي.

أما على المستوى الفرنسي المحض، فإن باريس ما زالت هدفا للضغوط الإسرائيلية المتواصلة منذ أن طرح على مجلس النواب الفرنسي مشروع قرار يدعو الحكومة للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وأمس، نشرت الصحافة الإسرائيلية تصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال فيها إنه «اتصل مباشرة بالرئيس فرنسوا هولاند وحثه على الطلب من وزير الخارجية فابيوس سحب اقتراح مشروع القرار من الأساس محذرا هولندا من تبعات المبادرة الفرنسية». وليست المرة الأولى التي يتصرف فيها نتنياهو بهذا الشكل إذ إنه سبق له أن اتصل بهولاند في بدايات حرب غزة وطلب منه بيانا رسميا يدعم بوضوح موقف إسرائيل. عندها صدر عن قصر الإليزيه البيان الشهير في 11 يوليو (تموز) الذي جاء فيه أن من حق إسرائيل «استخدام كل الوسائل» للدفاع عن المدنيين الأمر الذي فهم وقتها على أنه «ضوء أخضر» لإسرائيل لتفعل ما تشاء في غزة.

كيف ستسير الأمور في الأيام القادمة؟ من الواضح أنه إذا قبل الفلسطينيون الاقتراح الفرنسي الأوروبي المعدل فهذا يعني أنهم سيعدلون عن التقدم بمشروعهم أو إذا تقدموا به فإنهم سيعدلون عن طلب التصويت عليه في القوت الحاضر. وقال فابيوس للوفد العربي أمس إن باريس «ستستمر في التشاور بشأن صيغة مشروعها وإن ذلك سيأخذ وقتا»، دون تحديد المهلة الزمنية وما إذا كانت تحتسب بالأيام أو بالأسابيع. لكن الواضح أن هذه الصيغة إذا قبلت ستكون لها عدة فوائد، أولها، كسب مزيد من الوقت، وثانيها، تلافي أن تضطر واشنطن إلى استخدام الفيتو وظهور عزلتها في مجلس الأمن. يبقى المجهول الأخير وهو موقف الإدارة الأميركية من مشروع قرار سيكون فرنسي أوروبي فلسطيني عربي الذي رفض كيري الكشف عنه. واضح أن معركة سياسية دبلوماسية ستدور في أروقة الإدارة الأميركية وبينها وبين الكونغرس الجديد الذي يسيطر الجمهوريون بمجلسيه. ونتيجة المعركة ليست معروفة سلفا لذا فمن الملح الانتظار.