غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

مرحلة نضالية ... وانتهت

القيادي أحمد المدلل

بقلم: أحمد المدلل

في معارك التحرر كلها  تكون حالة الاشتباك محتدمة بين الشعوب ومقاومتها في وجه المحتلين.. بعيدا عن أي حسابات لأن الغاية الحقيقية للثورة والمقاومة هي دحر المحتل والاستقلال والحرية.. ويكون لدى الثوار تصميم بلا حدود من أجل الوصول إلى الغاية المرجوة..

وكما أن الشعب بكليته في حالة حراك واصطدام مع المحتل، إلا أن هناك من يشذ عن المسار الوطني بسبب ضعف بشرى فائض عن حده أو مرض نفسي واجتماعي ينحرف عن طريق الثورة والثوار، ويضع لنفسه الذرائع والمبررات للتعامل أو التواصل مع المحتل، وهذا لا مفر له في عُرف الثورة إلا أن يُطلق عليه عميلا لأنه يضع نفسه موضع الشبهات..

وكثير من الدول التي تحررت، تواجدت فيها هذه الحفنة الخارجة عن الصف الوطني.. والأكثرية منهم في ظل الزخم الثورى كانوا يلقون مصيرهم المحتوم على قدر الجريمة التي يقترفها إمّا الردع أو التصفية.. ولو أخذنا الجزائر نموذجاً كما أكد المؤرخون المحدثون أن ما يقارب النصف مليون ممن تعاملوا مع المحتل الفرنسى تم تصفيتهم، وحتى لا يحمل عائلاتهم وزرهم وعارهم اتفق الثوار على تسميتهم بالشهداء..  وإن أخطأ هؤلاء فإنهم ضحية أنفسهم المريضة في مرحلة أساءوا فيها للثورة والمقاومة ضمن حسابات خاطئة وبعيدة عن حالة الرشد وليسوا ضحية الثورة التي رأت من الضرورى أن يغيب هؤلاء حتى يستطيع المقاومون التحرك والقيام بواجبهم الجهادى من أجل التحرير .. في انتفاضات شعبنا منذ عام ١٩٢٠ وحتى الآن لا تخلو مسيرة الثورة والمقاومة من هذه الحفنة الشاذة.. وفي انتفاضة الحجارة التي فجرت المكنون النضالى الفلسطيني وكانت حالة هيجان شعبي نضالي ثوري غير مسبوق منذ عقود طويلة، أفرزت فصائل المقاومة حينها أجهزة أمنية خاصة بها وقوى رادعة - إلى جانب الذراع العسكري - كجدار حماية للشعب ومقاومته من المتعاونين مع الاحتلال الصهيوني من الفلسطينيين.. من خلال عُرف ثوري غير مكتوب ومتفق عليه ضمناً.. وكانت هناك شخوص مشهورة في عمالتها ولكن زادت أعدادهم في فترة الانتفاضة وقد توحش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني بأطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه ومناضليه بالملاحقة والاعتقالات المستمرة بالآلاف والقتل والاقتحامات لمراكز المدن والقرى والمخيمات ومداهمات ليلية إما لتصفية الثوار أو اعتقالهم.. وكان لابد من ملاحقة العملاء والمشبوهين وإعدام الكثير منهم ولم يكن الثوار يعيشون حالة ترف نضالي ... أو يمارسون عملا عشوائيا بل كانوا يطورون من عملهم النضالي والتنظيمي الميداني وتأسيس خلايا عنقودية إما متصلة أو منفصلة إلى جانب النقاط الميتة في العمل التنظيمى السري.. والكثير يتم اكتشافها وبشكل غريب حتى يصبح الأمر حديث الناس.. وازدادت حالة الشك بأن يدا خفية تعمل على الأرض وتساعد "الشين بيت" فى الوصول إلى الثوار ... وتمت تصفية عملاء ومشبوهين بالمئات مكشوفين للعامة والكثير غير مكشوف ولكن أجهزة الرصد لدى فصائل الثورة تعاملت من خلال معلومات لديها وكانت تأتيها أوامر التصفية من قيادة الخارج ... قد تكون أخطاء حدثت في التأكد والتتبع والاستعجال أو في التنفيذ وفى الأسلوب المستخدم.. كما أن اعداد الشهداء والمعتقلين من أبناء شعبنا المناضلين والثوار ومن يساندهم كانت تتزايد بشكل كبير.. ولكنها كانت مرحلة نضالية وانتهت بعجرها وبجرها وكان الكل الفلسطيني مشاركا فيها، وانتهت انتفاضة الحجارة وجاءت بعدها السلطة.. وقد اعتبر الرئيس الراحل الشهيد أبو عمار كل من قُتل في الانتفاضة من الاحتلال أو المقاومين شهيدا ويستلم أهله مخصص شهيد.. وتم احتواء هذه الحالة بشكل مبهر ورائع عندما رأينا سلوك شعبنا الراقى واحتضانه عائلات الأشخاص الذين أعدمتهم المقاومة.. وكفانا فخراً أن من أبنائهم من عمل فى صفوف المقاومة وأبدع وأصبح ذكره الطيب يغطى تماما على ذكر أبيه، وكأن شيئا لم يكن، بل إن منهم من عمل داخل الأذرع العسكرية، ومنهم من استشهد وقام بعمليات نوعية ضد الاحتلال الصهيوني.. وطالما أن المقاومة مستمرة ، يعنى أن الاحتلال سيقوم باستخدام كل ما في جعبته من أوراق من أجل اجتثاثها.. والمقاومة في غزة ازدادت عنفوانا وتقدمت فى أدائها وقدراتها وإمكانياتها، واستطاعت إرباك حسابات الاحتلال الصهيوني بل صنعت له هاجسا أمنيا ووجوديا وجعلته احتلالا مكلفا، وقد دفعته إلى الانسحاب من غزة تحت ضربات المقاومين.. وبالرغم من ذلك لم ينفك الاحتلال من محاولته لتجنيد عملاء جدد لضرب الحالة الوطنية واضعاف المقاومة..

وكما يعلم الجميع أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة خطيرة تستهدف تصفية الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين من خلال مؤامرة صفقة القرن وجريمة الضم لمساحات واسعة من الضفة الغربية.. وهذا يدفعنا جميعا نحو التوحد لمواجهة الخطر المحدق بنا جميعا ، وأي  محاولة لحرف الأنظار أو حرف البندقية عن مسارها الحقيقى وهو صدر الاحتلال الصهيوني أو أن ننشغل ببعضنا البعض يُعتبر ضوءا أخضرا للعدو الصهيوني ليمرر كل مخططاته التهويدية.. الآن ، من الخيانة العظمى أن ننشغل في فتح ملفات من قُتل من العملاء والمشبوهين ونحاسب ثوارا ومقاومين قضوا زهرات شبابهم فى السجون بسبب حمايتهم لشعبهم ووطنهم وقضيتهم.. كانت مرحلة وقد طُويت صفحتها، ولم تُدر باسم شخص أو فصيل بعينه.. إنّ فتح تلك الملفات يعني فتح أبواب جهنم على شعبنا وقضيتنا، ولن يقف الأمر عند حد انتفاضة الحجارة فإنه سيمتد إلى ما قبلها و ما بعد وإلى يومنا، ويا ويلنا، باب فتنة لن يغلق إلا ببحر من الدماء ... لذا من الضرورة الوطنية أن يتم الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه بالحديث عن تلك الملفات أو فتحها أو ملاحقتها أو تشويه لأفراد وعائلات ... ومن يعتقد أن من حقه الثأر لمقتل والده أو قريبه الذى أعدمته المقاومة قبل أكثر من ثلاثين عاما نتيجة استفزاز تعرض له او مدفوع بجهالةِ مَنْ حوله فإنه ينفذ أجندة الاحتلال من حيث يدري أو لا يدري ... وهو لن يريح المقتول فى قبره بل يرهقه بنبش الماضي الذى عفا عليه الزمن ونسيه الناس ... ويتعب أبناء شعبه المنكوب  بعبث غير محسوب وتنفيذ ما لم يستطع العدو الصهيوني تنفيذه.. ولنعلم جميعا أن الفتنة نائمة ملعون من يوقظها..

 

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".