شمس نيوز/ رام الله
تتوقع سلطة النقد انكماش الاقتصاد بنسبة تتراوح بين 5.2 و8.5% في 2020، بسبب تداعيات جائحة كورونا، وأزمة المقاصة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وجاء في تقرير سلطة النقد السنوي، أن الاقتصاد الفلسطيني تعرض في 2020 إلى مزيد من التحديات، على رأسها جائحة كورونا، وعليه "تتوقع سلطة النقد أن ينكمش الاقتصاد إلى ما بين 5.2% على الأقل حال عادت الأوضاع الطبيعية تدريجياً بعد احتواء الجائحة، ونحو 8.5% إذا كان التعافي أبطأ أو تم فرض قيود اضافية".
وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حالة طوارئ صحية لمدة 30 يوما مددت أربع مرات وما زالت سارية حتى الآن، ومع بداية حالة الطوارئ فرضت الحكومة إغلاقا كاملا للأنشطة الاقتصادية لمدة شهرين، رفعته جزئياً في نهاية أيار بعد احتواء الموجة الأولى من تفشي فيروس "كورونا".
لكن تفشي الجائحة توسع بشكل كبير منذ مطلع حزيران لتسجل فلسطين واحدا من أعلى معدلات الاصابات اليومية في العالم قياساً إلى عدد السكان بحسب منظمة الصحة العالمية.
وحتى صباح أمس، سجلت 16628 إصابة مؤكدة بالفيروس في الأراضي الفلسطينية، تعافى منها 7929 حالة، فيما سجلت 87 حالة وفاة.
وأدت القيود التي فرضتها الحكومة على الاقتصاد إلى تراجع حاد في إيراداتها من الجباية المحلية بنسبة تجاوزت 50%، ومع توقفها عن استلام عائدات المقاصة من الاحتلال الإسرائيلي، التي تشكل نحو 60% من الإجمالي، منذ أيار، فإن التراجع في الايرادات العامة وصل إلى 80%، وفقا لبيانات وزارة المالية.
وتوقفت السلطة عن استلام عائدات المقاصة منذ أعلن الرئيس عباس في 19 أيار أن السلطة "في حل من الاتفاقيات والتفاهمات مع إسرائيل" بما فيها التنسيق المدني والأمني.
والمقاصة هي ضرائب يدفعها الفلسطينيون على وراداتهم من الاحتلال الإسرائيلي أو عبرها، وتجبيها الحكومة الإسرائيلية نيابة عن السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق باريس الاقتصادي، وتحولها الى الخزينة الفلسطينية نهاية كل شهر بعد اقتطاع عمولة بنسبة 3 بالمئة.
وتسبب الأزمة المالية في عجز الحكومة عن تسديد التزاماتها، وبعد ستين يوما بدون رواتب خلال شهري أيار وحزيران، عادت لتصرف نصف راتب لموظفيها اعتباراً من مطلع تموز.
تباطؤ في 2019
وجاءت أزمتي كورونا والمقاصة هذا العام بعد أزمة مقاصة أخرى استمرت سبعة أشهر بين شباط وأيلول 2019.
وأظهر تقرير سلطة النقد، تدهوراً ملحوظاً في كافة مصادر إيرادات الخزينة العامة في 2019 "إذ استمر الانخفاض في إيرادات السلطة وتراجعت إيرادات المقاصة بسبب حجزها من قبل حكومة الاحتلال، كما انخفضت إيرادات الجباية المحلية، ما أدى الى تراجع الإيرادات العامة والمنح إلى 14 مليار شيكل (حوالي 4.1 مليار دولار) في 2019 بانخفاض 8.9% مقارنة بالعام 2018".
وبين التقرير تراجعاً حاداً في المنح والمساعدات الخارجية في 2019، للعام السادس على التوالي لتبلغ 1.7 مليار شيكل (496 مليون دولار) بانخفاض 27.6% عن العام 2018.
وفقا للتقرير فقد ارتفع الدين العام في نهاية 2019 بنحو 18% مقارنة بالعام السابق ليبلغ نحو 2.8 مليار دولار ما يعادل 16.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وجاء الارتفاع على خلفية أزمة إيرادات المقاصة.
وارتفع الدين المحلي في 2019 بنحو 17 بالمئة الى 1.6 مليار دولار، فيما ارتفع الدين الخارجي بنسبة 18 بالمئة خلال الفترة نفسها ليبلغ 1.2 مليار دولار.
تراجع الإنفاق
وأشار التقرير الى أن العام الماضي شهد انخفاضاً في الانفاق العام بنحو 2.9% مقارنة مع العام الذي سبقه ليبلع نحو 13.7% مليار شيكل ويعزى ذلك لانخفاض نفقات غير الأجور نتيجة لاتباع الحكومة سياسة تقنين الانفاق بسبب أزمة المقاصة وانخفاض الموارد المالية المتاحة.
ونوه التقرير الى ان الإنفاق الجاري وصافي الإقراض الفعلي انخفض خلال عام 2019 بنسبة طفيفة بلغت 0.9% مقارنة بالعام السابق لتبلغ نحم 13 مليار شيكل بينما ارتفع حجم الانفاق على بند الأجور والرواتب ليصل لنحو 6مليارات شيكل مرتفعا بنحو 0.5% مقارنة بالعام الذي سبقه.
النفقات التطويرية
وأوضح التقرير أن النفقات التطويرية الفعلية انخفضت بنسبة 29% خلال العام الماضي مقارنة مع العام الذي سبقه لتبلغ نحو 700 مليون شيكل مشكلة بذلك نحو 58.6% من المبالغ المستحقة ونحو 5.2% من النفقات العامة .
المتأخرات
وشهد العام الماضي ارتفاعاً ملحوظاً في حجم المتأخرات المترتبة على الحكومة نتيجة أزمة إيرادات المقاصة وتراجع الإيرادات المحلية الى جانب تراجع الدعم الخارجي وزيادة الالتزامات المترتبة عليها، إذ بلغ حجم المتأخرات نحو 1.7 مليار شيكل "478 مليون دولار" مقارنة بنحو 143 مليون دولار خلال العام الذي سبقه ليرتفع حجم المتأخرات المتراكمة على الحكومة حتى نهاية العام الماضي بنسبة 13.7% نحو 3.9 مليار دولار ما يعادل 22.9%من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال محافظ سلطة النقد عزام الشوا إن إصدار هذا التقرير يأتي في فترةٍ شهدت العديد من التطورات الاقتصادية والسياسية، كان من أبرزها على الصعيد المحلي أزمة إيرادات المقاصة مع الجانب الإسرائيلي، والتي كانت من بين الأسباب الرئيسية لتباطؤ وتيرة النمو، وانعكاساته على العديد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الاقتصاد الفلسطيني خلال عام 2019.
وأضاف "أظهر التقرير استمرار التباطؤ في نمو الاقتصاد الفلسطيني وتعمقه خلال العام 2019 ليبلغ 0.9% قياساً إلى نسبة بلغت 1.2% في العام 2018، وليرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (بأسعار العام 2015) إلى نحو 15.7 مليار دولار، مع تباين واضح في أداء اقتصاد كل من الضفة الغربية وقطاع غزة".
وأوضح أن نسبة النمو في الضفة الغربية تباطأت إلى 1.2% في عام 2019 مقارنة مع 2.3% في العام 2018، أما في قطاع غزة، وبالرغم من عدم تحقيق أي نمو يذكر خلال العام 2019، إلا أن ذلك يعتبر تحسناً بالقياس إلى العام السابق الذي انكمش فيه الاقتصاد بنسبة بلغت 3.5%.
التضخم
وبين أنه على مستوى الأسعار، فبعد الانكماش الذي حصل في العام 2018 بنحو 0.2%، عادت الأسعار للارتفاع من جديد في العام 2019 ليصل معدل التضخم في فلسطين إلى 1.6%. كما لا تزال البطالة تشكّل أبرز التحديات التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني، وخصوصاً في قطاع غزة، الذي ارتفعت فيه معدلات البطالة من 43.1% في العام 2018 إلى 45.1% في العام 2019، مقابل تراجعها في الضفة الغربية من 17.3% إلى 14.6% خلال نفس الفترة. وفي المحصلة، انخفض معدل البطالة على مستوى فلسطين من 26.2% عام 2018 إلى 25.3% عام 2019، والذي يعزى في جزء منه إلى تزايد أعداد العاملين الفلسطينيين في كيان الاحتلال الإسرائيلي.