شمس نيوز/ غزة
استكمالاً للحلقة الأولى التي حدثنا بها المختص الأمني محمد أبو شاويش، عن الاغتيال المعنوي، نواصل اليوم الحديث عن هذا الموضوع، وأثره على النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
يقول أبو شاويش في حديث خاص مع "شمس نيوز"، :"بطبيعة الحال ولما يمر به المجتمع الفلسطيني من احتكاكٍ وحالة صدام مستمر مع الاحتلال، فإن ذلك يضعه تحت الاستهداف المباشر وغير المباشر للعدو ولأدواته".
وأوضح أن "الاحتلال الإسرائيلي يستخدم هذا الأسلوب (الاغتيال المعنوي) للمقاومين عبر فبركة قصص لا أصل لها، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة لعدم قدرته على اغتيال القيادات أو المقاومين جسدياً خوفاً وخشيةً من رد المقاومة".
ونوه أبو شاويش إلى أن "وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت الاحتلال في ذلك، حيث أضحى كل مواطن عبارة عن مرسل ومستقبل لهذه القصص".
ونبه من خطورة أن يتم "تفخيخ الوئام المجتمعي، عبر هذه الوسائل، بدلاً من أن تكون وسائلَ للتواصل الاجتماعي".
ولفت إلى أنه "بدخول العشيرة للمشهد، أصبحنا نرى تطوراً في صورة الحدث، فأصبح الانتماء للعشيرة في بعض الأحداث سيدًا للموقف، ومن خلاله يعلو صوت التشنيع؛ والدعوة للقتل في بعض التصريحات".
وأضاف "ولأن الفطرة البشرية تحب الانتماء للجماعة، فإن الانتماء لجماعة يستدعي الدفاع عنها، مما يُفضى إلى لتمترس كل فريق خلف أفكاره ومهاجمة الطرف الآخر، فلم يعد التكفير والتخوين سمةً لطرفٍ دون آخر، فمن تكفير ديني إلى تخوين وطني إلى اتهام بالعمل لأجندات خارجية أو أهداف عميلة".
ونوه إلى أن "العدو يستغل حالة الانتماء للجماعة، ويقوم بإنشاء صفحات وهمية يبث من خلالها الإشاعات والأكاذيب حول هذا الحزب أو ذاك، وتلك الشخصية أو غيرها، مستغلًا حالة التفكير والانتماء الجمعي لصالح الحزب، دون الوطن".
ولفت أبو شاويش إلى أن "العدو لم يقم بإنشاء صفحات ذات توجه واحد، وإنما قام بصناعة العديد من الصفحات، فتجد تلك الصفحة مهتمة ومعنية بإفشاء أسرار هذا الحزب، بينما تقوم صفحات أخرى بتسليط الضوء على حزبٍ آخر، وللأسف لكلِّ من هذه الصفحات أنصارها ومتابعوها".
ووفق أبو شاويش "تدير هذه الصفحات مؤسسات بحثية كاملة، وفرق عمل متكاملة من شأنها البحث في كل صغيرة وكبيرة ليتم بثها عبر شبكة الانترنت لضمان وصولها إلى كافة شرائح المجتمع الفلسطيني".
وبيّن أن صفحة (المنسق) تعتبر الصفحة الرئيسية في نشر الأكاذيب والافتراءات والدعايات الرخيصة التي تستهدف الإساءة لقيادات النضال الفلسطيني.
وتابع يقول "يمكن القول بأن الانقسام شكَّل أرضاً خصبة، وكان سبباً في إذكاء وانتشار تلك الأفكار. كما أن دور هذه الصفحة تعدى ذكر التحسينات أو إعطاء صورة جميلة عن أفعال الكيان، بل يقوم ببث الشائعات، وتشويه الفكر، وكي الوعي الجمعي، ومحاولة الاتصال والتواصل مع مختلف الشرائح في المجتمع الفلسطيني".
واستطرد أبو شاويش يقول "لم يقتصر الأمر عند هذا الحد للأسف، فلم يعد يقتصر الاغتيال المعنوي على العدو وحده، بل قامت بعض الأحزاب بإنشاء صفحات تطعن في شرف الآخر، وتبرز الأخطاء والسقطات، وفي النتيجة والمحصلة النهائية يجد المواطن الفلسطيني نفسه أمام سيلٍ من الاتهامات لكل الأطراف الفلسطينية لتُظهر عدم الثقة والريبة بالكل الفلسطيني".
ومن الآثار الواضحة للاغتيال المعنوي على مجتمعنا الفلسطيني - كما يرى أبو شاويش- هو الزيادة في الانقسام المجتمعي، ولذلك نصح كل من تورط في هذا النوع من الاغتيال من أبناء شعبنا، بأن "هذا الأسلوب سهلٌ استعماله، وفي الوقت نفسه سهلٌ رده بشكلٍ معاكس"، منوهاً إلى كونه أسلوباً رخيصاً وآثاره في النهاية ستنعكس على المجتمع بأكمله، حيث سيظهر مجتمعاً ممزقاً فاقد الثقة في كل شيء حوله، وسيدفع الجميع ثمن هذه الأفعال التي لا تقتل شخصاً بعينه، بل تهدم وطناً، وتقتل قيماً، وتشوه تاريخاً، وتفقد ثقةً.
نواصل في الحلقة الثالثة..