شمس نيوز/ غزة
أكد القيادي بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أحمد المدلل، اليوم الخميس، أن العالم لازال يعيش حالة من التغيرات والأحداث التي تصنعها دول وأشخاص ومنظومات لا يعلمها إلا الله، وأحياناً تبدأ التغيرات بفعل فردي ثم تصبح ظاهرة، أو تبدأ في إطار المجموع، ثم يتفرد فيها شخص واحد.
وأعرب المدلل في تصريحٍ خاص ل"شمس نيوز"، عن أسفه لهذا العالم المتلاطم الأمواج، ففي حين أن هناك دول تعمل للحفاظ على قوتها وتماسكها مثل ماليزيا وإيران وتركيا والصين، في وجه محاولة التفرد والهيمنة التي تمثلها أمريكا و"إسرائيل" ودول أوروبية كثيرة، يُصر العرب أن يبقوا مفعولًا به، ولا تأثير لهم فى مجريات الأحداث في هذا العالم.
ونوه إلى أنه من الصعب التكهن بما ستؤول إليه الأمور نتيجة عوارض لم تكن فى الحسبان، مثل جائحة كورونا التى لا تزال لها التأثير الأكبر على سوسيولوجيا البشرية، وأثرت على كل شيء.
وأشار المدلل إلى أن جملة من التطورات الحاصلة، كإثارة الصين حفيظة أمريكا "المتفردة" بتقدمها الاقتصادي والتكنولوجي السريع، وظاهرة "الإسلاموفوبيا" وصناعة الرعب في أوروبا من الإسلام، والغزو الإسرائيلي للعالم العربي، وهذه المرة ليس بالحرب ولكن بالتطبيع، ناهيك عن الصراع المتحرك الدائر في الشرق الأوسط بين محورين أحدهما تمثله تركيا وإيران، ومعهما الشعوب الحرة ومقاومتها، والثاني تمثله أمريكا و "إسرائيل" وأنظمة عربية - للأسف-، إضافةً للانتخابات الأمريكية ومستقبل الولايات المتحدة الداخلي إذا فاز بايدن، ونفذ ترامب تهديداته بحرب أهلية تشهد انفصال ولايات عن الاتحاد الفيدرالي الأمريكي، موضحاً أن هذه عناوين كبيرة ستكون سبباً فى صنع واجهة العالم من جديد.
وتابع "من يجول بنظره ويربط الأحداث بعضها ببعض سيكتشف أن كل هذا سيكون له انعكاساته على المنطقة العربية والقضية الفلسطينية"، مشيراً إلى أن ما سميت بأحداث "الربيع العربي" أكدت لنا أن أي صراع كوني ستكون آثاره مدمرة على المنطقة العربية، وفي قلبها "إسرائيل" المستفيدة الوحيدة من هذه التغيرات الكونية، والصراعات التي تحدث، وهي التي تأسست لتكون حارسةً لمصالح أمريكا والإمبريالية العالمية في المنطقة إلى جانب القواعد العسكرية الأمريكية والغربية المنتشرة فى الشرق الأوسط، ومدى تحمّل الصين وروسيا وإيران التحدى الأمريكي إذا بقي ترامب يهدد ويلوح بعقوبات وحروب وهيمنة، وهو الذى يمتلك اليد الطولى في التغيرات الحاصلة في الشرق الأوسط من خلال "صفقة القرن" التي تريد أن تجعل كيان الاحتلال كياناً طبيعياً ومقبولاً من دول المنطقة. ولفت المدلل إلى أن ترامب نفسه يعمل جاهداً من أجل إنهاء عمل "الأونروا"، وإلغاء صفة اللاجئ الفلسطينى، ويسعى من أجل توطين الفلسطينيين في البلاد التي يتواجدون فيها وهذا متوقع أن يصبح واقعًا في كل لحظة حين يكون ضغط أمريكي جدي على الدول المانحة ومن ثَمّ حصر دولة فلسطين في قطاع غزة لتأخذ شكل الفاتيكان ليس بالشكل الديني، ولكن بحكم ذاتى بعيداً عن السيادة والعسكرة، وثروات العرب تُقسم محاصصة بين أمريكا والغرب و"إسرائيل" والأنظمة الحاكمة التي تحفظ أمن "إسرائيل"، منوهاً إلى أن ذلك كله ليس مستبعداً أن يحدث إذا بقيت الشعوب العربية على هذه الحال من الاستكانة والضعف، وفي ظل محاولات قوية لتدجينها وكي وعيها، وما نراه من اتساع رقعة النخب السياسية والثقافية والاقتصادية العربية التي تميل إلى المحور التطبيعي دليل على مستقبل المنطقة المتحور جيوسياسياً.
وبيّن أن الوقائع تقول إن فاز ترامب فى الانتخابات الأمريكية القادمة، سيقوم بإكمال مشروعه في الشرق الأوسط، وستتحرك بوصلته باتجاه الصين وإيران بافتعال صدام مباشر ثم يتحول إلى أمريكا اللاتينية لفرض هيمنة أمريكا من جديد على القارة الأمريكية، ولكن السؤال هنا حول الوضع الأمريكي الداخلي، وقد فشل ترامب فى مواجهة كورونا، وتخبط سياسته الاقتصادية، وتكريس العنصرية داخل المجتمع الأمريكي، وهناك ولايات لا تزال عند موقفها بالانفصال إن فاز ترامب وبقيت سياسته كما هي واستمرت سيطرة الإنجيليين واستحواذهم على الوظائف العليا والتحكم في السياسة الأمريكية يعني قد تذهب أمريكا إلى حرب داخلية تعيد بعثرة الأوراق كلها من جديد.
ويتوقع المدلل كذلك فوز ترامب، لأن "الملأ" وهم رجال المال والأعمال والإعلام والجنرالات وشركات الأسلحة واللوبي الصهيوني، هو الذي جاء به، وهو يريده لإنهاء المهمة التي لم تكتمل بعد، ولو فرضنا جدلاً أن القادم الى رئاسة البيت الأبيض بايدن فإنه لن يستطيع أن يُلغى شيئاً مما أحدثه ترامب من تغييرات حتى ولو اعترض الحزب الديمقراطي على سياسة ترامب، لن يسمحوا للصين بمزيد من التفوق الاقتصادي والتكنولوجي، لن يعملوا على إعادة السفارة الأمريكية إلى "تل أبيب"، ولن يعترضوا على التطبيع بين الاحتلال والأنظمة العربية، ولن يوقفوا النهم الأمريكى للهيمنة والسيطرة على ثروات ومقدرات العرب.