بقلم/ د. هاني العقاد
قد تكون الزيارة الاخيرة لمايك بومبيو وزير الخارجية الامريكي لإسرائيل ليبرهن اكثر من اي وقت مضي انه صديق اسرائيل الوفي , ويؤكد علي قوة العلاقة بين اسرائيل و واشنطن وان ادارة ترمب ماضية الي اخر يوم في تقديم ما هو في صالح اسرائيل وحدها بالمنطقة دون تردد, بل وتؤكد هذه الزيارة ان ادارة ترمب لم تغيير شيء من عقيدتها المنحازة لدولة الاحتلال والصهيونية حتي بعد خسارة ترمب ومغادرته البيت الابيض في اشارة الي ان الجمهورين هم الحزب الوفي والدائم لإسرائيل والداعم الحقيقي لسياستها ومصالحها بالمنطقة وبقائها الدولة الوحيدة القوية امنيا وعسكريا وسياسيا بالمنطقة ,لهذا عملت هذه الادارة منذ يومها الاول لتقديم كل دعم سياسي لإسرائيل وخاصة في مجال الصراع واختارت فريق ليبني صفقة سلام احادي اطلق عليها "صفقة القرن" لتصفية الصراع مع الفلسطينيين لصالح اسرائيل وحدها , ليس هذا فقط بل اختارت هذه الادارة الاستراتيجية المناسبة لتطبيق كل ما جاء في هذه الصفقة منذ اعلان ترمب القدس عاصمة للكيان وحتي قبل ان ينهي ترمب ولايته ويغادر إلي حيث لا رجعة علي الاقل لفترة أربع سنوات قادمة.
صخبة جدا بدأت بلقاء ثلاثي في القدس يجمع نتنياهو ووزير خارجية البحرين السيد عبد اللطيف الزياني ونتنياهو لتجسيد اتفاق التطبيع مع البحرين علي الطريق الامريكية التي تريد ان تدخل البحرين في موضوع القدس باعتبارها العاصمة الموحدة لإسرائيل ولهذا الاجتماع ابعاد مهمة ابرزها هذه اول الدول العربية التي تجلس علي طاولة ثلاثية في القدس وليس مكان اخر في اسرائيل دون ربط ذلك بحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي . الملفت للنظر ان بومبيو اراد خلال هذه الزيارة الصاخبة ان يجسد اعتراف ادارة ترمب بالضم الاسرائيلي للأرض الفلسطينية بالضفة الغربية المساة ( ج) وهي الخطوة الاولي لذلك وان الولايات المتحدة الان تدعم هذه الخطة اكثر من اي وقت مضي وعلي استعداد ان تعلن اعترافها بالسيادة الاسرائيلية علي كافة المستوطنات بالضفة الغربية كاعترافها السابق بالسيادة الاسرائيلية علي هضبة الجولان السوري المحتل الذي اعتبر اعتراف الولايات المتحدة بسيادة اسرائيل عليه اعتراف يحظى بأهمية تاريخية خاصة . ولعل المغزي العميق ل بومبيو لمستوطنة (بيساغعوت) في انها تعتبر في نظره ارض اسرائيلية تماما كالجولان والقدس و المعروف ان مستوطنة (بيساغوت) مقامة علي اراضي المواطنين في (تل طويل) شمال القدس والمطلة وتطل علي البيرة ورام الله التي وتقطع الاتصال الجغرافي المباشر بين رام الله والقدس . الخطير ان بومبيو اعلن إنه سيطلب من جميع المنتجين داخل المناطق التي تمارس فيها إسرائيل سلطات ذات صلة وسم البضائع باسم إسرائيل أو منتج إسرائيلي أو صنع في إسرائيل وذلك عند التصدير للولايات المتحدة. أكد بومبيو على أن التعليمات الجديدة في هذا الشأن تنطبق بشكل أساسي على المنطقة المصنفة (ج) وهي جزء من الضفة الغربية تسيطر عليها إسرائيل بالكامل وتسكنها غالبية من المستوطنين وهذا اوضح انتهاك للقانون الدولي واوضح سلوك امريكي اسرائيلي بعدم الالتزام بالمعاهدات والتفاهمات مع السلطة الفلسطينية عشية اعادة العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية .
من هناك من ارض المستوطنات والمغتصبات الصهيونية علي ارضنا الفلسطينية هاجم بومبيو حركة BDS الدولية التي تناهض الاحتلال الاسرائيلي من خلال حملة دولية لمقاطعة المنتجات الاسرائيلية القادمة من المستوطنات المقامة علي اراضي المواطنين الفلسطينيين واتهمها بانها منظمة معادية للسامية في اخطر اتهام وتزيف للحقيقة وان إدارة ترمب سوف تتخذ من الاجراءات ما يحد من عمل هذه المنظمة ويقيد حركة اعضائها ونشطائها في امريكا وخارجها وقصد من وراء الهجوم علي BDS تشويه عمل هذه المنظمة الحقوقية والمدافعة عن حقوق الانسان وسياسة التميز العنصري في فلسطين ومحاولة قمع واسكات كل الاصوات التي تنادي باحترام حقوق الانسان في المناطق المحتلة كما وتحاول توجيه الشارع الامريكي بعدم التعاطي مع مناشداتها وسياسات المنظمة المعادية لإسرائيل وبالتالي شراء منتجات المستوطنات الاسرائيلية التي سوف توسمها واشنطن بمنتجات صنعت في اسرائيل . ولعلي اعتبر ان هذه محاولة بائسة من بومبيو اراد من خلالها اضافة المزيد من الصخب لزيارته الاخيرة لدولة الاحتلال لان الجمهور الامريكي بات يعرف بالضبط ما هي المنتجات التي تصنع في المستوطنات وبات يميز بين منتجات المستوطنات وغيرها بل ان اسرائيل باتت اكثر قلقا خلال الفترة الاخيرة لنجاح عمل هذه المنظمة في مقاطة كل ما هو اسرائيلي حتي الجامعات بالمستوطنات علي الارض الفلسطينية .
نعم انها الزيارة الاخيرة لكنها اخطر زيارة يقوم بها مسؤول امريكي في ادارة ترمب لإسرائيل بالمطلق والصاخبة جدا من ناحية التصريحات المعادية للحقوق الفلسطينيين ومن ناحية الاصرار علي انتهاك الشرعية الدولية وبنود القانون الدولي الذي مازال بُعرف الارض الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس علي انها ارض محتلة تنطبق عليها اتفاقيات جنيف الرابعة, لم يكن يتصور احد ان يقدم بومبيو لإسرائيل اعتراف بسيادتها علي المستوطنات بالضفة الغربية قبل ان تكمل اسرائيل ضم المستوطنات ولم يكن احد يتصور خطورة تصريحاته بخصوص القدس التي اطلقها وهو علي ابواب القدس بانه لم يكن يتصور ان نقل السفارة الأمريكية الي القدس كان بهذه السهولة مع ان البعض حذر بان خطوة من هذا القبيل قد تشعل الحرب في المنطقة لكن هذه الخطوة جلبت السلام وافضت للتوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل وثلاث دول عربية كانت تعتبر إسرائيل عدو للعرب.