قائمة الموقع

بالصور سلمى النجار.. أول غزية تعمل في محطة وقود !

2020-11-25T16:21:00+02:00
سلمى النجار.jpg

شمس نيوز/ توفيق المصري

تصوير/ حسن الجدي

دخل أحد الزبائن إلى محطة للبترول في خان يونس جنوب قطاع غزة، للتزودِ بالوقود، ليتفاجأ بوقوف فتاة إلى جانب آلة التعبئة، قابلها بنظرة استغراب وعدة أسئلة تحوم في رأسه، إلا أن الشابة سلمى النجار استدركت الموقف وقطعت تفكيره بقولها: "أهلاً وسهلاً بكم.. تريد أن أزود سيارتك بالبنزين؟".

ما أنْ انتهت من تعبئة تلك السيارة حتى حضرت أخرى، لكن الموقف كان مختلفاً عن ذي قبل، سامرها السائق من خلف مقوده قائلاً لها بكل ترحيب وبابتسامة: "وفقك الله"، فتقبلت مزحة الرجل الذي يكبرها بحوالي خمسين عاماً، وردت: "بتشرفنا دائماً"، ثم تحرك وهي تدعو له بأن يسهل الله طريقه.

النجار، أرادت خوض تجربة العمل في محطة لتعبئة الوقود، لتتخطى قاعدة أن هذه المهنة للرجال لكون أن فيها اختلاط وأن العمل للمرأة في أماكن محددة؛ لتكون بذلك أول فتاة تخوض غمار هذه التجربة في قطاع غزة.

وتظهر الإحصائيات وجود فجوة واضحة في نسبة المشاركة بين النساء والرجال في سوق العمل خلال العامين 2015 و2019، فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 18% من مجمل النساء في سن العمل خلال العام 2019 وهي نفس النسبة للعام 2015، مع العلم أن نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة بلغت 70% للعام 2019 وهي نفس النسبة للعام 2015، بحسب ما أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عشية يوم المرأة العالمي بتاريخ 08/03/2020.

خوض التجربة

ذات يوم وخلال عملها بمجال الدعاية والإعلان لدى شركة للمحروقات في منطقة السطر الشرقي شمال خانيونس جنوب قطاع غزة، تسللت عين الفتاة سلمى النجار (15 عاماً) من نافذة مكتبها إلى عمال داخل محطة وقود، لتتأمل كل حركة لهم وتعامل مع الماكينة أو تصرف مع الزبائن.

قطع جولة التأمل تلك حديث داخلها يخبرها: "لم لا تجربي يا سلمى"، بدأت الفكرة تختمر في عقل سلمى، وراح تتمتم: "كيف ومن أين أبدأ مع أهلي أو صاحب العمل المحطة ليوافقوا"؟؛ وهي التي كانت منذ طفولتها تحب التعلم وترغب في تجربة أشياء جديدة.

كان على الفتاة النجار أن تبدأ بأسرتها، فهي الحضن الدافئ لها، ما دفعها لأن تستثمر دهاءها في عرض فكرتها حتى يقبلوا الأمر بحكم أننا مجتمع عربي يشدد على عمل المرأة في بعض القطاعات خصوصاً المختلطة.

دخلت على والديها وشقيقاتها الثلاث وأخيها، بعد عودتها من العمل، وبدأت بعرض نماذج لعمل المرأة داخل المجتمع، منها الممرضة والمحامية والمهندسة، فمررت بين السطور: "ماذا لو عملت في تزويد السيارات بالوقود كما يعملن الممرضات والمحاميات والمهندسات مع -الجنس الآخر- الكبار في السن والرجال والشباب؟"، حتى تتخطى حاجز الأهالي بالعادات والتقاليد ونظرة المجتمع.

الرد وفق توقعاتها، تسرد لـ"شمس نيوز"، "إنَّ أهم شيء كان بالنسبة لها هو دعم أهلها "فوالدي وإخوتي دعموني، وقالوا لي نحن معك وندعمك ونشجعك.. ولو كنت سأضع العادات والتقاليد أمامي ما كنت لأعمل فيما أطمح تجربته".

تخطي الحواجز

بنصف فرحة وأمل، انطلقت مسرعة صباح اليوم التالي، وبخطوة تسبق أخرى، بغية الحصول على ورقة الموافقة الأخيرة لتنزل ميدان العمل كأول ممتهنة لتزويد السيارات بالوقود في قطاع غزة.

وفجأة غلبها التردد، ثم تشجعت، وسط حديث دائر مع نفسها: "يا سلمى لابد أن تعرضي الموضوع"، حتى تحقق ذلك بعرض الفكرة على القبطان، كما تصفه.

عمو محمد الأغا "أبو عيسى": ما رأيك بأن أعمل مزودة بنزين في محطتكم؟

يرد القبطان: لك الحق في التعايش والعمل في مجالات مختلفة كما الرجل تماماً، وليس لديَّ مانعٌ بأن تحققي أحلامك، وأن تتعلمي وتخالطي الناس وتكسري حاجز الخوف.

أدخل الفرحة إلى قلبها بتشجيعه وتحفيزه إياها، كما تقول، لكونه أخبرها أيضاً بأنه سيضع بين يديها أساسيات العمل، الذي تهدف من خلاله إلى إضافة تجربة جديدة، ولتثبت للعالم وخصوصاً الفلسطينيين بأن المرأة تستطيع أن تعمل فيما تريد بغض النظر عن طبيعته "في محطة وقود مثلاً وغيرها من المهن التي كانت حكراً على الرجال".

جاء اليوم التالي، لكنّ سلمى ليست كما السابق، فبعد نزولها في أول يوم عمل تزود المركبات بالوقود، باتت تتلقى ردات فعل الجمهور وهم يجدون شابة تقوم بالتعبئة، الذي انقسم لقسمين (قسم مع عمل المرأة في محطة وقود، وقسم ضد ذلك)، وكان لزاماً عليها أن تتقبل كل الأفعال ووجهات النظر والتصرف بحكمة بحسب وصفة القبطان.

يجرها الإرهاق نحو المنزل نهاية كل يوم، وتبدأ مرحلة جديدة بالدراسة، لكونها تدرس الثانوية، وتداوم مدرسياً 3 أيام أسبوعياً (الأحد والثلاثاء والخميس)، فيما ستنزع ثوب الدارسة في الأيام المتبقية لتكون على رأس عملها في تزويد السيارات بالوقود.

 


















 

اخبار ذات صلة