غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الرقص على قبور الأموات

f60a8635-9931-479c-8bac-99d57dd3f2bd.jpg
بقلم: أ. جبريل أبو كميل

كأن الأحياء بين صفوفهم أصبحوا أمواتًا، لا يشعرون بظلمهم بل يتلذذون على قتلهم لتكون الخيانة لهم عنوانًا، هذا هو الحال الذي يقف عليه الموظف ووكيله المستوصي بأمره فرضًا وبهتانًا.

حالٌ يلخص ظروف موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، وما أوصلهم إليه الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، حيث تسيطر الأخيرة على القطاع عسكريًا وإداريًا منذ سنين عجاف، فيما يصرُ الموظفون المهمشون ذاتهم لإبداء الولاء والطاعة لمؤسساتهم وقياداتهم بكل حبٍّ دون كلل أو ملل من حالة اليأس والتفرقة والحرمان، في مقابل ذلك يستفيقون على صدمة قاسية جاءت بخير دليل مثبت على الوصي الذي باع حلمهم، بل قتل حبهم لكل شيء دون شيء، وتحت حجج لا ذنب لهم فيها.

إذاً لا منطق يبرئ قائد باع موظف تجزأ راتبه فنام على جوع واستفاق على ظمأ بينما  "قدوته"  استفرد بنقل راتبه على غير محافظة تضمن له الحق في الحصول على راتب كاملٍ، ظنًا منه أنه سيحصل على الراحة، لكنه نسي أن ذلك فيه ظلمًا للمعذبين الحالمين بسترة العيش بعرقهم وإخلاصهم، وما استطاعوا إليه سبيلا..  

ليشبه حالهم قوله تعالي "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا".. إلى جانب الوجع الكبير في حكايا الموظفين وحالهم الميؤوس بفعل ظلم ذوي القربى، تنتشر قصص الكثيرين من بين أقرانهم في غزة التي ينتشر الحزن بين أحيائها المنكوبة فالعامل والطالب والموظف مع القائد المتقاعد كلهم متشابهين أمام مواجهة الألم والحاجة في سبيل العيش بكرامة الإنسان في زمن النسيان.

وأمام كل نافذة أمل يعلو منها صوت التقارب بين الفرقاء يرقص الأموات طربًا بحديث يتناغم مع أوتارهم المبتورة بفعل زمن أفقدهم متعة حياة لبثوا فيها خمسة عشر عاماً، تبدل فيها كل شيء وهم في سبات عميق وكأنهم يظنون أنه خير جاء بهم إلى البيت العتيق، ليحق القول القديم بوصفهم من شعر العصر الجاهلي "لطرفة بن العبد" بقوله: وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً عليَّ من وقع الحسام المهند.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".