قلم: أ. أدهم الشرقاوي
كانت الأم تريزا تزور مصنعاً في الهند ، فلفت انتباهها عامل في زاوية من زوايا المصنع ينشد الأهازيج وتعلو محياه علامات السعادة ، فاقتربت منه فإذا هو يجمع البراغي ويضعها في علب خاصة شأنه شأن بعض رفاقه بالقرب منه ، فزاد هذا الأمر استغرابها
فسألته : ماذا تفعل؟
فقال : أنا أصنع طائرات!
فقالت له باستغراب : طائرات؟
فقال : أجل سيدتي طائرات ، هذه الطلبية لشركة تصنيع طائرات ، والطائرات العملاقة التي تركبينها لا يمكن أن تطير دون هذه البراغي الصغيرة!
نظرتنا لأنفسنا هي التي تحدد قيمتنا في الحياة! فرق كبير بين من يرى نفسه جامع البراغي في علب وبين من يرى نفسه شریکا في صنع الطائرة!
فرق كبير بين من لا يرى من وظيفته إلا الأجر الذي يجنيه وبين من يرى الأثر الذي يتركه!
كل عمل مهما كان بسيطاً يترك أثرا في هذا العالم ، تحتاج فقط أن تنظر إلى هذا الأثر!
أنت لست مجرد کناس للطريق أنت شخص يجمل وجه مدينة!
أنت لست مجرد نجار أنت إنسان يحمي البيوت من الشمس والريح!
أنت لست مجرد خیاط أنت تهب الناس لمسة أناقة!
أنت لست مجرد خطيب على المنبر أنت تُعبّد طريق الناس إلى الله!
أنت لست مجرد مدرس صبيان أنت صانع رجال!
أنت لست مجرد مهندس وصانع جسور أنت منشئ الوصل بين الناس!
أنت لست مجرد طبيب أنت مخفف آلام!
أنتِ لست مجرد ربة أسرة أنت أهم شخص في العالم ، أنتِ بأمر الله واهية هذا الكوكب قاطنيه ، أنتِ أول مرب وأهم مرب فليس هناك صناعة أعظم من صناعة الإنسان!
الذي لا يرى من عمله إلا الأجر الذي يتقاضاه فقط هو إنسان أعمى لا يری!
هناك أثر يجب ألا يغيب عن بالنا ، وهو الذي يجعل العمل رسالة ، ويهب الإنسان قيمته ، وقيمة الإنسان الحقيقية هي بالطريقة التي ينظر بها إلى نفسه لا بالطريقة التي ينظر بها إليه الآخرون ، لا أحد يستطيع إذلالك ما لم تكن أنت تشعر بالإذلال في داخلك فعلاً ، ولا أحد يستطيع رفع قيمتك ، ما لم تكن أنت تشعر بقيمة نفسك!