سببت المقاومة الفلسطينية للعدو الإسرائيلي صداعاً حقيقاً مع إعلانها تنفيذ مناورة عسكرية بعنوان "الركن الشديد"، وهو الأمر الذي دفع الصحافة الإسرائيلية لتسليط الضوء على تلك المناورة النوعية على صعيد مشاركة جميع الأذرع العسكرية، وعلى صعيد الجرأة في الإعلان، والوسائل المستخدمة مثل إطلاق صواريخ تجاه البحر.
الإعلام العبري تابع التصريحات الإعلامية الصادرة عن قيادة فصائل المقاومة عن كثب ولم يترك شاردة ولا واردة إلا وأتى عليها بالتحليل والتدقيق والتمحيص، مع إشارتهم في الوقتِ ذاته إلى أنَّ المناورة تحمل رسائل عدة.
مفاجآت جديدة
الناطق باسم لجان المقاومة محمد البريم "أبو مجاهد"، أكد أن المناورة العسكرية المشتركة لفصائل المقاومة في قطاع غزة، تحمل مفاجآت جديدة ورسائل عديدة للداخل الفلسطيني وللعدو الصهيوني.
وأضاف أبو مجاهد، في تصريحات صحافية، أن المناورة تأتي في إطار تطور الغرفة المشتركة في أدائها وأسلوبها ونمطها وآليات العمل فيها، وصولًا إلى الجهد الكبير في المناورة المرتقبة.
وتابع أبو مجاهد بالقول: "إن المناورة تحمل رسالة طمأنة لأبناء شعبنا في كل اماكن تواجدهم بأن المقاومة لن تخطأ بوصلتها فهي موحدة في الميدان وعلى مستوى القيادة".
ويرى مختص عسكري وآخر سياسي أنَّ اهتمام الإعلام العبري بالمناورة يأتي من ناحيتين الأولى تتعلق بالتوقيت، والثانية مشاركة جميع الأذرع العسكرية في المناورة النوعية.
دفاعية بامتياز
الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو يرى أن الاهتمام الكبير من قبل الاعلام العبري بهذه المناورة يعكس مدى اهتمام الأذرع العسكرية والسياسية والأمنية لدى الاحتلال فيها، لاسيما أنها المناورة الأولى من نوعها التي تحدث بشكل علني، وتشارك فيها جميع الأذرع العسكرية.
ويضيف عبدو أنَّ اللافت في الأمر بالنسبة للإسرائيليين هو أنَّ المقاومة تقوم بشكل متواصل بالمناورات في إطار التدريبات والجهوزية لعناصرها، ولكن في أماكن محددة وغير معلنة.
وذكر عبدو يعمل الاحتلال بشكل متواصل على مراقبة المقاومة وتطورها في الأداء العسكري، مشيراً إلى أن مراقبة العدو للمقاومة ومحاولة الوقوف على كافة تفاصيلها نابع من حالة الاشتباك الدائم والمستمر، مستدركًا بالقول "المقاومة أيضًا تراقب تدريباته وعملياته وهي في حالة استعداد دائم للتصدي لأي عدوان".
ويتابع عبدو "أنَّ المناورة دفاعية بامتياز، وتهدف لفحص الجهوزية للتصدي لعمليات توغل إسرائيلي، وكذلك التصدي لعمليات الإنزال البحري والجوي، وإفشال تلك العمليات بشكل تام من خلال كمائن مُحْكَمة، بالإضافة إلى النظر كيف ستتمكن المقاومة من استخدام الوسائل القتالية المناسبة لأي سيناريو متوقع".
واعتبر عبدو أن اتاحة القائمين على مناورة "الركن الشديد" لوسائل الإعلام بالتغطية أمر في غاية الأهمية، متوقعاً أن تسمح المقاومة بتغطية الجزء اليسير مما تملكه المقاومة من إمكانيات واسرار عسكرية".
ومضى يقول "المناورة نخبوية على صعيد المعدات والأساليب المستخدمة، مع الإشارة إلى أنها لا تضم كل القدرات القتالية للأجنحة العسكرية، إذ قد تشهد مشاركة أعدادٍ محدودة، بينما تكون باقي الفرق على جهوزية عالية خشية من أي حماقة إسرائيلية".
واستبعد عبدو أن يقوم الاحتلال بالاعتداء على المناورة أو المشاركين فيها لعدة أسباب أهمها؛ علمه وتيقنه بأن المقاومة جاهزة للتعامل مع أي حماقة يرتكبها، إلى جانب أنَّ الوضع الداخلي خاصة بعد حل الكنيست والتوجه لانتخابات رابعة سترهق المستوى السياسي الإسرائيلي".
رسالة للعدو والصديق
من ناحيته، يرى المختص بالشأن العسكري للمقاومة الفلسطينية رامي أبو زبيدة "أنَّ مناورة الركن الشديد تحمل العديد من الرسائل المهمة الموجهة للداخل والخارج، إذ تحمل رسائل طمأنه للجبهة الداخلية، ورسائل قوة إلى للعدو الإسرائيلي".
وقال أبو زبيدة في حديث مع "شمس نيوز": "مناورة الركن الشديد ليس طرحًا عسكريًا جديدًا ولا مجرد استعرض قوة وجهوزية المقاومة، المقاومة تريد من خلالها إرسال عدة رسائل لا سيما في ظل استمرار تدريبات الاحتلال ومناوراته على كافة الجبهات وتصاعد وتيرة تهديداته لقطاع غزة"، لافتًا إلى أن إحدى هذه الرسائل أن المقاومة برجالها وقدراتها وإمكانياتها ووحدتها ما زالت حاضرة ومتأهبة للدفاع عن شعبنا".
ويتابع "المناورة دفاعية بامتياز وتهدف لرفع الجهوزية للرد على أي عدوان مقبل على قطاع غزة"، مشيراً إلى انَّ المناورة مهمة من ناحية التوقيت والدلالة.
جيش الاحتلال يراقب
وعن تسليط الإعلام العبري أضوائه على المناورة، قال: "ليس الإعلام العبري فحسب بل توليها مختلف المؤسسات لدى الاحتلال أهمية كبيرة لما تظهره من وحدة العمل المقاوم، وهي الرسالة التي ارادت المقاومة ارسالها إلى قادة العدو الإسرائيلي، أنَّ في قطاع غزة مقاومة راشدة وحكيمة وموحدة وتقاتل على قلب رجلٍ واحد".
وأشار إلى أنَّ ما يزعج الاحتلال هو وحدة الميدان المقاوم في قطاع غزة، ووجود الغرفة المشتركة التي تنسق المواقف، وترتب الأوراق، وتحكم الميدان، وتضع الخطط.
وتابع: "ما ستظهره المقاومة بالتأكيد سيكون نوعيا، بالتالي سيؤثر على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وعلى قادة الاحتلال لذلك هم يحسبون لهذا الأمر ألف حساب".
ومنذ الإعلان الرسمي من قبل الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة عن البدء بتجهيزات ميدانية كبيرة لمناورة "الركن الشديد" المرتقبة، شهدت أجواء قطاع غزة تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية بمختلف أنواعها وأشكالها.
المختص بالشأن العسكري زبيدة أشار إلى أن طائرات الرصد والمتابعة التي أطلقها العدو في الأجواء تعمل على رصد ومتابعة قدرات وتحركات المقاومة وتحضيراتها لهذه المناورة الأولى من نوعها، ورصد ما سيجري على الأرض وإلى أي مدى من التطورات وصلت قدرة المقاومة وما هي التكتيكات الدفاعية التي ستستخدمها، لافتًا إلى أن سماء قطاع غزة لا تكاد تخلو من طائرات الاستطلاع طيلة الوقت.
واستدرك أبو زبيدة حديثه "المقاومة لن تعطي العدو الصهيوني من خلال هذه المناورة أي شيء جديد يمكن من خلاله بناء تصورات المعركة الهجومية ولن تفصح عن أسلحة جديدة، وإنما هي ارادت من وراء المناورة التأكيد أنها مستعدة ومتأهبة وتحظى بظهير شعبي قوي، وأنها قادرة للرد على أي عدوان إسرائيلي مقبل".