شارك سياسيون وكتاب وفنانون ووجهاء في مهرجان "شهيد القدس" إحياءً للذكرى الأولى لاستشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني.
وقال منسق اللجنة التحضيرية العليا للمهرجان الثقافي الوطني "شهيد القدس" محمد الحسني، إن "المهرجان أوصل رسالة عزٍ وفخارٍ ووفاءٍ من فلسطين إلى روح الشهيد قاسم سليماني، الذي أحب فلسطين وأحبته فلسطين".
وأوضح الحسني أنَّ إحياء ذكرى الشهيد قاسم سليماني في فلسطين يأتي من باب الوفاء للرجل الذي قدم الكثير لأجل القضية الفلسطينية، مشيرًاً إلى أنَ سليماني لم يبخل على القضية الفلسطينية لا بالجهد ولا بالتخطيط ولا بالدعم ولا بالإسناد ولا بالمناصرة.
شهيد فلسطين
عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" د. محمود الزهار أنَّ قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني لم يتخلف لحظة عن دعم المقاومين في فلسطين، على أساس أنهم يدافعون عن ثوابت الأمة.
وأوضح الدكتور الزهار في كلمة عوائل الشهداء خلال المهرجان أنَّ الشهيد الجنرال لم يكن يميز في دعم دولته بين أصحاب المذاهب في الإسلام، مشيراً إلى أن سليماني كان أول من دعم حكومة المقاومة في غزة بالمال؛ لدفع الرواتب وإعانة الأسر الفقيرة وعوائل الشهداء.
وأشار إلى أنَّ الجنرال سليماني استشهد في العراق لأنه يؤمن أن أرض المسمين لا تحدها حدود، ولا تمنع تواصلها سدود، وقدم العطاء الكبير للمبعدين الفلسطينيين المقاومين في مرج الزهور.
وقال الزهار: "الشهيد سليماني حمل سلاحه إلى ما أمكنه من الأرض الإسلامية حتى قضى فيها، كانت العراق هي وطنه يجاهد فيه للتخلص من مجرمي كل عصر من الصهاينة الأمريكان، والصهاينة اليهود، والصهاينة العرب الذين باعوا أرض إسلامية".
وأضاف: "لقد جسدت روح الشهيد قاسم، كما جسدت كل أرواح الشهداء من أجل فلسطين في الماضي والحاضر هذه المعاني الإنسانية الإسلامية الخالدة، فحملنا نحن رجال المقاومة في فلسطين، وفي كل أرض إسلامية عقيدتنا في قلوبنا خالصة من كل زيف، وحملتها أرواح شهدائنا بكل إباء وشمم، وجسدتها سواعد المقاومة التي تقبض على سلاح التحرير من هذه الفصائل الباسلة ومن الشعوب، وتحملنا مقدساتنا على الأرض الإسلامية مسؤولية تحريرها".
وتابع: "نحن وشرفاء أمتنا من أمثال الشهيد قاسم والشهيد أحمد ياسين والشهيد فتحي الشقاقي وكوكبة من الشهداء الذين رحلوا وتركوا لنا إرثاً من الجهاد والعطاء والتضحيات، التي لا يمكن أن نفرط في جزء منها".
وبيَّن أنَّ الجنرال سليماني قتل على يد أعتى المجرمين، قائلاً: " الذي قتله صهيوني مسيحي، وعدو لله ولرسوله، وعدو للإسلام والمسلمين وموالي لليهود، وعدو لشعبه وللسلام العالمي".
وزاد الزهار: "في ذكرى استشهاد الحج قاسم سليماني مؤسس وقائد فيلق القدس نجتمع اليوم كما في كل يوم لنجدد عهدنا ان يتحقق أمل ورجاء الشهيد صاحب الذكرى، أمل وشهداء فلسطين وكل أرض إسلامية أمنوا بوعد الآخرة في دورة حضارية إنسانية جديدة ومتجددة".
وقال ممتدحاً القائد سليماني "الشهيد الحاج قاسم سليماني، رجل من الرجال الذين آمنوا بالثوابت الإسلامية الراسخة، ومن اجل الحفاظ عليها قدم روحه من اجل القدس".
وأضاف: "قل لي من قتلك يا قاسم سليماني.. أقل لك من أنت، قتلك يا قاسم دونالد ترامب، الذي لفظه شعبه، واهانه وحقره، فطردوه شرد طردة، الذي قتلك هو الذي نهب أموال العرب الأغبياء، وحاصر الفقراء، واذل أعناق الملوك والرؤساء، وأنكر حقيقة الوباء فأصابه الله به".
قاسم سليماني وفلسطين
قال خالد البطش عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، إن القضية الفلسطينية شكلت مصدر الهام وعشق للفريق الشهيد قاسم سليماني وللثورة الإسلامية بإيران.
وأكدّ البطش في كلمته خلال المهرجان الثقافي الوطني لإحياء الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد سليماني، أن الشهيد " اهتم بالمقاتل وحاجاته التدريبية وبأدق التفاصيل".
وأوضح أن الشهيد سليماني "ساهم في تنظيم الهياكل والتشكيلات العسكرية على امتداد قطاع غزة من كل الفصائل، فخرج المئات بل الآلاف من المجاهدين لتلقّي التدريب على كل فنون القتال واختصاصاتها، وعاد الجميع بعلمٍ جديد ومهارة قتالية أفضل".
وأضاف: "لا يلتفت إلى الخلف فلم يبخل في تقديم ما تحتاج إليه ميادين القتال على ارض فلسطين من الطلقة إلى البندقية إلى المدفع و بكل الأنواع المتاحة".
وأكدّ أن كل " ما كان يفعله الفريق سليماني لصالح فلسطين كان ينسجم مع كون فلسطين قضية الامة المركزية فترجم شعارات الثورة في ايران الى فعل على الارض بدعم المقاومة فى فلسطين وتزويدها بالسلاح".
وتابع البطش: " سليماني صاحب مشروع وهو قاسم مشترك بين مختلف الشركاء بمحور المقاومة وتجاوز بذلك اختلاف اللغات والمذاهب والعرقيات والايدولوجيات".
وشددّ على أن "استشهاد القائد لا يعني موت المشروع فالشهيد يحيي الملايين واستهداف القادة الشهداء يدلل على صوابية النهج واستقامة المسار وجدية المعركة والامثلة كثيرة على سيرورة المقاومة في فلسطين ولبنان".
وفي غضون ذلك، بين ّ البطش أن "انشاء محور المقاومة كان استجابة طبيعية لظروف المرحلة ومواجهة التحديات ورافعة لتحرير فلسطين بعد سنوات من الهزيمة والتراجع".
وذكر أن " وحدة الجبهات كانت هدفا للحج قاسم واخوانه من قادة المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وغيرها من الساحات واغتيال الحج قاسم تم لمنع وحدة الجبهات ووحدة المعركة ضد الكيان الصهيوني".
وأكمل يقول: "اذا كان اليساريون في العالم يفتخرون بتشي جيفارا وشافيز فان من حق المقاومة بفلسطين ان تفتخر بمن دعمها في العدو الصهيوني".
وأكدّ أن القائد أذل "امريكا بالتصدي لمشروعها في المنطقة واذلوها أيضا بعد استشهادهم عندما دمرت صواريخ الحج قاسم قاعدة عين الاسد حيث ولأول مرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تقصف القواعد الامريكية علنا وكسر هيبتها على طريق إخراجها من المنطقة".
ودعا البطش "قادة جيوش الامة الى الاقتداء بالفريق سليماني فلو ان كل جيش عربي شكل لواء عسكري من اجل دعم القضية ومقاومتها اسوة بايران لتغير شكل الصراع مع العدو الصهيوني".
ولفت إلى أن "التهديد الامريكي يفقد قيمته مع تزايد نظرية الحصار للجيش الامريكي واستهداف قوافل امداد قواته هناك".
وحثّ البطش المقاومة العراقية على ضرورة استمرار حصار قوافل الامداد والدعم الامريكي بالعراق فالسيادة للعراقيين وللأحرار فيه وليس للأمريكان وعملائهم.
وفي المقابل، أشار البطش إلى الدول التي تلهث خلف التطبيع وطعن القضية، قائلا: "بتنا نشعر احيانا ان التطبيع يأتي كمكافاة لإسرائيل وامريكا لتصفية القضية الفلسطينية واستهداف محور المقاومة واضعافه".
وأضاف: " فلسطين مهما تخلى عنها البعض ستبقى قضية الامة وسببا لوحدة الامة وتحديد عدوها من حليفها".
وشددّ البطش على أن "وحدة المعركة ووحدة العدو تفرض على الجميع استكمال اهم خطوة فيه وهي وحدة المعركة وتقاطع البنادق بين مكونات محور المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني ومشروع تصفية القضية الفلسطينية".
وذكر البطش أن "إسرائيل هي شريكة بالجريمة ويجب ان تدفع ثمن ذلك"، مشيرا إلى أن هذا العدو المدعوم من قوى الاستكبار وعلى راسهم أمريكا يستهدفنا جميعا كافة وهذا بدوره يدفعنا نحو وحدة العمل المقاوم للمشروع الاستكباري.
تربينا على حبِ فلسطين
وجهت زينب قاسم سليماني رسالة إلى الشعب الفلسطيني، وذلك في كلمة لها خلال المهرجان الثقافي الوطني "شهيد القدس" المقام في غزة.
وقالت سليماني، إنه "لشرف كبير لي أن أتوجَّه إليكم اليوم بهذه الرسالة، وأن أقف أمامكم كواحدة منكم، كفتاة مؤمنة ومحبةٍ لفلسطين، وابنةِ شهيدٍ قضى حياته والقدسُ سرٌّه وحبُّه، والعمل من أجلها رسالتُه، ثم ختم مسيرتها شهيداً على درب تحريرها بإذن الله".
وأكملت كريمة قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، بالقول :ابتدئ رسالتي إليكم بآيةٍ لطالما واكبت أبي في حياته، وكانت ولا زالت تواكبنا كأسرة له في حياتنا معه وبعد شهادته، وهي قولهُ تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ.(سورة الفتح الآية ٢٩)".
وأضافت سليماني " لقد كان رسولُ الله وأصحابُه "أشدّاءُ على الكفّار رُحماءُ بينهم"، وهي الصفة التي شهدتُ بنفسي وعائلتي كيف أنها طبعت شخصيةَ والدي الحبيب، الذي جمع ما بين الشدّةَ مع العدو والرّحمةَ مع المجتمع الإسلامي.
وأشارت سليماني إلى، أن والدها الشهيد كان صِدّيقًا في شخصيته، مضيفًة "الصّدّيق كما كان يعلمنا والدي هو الإنسان الذي يتطابقُ سلوكُه مع عقيدته، وقد شاهدنا ذلك عيانًا في قلب عائلتنا التي وضع فيها أبي الحاجّ قاسم سرّه وروحه، وهكذا كانت القدس وفلسطين حاضرةً في كل تفاصيل حياتنا، ولم تكن فقط شعارًا له على مِنبر الخطابةِ ورصاصةً في بندقيةِ جهادِه بل كانت تربيةً ومنهجاً وعشقاً لنا داخل الأسرة".
وتابعت بالقول: لقد ربّانا الشهيد على معرفة العدو، وأدَّبنا على حبِّ فلسطين وعشق القبلة الأولى في بيت المقدس، وعبَّر عن ذلك من خلال مسيرته الجهاديّة التي تجاوزت وحطّمت الحدود المصطنعة ولحمَت الأعراقَ ووحّدت القوميّات، فكانت في بيتِنا صور الشهداء من إيران وفلسطين ولبنان والعراق واليمن وسورية وغيرها".
وأضافت "كانت أسماء الشهداء العظماء، كالشيخ أحمد ياسين وفتحي الشقاقي والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وأبو علي مصطفى وأبو جهاد الوزير وجهاد جبريل وعمر أبو شريعة وغيرهم من شهداء فلسطين مما لا يسع المقام لذكرهم جميعًا، هؤلاء الشهداء الذين كانت أسمائهم تدورُ كالنجوم حول صورةِ واسم شمسِ المستضعفين وحامل قضية فلسطين الإمام روح الله الخميني (قُدِّسَ سرُّه) الذي يفتخر أبي في وصيته أنَّه عاش في بصيرته، وتولّى خليفةَ مدرسته القائد الحكيم الإمام الخامنئي (دام ظله)، وهما اللذان راهَنا - مِن مُنطلقِ العقيدة - على الشعوب الإسلامية والمستضعفة، لاسيّما على المجاهدين، بأملٍ يقينيّ أنّ تحرير فلسطين وانتصار المستضعفين هو حقّ ويقين، مهما تكالب الأعداء، ورغم الصفقات الخاسرة والتطبيع الذليل".
ورددت سليماني في ختام رسالتها "ألا لعنة الله على كل من أغلَقَ في وجهِكم طُرُق الإمداد وشاركَ الصهاينة جِناياتهم، وألا لعنة الله على أميركا رأس الظلم العالمي، وعلى كلّ ظالمٍ دافعَ ولا يزال، وحمى ولا يزال هذا الكيان المُجرِم".
وتابعات "رحِم الله شهداءَ فلسطين وشهيدِ قُدسِها الحاج قاسم والشهيد المُهندس ومن عرَجَ معهما وسائر شهداء محور المقاومة، وتحيّة لمجاهدي الفصائل الفلسطينية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
لمسة وفاء
أشاد الفنان التشكيلي فايز الحسني مدير عام مؤسسة رواسي فلسطين للثقافة والفنون والإعلام بمناقب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال الشهيد قاسم سليماني.
وأوضح الحسني في كلمة النخب والمثقفين خلال فعاليات المهرجان الوطني الثقافي (شهيد القدس) أنَّ القائد الثائر قاسم سليماني كَرَسَ حياته حتى تاريخ استشهاده من أجل تحرير قدسنا الحبيب من دنس الاحتلال.
وقال الحسني: "لقد كانت القدس ساكنة في قلبه وعقله، ولم يتوانَ للحظة أو يتقاعس عن نصرتها ودعم المجاهدين بكل ما أوتي من قوة في سبيل تحريرها".
وأشار إلى انَّ سليماني أرسى قواعد القوة في جوانب الفكر والثقافة والإعلام والفن، فكانت مقاومة شاملة وحاضرة في كل الميادين.
وأضاف: "إنه لمقام صعب، أن نقف اليوم في السنوية الأولى لشهيد القدس الشهيد القائد الفريق قاسم سليماني لنتذكر ونعدد مناقبه الإنسانية، والثقافية والجهادية في الحقيقة لم يتسن لنا أن نميز جانب من جوانب هذه المناقب، والتي يحتاج تسطيرها لمجلدات ضخمة حتى لا نبخس حق هذا القائد ورفاقه ولو قيد أنملة".
وتابع: "إننا في فلسطين نعي معنى الوفاء فنحن أهلٌ له ومن هنا ومن منطلق واجبنا الأخلاقي، نحن المثقفون والفنانون والنخب والكُتاب نقدم لمسة وفاء لروح هذا القائد الثائر الذي كرس حياته حتى تاريخ استشهاده من أجل تحرير قدسنا الحبيب من دنس الاحتلال".
ولفت إلى أنَّ "كل من عرف وصاحب الشهيد يؤكد حجم إنسانيته ونبله وثقافته الدينية والجهادية العالية، والذي ينظر من خلالها إلى وحدة الأمة الإسلامية كلها تحت قيادة واحدة لتحرير القدس دون التعصب لاي مذهب من المذاهب أو عرق من الأعراق"، مستدركاً: "هذا هو شهيد القدس قاسم سليماني".
وتابع: "من فلسطين من ارض الشهداء من ارض الجهاد والرباط من غزة الرُكن الشديد نترحم على روح الشهيد ونتقدم لعائلته القوية الصابرة المحتسبة، بالعزاء والعرفان، ونحيي رفاقه وشعبه وقيادته الاصيلة التي لم تتخلَّ عنا رغم وقوف قوى الشر في العالم ضدها".
وتقدم الحسني بالشكر والتقدير والاجلال للجمهورية لدعمها المتواصل لشعبنا الفلسطيني المجاهد من أجل تحرير أرضه ومقدساته، داعياً أحرار العالم إلى حمل لواء القدس وفلسطين لاستقرار السلام الابراهيمي الحقيقي الخالي من المجرمين الصهاينة وأعوانهم .
واختتم حديثه، قائلاً: "في ختام كلمتنا نوجه رسالتنا لأعداء الأمة الإسلامية بأنه وإن استشهد القائد قاسم سليماني فإن الأرض ستنبت ألف قاسم فإما النصر أو الشهادة".
وتخلل مهرجان إجياء ذكرى استشهاد سليماني الأولى عرض فيلم وثائقي، واوبريت إنشادي، وفقرةٍ شعرية، ورسم لوحة فنية تحمل صورة الشهيد قاسم سليماني.