قائمة الموقع

خبر كليات القمة.. وأكذوبة التعليم العربي

2015-01-08T14:11:20+02:00

تواجهنا حقيقة متناقضة، هي أن التعليم أصبح أكبر العراقيل في وجه الذكاء والحرية الفكرية.. برتراند راسل

الجميع يعاني من الأخطاء التي تـُرتَكب في حق التعليم، سواءًا أكانت هذه الأخطاء ترتبط بالنظام التعليمي، أم بالمناهج الدراسية، أو بالمعلمين أنفسهم.. أو حتى بالطلاب! الجميع يتحمل مسئولية تدهور النظام التعليمي العربي، لكن ربما لم يتأخر الوقت من أجل إعادة الإصلاح.

لذا إذا كنا فعليًا سنبدأ بالإصلاح علينا أولًا مصارحة أنفسنا بالحقيقة وهي أننا لم نؤدي الجهد المطلوب بل اكتفينا بالشجب والبرير.

إذا كنت تبحث عن تبريرٍ لفشلك أو ضعف أدائك التعليمي، فحاول الإتسام ببعض الحيادية أثناء قراءة هذا المقال، فهذه الأخطاء التالية هي التي أدت بنا إلي مسارات التخلف، وهي أيضًا التي علينا البدء في الإعتراف بوجودها قبل البدء في توفير حلولٍ عملية من أجل القضاء عليها.

أكذوبة التربية السليمة

جميع الأطفال يولدون عباقرة بلا استثناء، هكذا يتحدث دائمًا العلماء. لكن الحكمة تكمن في الحفاظ علي هذه السمة من خلال التربية السليمة التي تساعد على تنمية مهارات الأطفال بدلًا من كبتها.

لكن الواقع الذي يحدث من الأغلبية هو عكس ذلك، فنحن بدلًا من زيادة الوعي الفضولي لدى الأطفال الذي بالطبع يُشكل عاملًا هامًا بناء سمات العبقرية، نقوم بمحاربتهم وأمرهم بالصمت! كما يقول “نيل ديجراس تايسون” :نحن نقضي السنة الأولى من حياة الطفل نعلمه المشي والكلام، ثم نأمره بقية حياته أن يصمت ويجلس. أمرٌ ما ليس على ما يرام هنا!”.

إذا كنت تودّ أن يصبح طفلك عالمًا وعبقريًا، قم بمساعدته على التحليّ مبكرًا بصفات العباقرة بدلًا من كبت جماح فضوله وجعله قالبًا يمكن لأي شخص أن يشكله كيفما يشاء.

أكذوبة المنهج الدراسيّ

العلم يتطور في كل لحظة. بالتأكيد أثناء قراءتك لهذا المقال قد توصل العلم الى اكتشافاتٍ حديثة. المحزن في هذا الأمر أن نظام المنهج الدراسي لا يتتبع أي تطور يصل اليه العلماء، بل الأدهى أن المنهج الدراسيّ يحتوي على أخطاء علمية بالفعل!

ربما يرجع أسباب تخلف المناهج الدراسية أو عدم مواكبتها للتطور العلمي، الى القائمين على وضع المناهج. فهم في الغالب أشخاصٌ غير مطلعين على أحدث ما توصل اليه العلم في تخصصاتهم، بل هم شخصياتٌ على الطراز الروتينيّ القديم الذي لا يجيد سوى اتباع الروتين بحذافيره.

المنهج بالنسبة لهؤلاء مجموعة من المعلومات التي يتم كتابتها  وفق نمطٍ محدد بقواعد معينة سواء أكانت هذه المعلومات صحيحة أم تم اثبات خطؤها بالفعل.

كذلك من أسباب ضعف المناهج الدراسية هم المعلمّين وهذا يجعلنا ننتقل الى الحديث عنهم.

أكذوبة المعلم القدوة

شوقي يقول، وما درى بمصيبتي .. قم للمعلم وفه التبجيلا!

المعلّم الآن أصبح أقرب الى الحِرفيّ الذي يسعى الى تشكيل قالبٍ معين. نعم هذا القالب هو الطلاب بالطبع. على المعلم فقط أن يقوم بقراءة الكتاب المدرسيّ مع بعضٍ من الكتب الأخرى ثم يقوم ب”صبّ” هذه المعلومات داخل عقول الطلاب!

لا يهم الطريقة التي يتم بها ذلك، لا يهم صحة أو خطأ المعلومات، لا يهم هل هذا هو النظام الأمثل الذي يفيد الطلاب! إذا كان هذا حال المعلمين، إذًا كيف تتوقع أن يكون سلوك الطلاب!

بل بالعكس، في الكثير من الأحيان ترى الطلاب يتسمون بصفات الإحترام والوقار والتنظيم في حين أن معلميهم يفتقدون هذه الصفات وهو ما حدث معي بالفعل أثناء أحد الندوات التعليمية!

وحينما صرحت بهذا الإعتراف أصبحت بمثابة عدوٍ للمعلمين ومحط سخطهم وسخريتهم! وعليك أن تتخيل كمّ الإتهامات التي حصلت عليها! ثم بالنهاية يتساءلون جميعًا لماذا يبدو التعليم في الوطن هكذا؟! حسنَا حاول التفكير في إجابة ملائمة لهذا السؤال .

أكذوبة كليات القمة!

هناك العديد من الرغبات التي يمتلكها الطلاب من أجل مستقبلهم، هناك من يرغب بدراسة الطب، ومن يرغب بدراسة الهندسة، ومن يرغب بدراسة الإقتصاد… المشكلة تكمن في الشروط الغريبة التي ينبغي الحصول عليها من أجل دراسة ما ترغب به.!

بدلًا من تنمية مهارات الطلاب منذ الصغر في المجالات التي يرغبون بها، يحاول النظام التعليمي منعهم من الإبداع عن طريق وضع نظام تعليمي مُـسـتَـغرب الشروط! عليك فقط الحصول على درجاتٍ في موادٍ لا تمثل ما ترغب به من قريبٍ أو بعيد.

هذا الشرط سيبدو ملائمًا وجيدًا إذا كانت الدرجات في المواد المرتبطة بالمجال الذي أرغب بدراسته! لماذا يجب عليك الحصول علي الدرجات النهائية في مادة الخط العربي من أجل الدراسة في كلية الطب؟!

وبالرغم من هذه الشروط، إلا أن هذا أصبح واقعًا علينا التعامل معه. بدلًا من أن تدرس ما ترغب به وفق طريقتك، عليك الآن أن تدرس ما ترغب به وفق الطريقة المفروضة عليك! عليك أن تحارب.

لم تحصل على الدرجات الكافية من أجل دراسة الهندسة؟ حسنًا هذا الخطأ منك وحدك فقط! القواعد أنت تعلمها بالفعل، من أجل الدراسة بكلية القمة عليك أن تجتهد من أجل الحصول على مجموعٍ يؤهلك للدراسة.

بدلًا من الإجتهاد أنت تكتفي بالشجب والندب وتعليق عدم اجتهادك على الظروف والنظام التعليمي! كن على قدرٍ من الشجاعة للإعتراف بأنك لا تودّ الإجتهاد! أنت فقط تودّ قضاء حياتك في نعيم الكسل باحثًا عن أي ظرفٍ تعلق عليه “فشلك”.

لم تستطع الحصول على الدرجات الكافية؟ حسنًا تعلم ما تريده من خلال الإنترنت! أرأيت لا يوجد ما يمنع حصولك على ما تريده، فقط قم بأداء الخطوة الأولى.

ما دمنا نمنيّ أنفسنا بأن هذه الطريقة الصحيحة للتعليم، بالتأكيد سنظل كما نحن. العالم يتقدم ويخترق ميادين العلم ويغزو الفضاء ونحن نجلس على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي نخبر بعضنا أن التعليم بحاجة الى التطور. ربما حينما نبدأ بأنفسنا، سيبدأ الآخرون من حولنا بالتغيير.

الكاتب: سعد لطفي

اخبار ذات صلة