كَثُرَ في الآونة الأخيرة وفق تصريحات لمسؤولين من حركتي فتح ٍوحماس الحديث عن نيتهما دخول الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة، وهو ما فاجأ جميع المراقبين، إذ تأتي تلك الإشارات بعد انقسامٍ دام حوالي 15 عاماً.
فكرة خوض حركتي فتح وحماس الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة، لاقتْ ترحيباً وانتقادٍ من قبل مراقبين ومسؤولين سياسيين، كما أثارت تلك المفاجأة السياسية كثيرٍ من التساؤلات المنطقية منها، هل وجود مثل تلك القائمة لفتح وحماس يؤثر في نزاهة الانتخابات أو يتعارض مع أسسها؟، أو يحرم فئات أخرى من ممارسة الديمقراطية؟ وهل هذه الفكرة مجدية سياسيًا؟ وما عوامل نجاح تلك القائمة في التخلص من الانقسام؟
ومن المقرر أن يصدر الرئيس محمود عباس مراسيم الانتخابات في موعد أقصاه 20 كانون الثاني/يناير الجاري، يتبعها حوار بين الفصائل حول العملية الانتخابية.
تشير التسريبات التي أعقبت لقاء قيادات فتح وحماس الأخير في العاصمة اسطنبول، إلى أن الحركتين تتجهان نحو خوض الانتخابات القادمة، في قائمة مشتركة تضم مرشحين من الفصيلين الأكبرين.
تسريبات رجّحت مصداقيتها التسجيل الصوتي المنسوب للرجل الثاني في حركة حماس صالح العاروري، والذي يشرح فيه أهمية دخول الحركتين في قائمة متفق عليها دون حاجة للتنافس، ودون خوف من الفشل.
وأعقب هذا التسجيل، تصريح آخر أدلى به رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الاثنين، خلال حوار أجراه مع الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، والذي أشار فيه إلى أن حماس وفتح تفكران بخوض الانتخابات بقائمة مشتركة.
محاصصة مرفوضة
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، يرى أن الحديث عن توافق فتح وحماس لإجراء الانتخابات التشريعية ضمن قائمة مشتركة، هو اتفاق على توزيع المحاصصة بين الحركتين، وإهمال الجانب الديمقراطي الصحيح.
وذكر عوكل في حديث لــ "شمس نيوز"، أن ما يهم المواطن في الوقت الحالي هو اتفاق فتح وحماس على موعد الانتخابات، وأن تتم عملية الشراكة بدءا من المجلس التشريعي مرورًا بالمواقع الانتخابية الأخرى، وأنْ يجد المواطن نفسه وقد انتهى من الانقسام بأي طريقة.
عوكل: القائمة المشتركة تعني الاتفاق على توزيع المحاصصة بين الحركتين
وشدد عوكل، على أن هذا الوقت لا يتطلب ملاحظات نقدية لموقف حركتي حماس وفتح من خوض الانتخابات، إذ أنَّ المواطنين ينتظرون إجراء العملية الانتخابية الديمقراطية منذ سنوات عدة.
وأكد على أن اتفاق فتح وحماس على خوص الانتخابات بقائمة مشتركة، إن تم بالفعل، فسيكون مؤشر على بداية انهاء الانقسام الفلسطيني، لكن هذه الخطوة لا تكفي للمصالحة التامة، وإنما نحتاج إلى إنهاء وقائع ومؤشرات والمؤسسات التي تكرس الانقسام.
وذكر أن خوضي حركتي فتح وحماس للانتخابات التشريعي، لا يحقق الشراكة المطلوبة عمليًا، وإنما يحقق قدر من التوافق بين الحركتين في الهيمنة على العمل السياسي، بينما ستكون هناك قوى أخرى خارج الإطار السياسي، بالنظر إلى قوة القائمة الموحدة التي هي في أساسها محاصصة.
ليست وصفة سحرية لإنهاء الانقسام
من جهته، رجّح الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن طرح خوض حركتي فتح وحماس الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة، كان في السابق، عندما كانت تطرح حماس قضية التزامن بين انتخابات التشريعي والوطني، وهنا الأمر اختلف، ومع ذلك ربما يختلف الأمر فيما يتعلق بتشكيل القائمة المشتركة.
الصواف: تشكيل قائمة مشتركة لا يعني التخلص من الانقسام الفلسطينيين
ويرى الصواف في حديثه لـ"شمس نيوز" أن تشكيل قائمة مشتركة لا يعني التخلص من الانقسام الفلسطينيين، وإنما هي محاولة من رئيس السلطة محمود عباس لتحقيق رغبة البقاء في سدة الحكم، مستدركا: " قد تكون حماس فعلا تسعى ما يشكل حالة من التوافق الوطني حول اجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة، من أجل الانتهاء بالمصالحة والوحدة الوطنية.
وأشار إلى أن تحقيق المصالحة التامة مرتبطة بكيف يمكن أن يصل الطرفان (فتح وحماس)، خلال المفاوضات المقبلة حول هذه المسألة.
"استهبال سياسي" أم الخيار الأمثل!
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني أنَّ خيار القائمة المشتركة بين حركتي فتح وحماس، أثار جدلاً في الحالة الفلسطينية، فهناك من انتقده، ورأى فيه أمه يمثل حالة استهبال سياسي على الشعب الفلسطيني، وهروب من تداعيات المرحلة، بينما يرى آخرون أن هذا الخيار هو الأمثل.
الدجني: أفضل طريقة لتحقيق ذلك هو دمج بين الشرعية التمثيلية والتوافقية بين أكبر فصيلين سياسيين
وذكر أن الحالة الفلسطينية في ظل التحديات الراهنة وبعد أربعة عشر عاماً من الانقسام الأفقي والرأسي في النظام السياسي الفلسطيني، ومع انطلاق قطار التطبيع فإن الانتخابات ينبغي أن تقوم على أسس جديدة تنسجم والمرحلة الراهنة تقوم على المشاركة لا المغالبة.
وأشار الدجني إلى أنَّ أفضل طريقة لتحقيق ذلك هو دمج بين الشرعية التمثيلية والتوافقية بين أكبر فصيلين سياسيين، وأنا مع هذا التوجه، فالمرحلة تتطلب برنامجًا سياسيًا يهدف بالدرجة الأساسية الحفاظ على مشروعنا الوطني، وإغلاق الباب أمام فرض أي قيادة تأتي عبر البراشوت الأمريكي.
تضر بمشروع المقاومة
ورأى عضو المكتب السياسي لحركة (حماس) د. محمود الزهار أنَّ خوض حركتي "فتح" و"حماس" الانتخابات التشريعي بـ"قائمة المشتركة" تضر بمشروع المُقاومة، كون هناك تناقض كبير بين حماس وفتح بالبرامج، متسائلاً: على أي برنامجٍ سنتفق؟!
وقال الزهار في حديثٍ لـ"شمس نيوز": "أي اتفاق شراكة يكون على برنامج، وبعد ذلك تأتي تفصيلات كثيرة مثل الاتفاق على النسب والآليات والشخصيات، ولكنْ ما هو حاصل بين حركتي فتح وحماس وهو تناقض جذري في البرامج وليس اختلاف في التكتيك، والتناقض يكمن في اربع نقاط أساسية، وهي الأرض، والانسان، المقدسات، والعقيدة".
الزهار: القائمة المشتركة تضر بحركة حماس بسبب اختلاف البرامج بشكل جذري
وأضاف الزهار: "هناك اختلاف كبير بين برنامج السلطة وبرنامج حركة (حماس)، بالنسبة للنقطة الأولى هناك اختلاف بشأن الأرض، إذ أنَّ الأرض بالنسبة لنا هي الأرض المحتلة عام 1948، بينما حركة فتح ترى أنها الأرض المحتلة عام 1967، والنقطة الثانية الإنسان، إذ أنَّ السلطة ترى أن الفلسطينيين هم من يقطنْ غزة والضفة، بينما حماس ترى أن الفلسطينيين هم كل أبناء غزة والضفة والداخل المحتل واللاجئين وفي الشتات".
وتابع: النقطة الثالثة تتمثل في الاختلاف على المقدسات، عند السلطة الآن القدس مثلاً هي القدس الشرقية، بينما حماس لا تفرق بين غربية وشرقية، والاختلاف الرابع يتجلى في العقيدة، إذ ان فتح تنسق أمنياً مع الاحتلال وهو مخالف للدين الإسلامي بنص قرآني، إذ يقول تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم".
وأشار إلى أنَّ الشعب الفلسطيني اختار حماس في انتخابات البلديات عام 2005، والمجلس التشريعي 2006، بناءً على برنامجها وليس لشيءٍ آخر، قائلاً: "الناس اختارت حماس لأنها كانت مشروع مقاومة، ولأنها كانت تمثل البرنامج القادر على مواجهة إسرائيل، وليس لأن عيوننا زرقاء".
الزهار: دخول حماس القائمة المشتركة قد يجعلها عرضة لاشتراطات الرباعية الدولية
ولفت إلى انَّ تداعيات سلبية قد تلحق بمشروع حماس إذا دخلتْ قائمة موحدة، في ظل أنَّ السلطة تمارس التعاون الأمني وتقيم علاقة مع العدو الصهيوني، كون التعاون الأمني موجه ضد المقاومة، مستدركاً "إذ كنا في قائمة موحدة واستمر التعاون الأمني سيتم اعتقال كل المقاومين، أو التبليغ عنهم، لذلك قبل الحديث عن الآليات نريد ان يقولوا لنا ما هو المشروع؟ وما هي ملامح تلك الشراكة؟ حتى نقول رأينا".
وأشار إلى انَّ دخول حماس القائمة المشتركة قد يجعلها عرضة لاشتراطات الرباعية الدولية التي تتمثل بالاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب والاعتراف بالاتفاقيات الدولية الموقعة من السلطة الوطنية الفلسطينية، متسائلاً: هل ستوافق تلك الجهات لحماس أن تدخل في برنامجها أو جزء من برنامجها، وهل سيسحموا بوضع حماس لبرنامجها ورؤيتها على الطاولة؟!
تقاسم للسلطة
وتساءل عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية الغول مُوجهًا حديثه إلى حركتي فتح وحماس "هناك حديث حول إمكانية تشكيل قائمة انتخابية واحدة من الطرفين ومن يمكن أن يوافق معهما من القوى، عدا عن صدور مواقف من شخصيات قيادية رحبت بهذا الأمر الذي جرى بحثه في بعض البلدان العربية، هذا الأمر يشي بأن هناك إمكانية للتوافق بين الطرفين، وفي هذه الحالة لا تعود الانتخابات الديمقراطية التي يجري الحديث حولها هي الهدف، وإنما الهدف من وراء ذلك إذا ما حصل هو الاتفاق على تقاسم السلطة والنظام السياسي الفلسطيني".
الغول: القائمة الموحدة بين "فتح وحماس" تكريس لتقاسم السلطة بينهما