قائمة الموقع

خبر الصقيع يخطف أطفال غزة.. ولا حياة لمن تنادي

2015-01-10T11:18:38+02:00

شمس نيوز / عبدالله عبيد

في منزل قوامه غرفة واحدة، لا تقي من أشعة الشمس، ولا تحجز عنهم برد الشتاء، تعيش عائلة اللحام المكونة من ستة أفراد، فتلك الغرفة لا نوافذ لها، تمنع هبات الصقيع، ولا سقف يستر ابناء الأسرة من زخات المطر.

هذه العائلة المكلومة التي تقطن في منطقة القرارة شمال مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، فقدت صباح اليوم العاشر من يناير، طفلها الرضيع "عادل" الذي لم يكمل شهره الأول، بعد تجمده جراء الأجواء شديدة البرودة التي تضرب القطاع منذ يومين، كما أعلنت مصادر طبية يوم السبت"

"عادل" ابن الثلاثين يوماً، لم ترحمه هبات الصقيع التي اخترقت جسده الضعيف، بعد أن نفذت من مسام البيت المتضرر بفعل الصواريخ الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ليكن الضحية الثانية للبرد الشديد خلال 24 ساعة، بعد أن توفت يوم أمس الرضيعة رهف أبو عاصي (4 شهور)، من سكان بلدة الزنة شرق خان يونس، جراء البرد الشديد الذي عانت منه في منزل عائلتها الذي دمر في العدوان الإسرائيلي.

وفي قطاع غزة، آلاف البيوت التي دمرت جراء الحرب العسكرية على قطاع غزة، وشُّردت عائلاتها، فمنهم من يقطن في مراكز إيواء ومنهم يعيش داخل "كرفانات"، وآخرون في خيام صنعوها أمام بيوتهم المدمرة، واستقبلوا المنخفض الجوي بتلك الحالة، ليرفعوا أياديهم إلى رب السماء، بأن يرحمهم برحمته، بعد أن خذلهم المسؤولون.

وتمر الأراضي الفلسطينية بحالة جوية غير مستقرة منذ أيام، حيث تتأثر بمنخفض جوي عميق يتخلله أمطار غزيرة وأجواء شديدة البرودة.

مات متجمداً

لم يكن بيد ماهر اللحام (34 عاماً) والد الطفل "عادل"، حيلة لإنقاذ ابنه الذي كان يرتجف من شدة البرد، كيف لا وهذا البرد لم يقدر على تحمله الرجل الكبير، ليقول: أنا رجل كبير ما قدرت أنام ساعتين في الليل من شدة البرد، فكيف هذا الطفل الرضيع؟". ليبدأ بالبكاء على فقدان طفله الذي انتظره بشغف بعد ابنتيه "رواء ورنين"، ويصبر على ما أصابه من مصيبة، بالقول: هذا قضاء الله وقدره".

وتعيش أسرة اللحام المكلومة في بيت نوافذه من "نايلون" وسقفه من "الزينقو"، وجدرانه متشققة بسبب شظايا صواريخ الاحتلال، كما وصف لنا الأب حاله، ليضيف: مياه الشتاء كانت تهطل بغزارة في البيت، وهبات الرياح الشديدة كانت تدخل من كل مكان، فكل هذه الأمور كانت كفيلة بأن يموت "عادل" متجمداً.

وحمّل اللحام مسؤولية وفاة ابنه لكل مسؤول، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية. ويتابع بالقول: وفاة عادل في رقبة كل مسؤول عنا، كل مسؤول ما رضي يبني بيتنا، كل مسؤول ترك غزة تعيش تحت الظلم".

صدمة كبيرة

لم يقدر هذا الأب على إكمال الحديث من شدة الآلام التي يعانيها، فوفاة طفله كانت صدمة كبيرة له، خصوصاً وأنه لم يستطع مساعدته في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها، لتكمل زوجته الحديث: شفت عادل متجمد من الصبح ومش عارفة أعمله أي شيء، فحكيت مع أبوه ولفيناه بحرامات وأبوه عمل المستحيل إنه يساعده، لكن قدّر الله أن يفارقنا".

وتضيف والدة الطفل اللحام لـ"شمس نيوز": لو عنا منزل منيح كان ما صار فينا هيك، بس أبوه ما بيشتغل، والدار حالتها على الله، لا شباك ولا سقف، الشتا بينزل علينا في كل شتوية، حتى احنا راح نتجمد، مش بس عادل".

دمعات تلك الأم الثكلى تسقط كما زخات المطر على خديها، فمن شدة بكائها لم يكن واضحاً صوتها وهي تعبر عن مأساتها التي عاشتها في تك اللحظات، فالآن هي تجهز لوداع فلذة كبدها "عادل"، لتدعو له بالرحمة والمغفرة، وأن يكون شفيعاً لها ولعائلتها يوم القيامة.

"عادل اللحام" ضحية أخرى في قطاع غزة، فكُثر هم الضحايا في القطاع المحاصر، بين من يقضي نحبه محروقا، وآخر متجمدا..فإلى متى ستبقى غزة وأهلها ينزفون بينما آخرون في أبراجهم العاجية لا يعانون شمسا ولا زمهريرا.

 

اخبار ذات صلة