شمس نيوز/غزة
في الوقت الذي يمر به الشعب الفلسطيني بأزمات اقتصادية متتالية وأوضاع اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه، يواصل الاحتلال الإسرائيلي سرقة مقدراته وموارده الطبيعية، فهذه الحقوق الفلسطينية تكفي لإنعاش اقتصاده لعدة سنوات قادمة بل ولتحقيق رفاهية لهذا الشعب المضطهد، ولكن يبقى السؤال هنا: هل فعلاً دافع الفلسطينيون عن انتزاع حقوقهم بالشكل المطلوب محلياً ودولياً؟
كما هو معلوم فإن هناك كميات تقدر بالمليارات من الصخر الزيتي والبترول والغاز في فلسطين، وهنا يكثف الاحتلال بحثه في أماكن مختلفة لعله يجد آباراً أخرى، في المقابل طرحت السلطة الفلسطينية متأخرة كثيراً عطاءً العام الماضي ، ولكنها ألغته لعدم مناسبة العطاءات لشروطها.
يقول المحاضر بالجغرافيا والهندسة بجامعة بيرزيت عبد الله حرز الله لـ " فلسطين": "هناك أبحاث ودراسات أجريت على الأرض منذ عهد الانتداب البريطاني ثم في عهد الأردن، إضافة إلى "إسرائيل" في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي"، مشيراً إلى إكمال البحث في التسعينيات وبداية عام 2000م في قلقيلية وغرب رام الله، وبعدها في جنين وغربها".
ويتابع : " اكتشف حديثاً حقل يحتوي على موارد هيدروكربونية وغاز يقدر بحوالي 2.5 مليار برميل"، مشيراً إلى إعلان شركة هولندية في الشهور الأخيرة بعد إعادة تقييم المخزون الاحتياطي أنه يحتوي على 3.5 مليارات برميل من البترول.
ويواصل الحديث عن كميات الغاز في هذا الحقل بأنه يضم نحو 182 مليار قدم مكعب من الغاز وهذا الحقل يمتد من رأس العين غرباً إلى الحدود الشرقية لنابلس، والخط الواصل بين قلقيلية ونابلس إلى وسط محافظة رام الله.
وهنا يوضح طرق الاحتلال بالسرقة، بالقول : "يقوم الإسرائيليون بسحب البترول من هذا الحقل من خلال إنشاء ثلاث آبار جميعها على حدود الخط الأخضر في منطقة الداخل المحتل عام 1948م، وهذه الآبار موجودة على حدود الضفة وجزء منها يمتد بشكل أفقي كي يتم سحب (سرقة) البترول من تحت الأرض من داخل الحقل الفلسطيني"، مقدراً المبلغ المالي من كمية المخزون النفطي في الحقل بنحو 3،5 مليارات دولار حسب سعر النفط العالمي، داعياً الفلسطينيين للمبادرة بانتزاع حقوقهم، مؤكداً دعمه لمبادرة السلطة بطرح عطاء للتنقيب عن البترول.
ولدى سؤاله عن أفضل الطرق للمطالبة بها وانتزاعها من الاحتلال، يشير إلى أن هناك طريقة تلزم الاحتلال بذلك كما فعل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في عام 2000م بخصوص حقل الغاز قبالة سواحل قطاع غزة بإتمام شراكة مع البريطانيين فلا تستطيع "إسرائيل" الاعتداء عليه لعدم تضرر مصالحها وتبقيه حتى اليوم دون استخدام منها أو من السلطة.
وأضاف: "نحن نتحدث عن مليارات تحدث تنمية لفلسطين وللمنطقة إذا قاموا باستغلال الموارد وترتيب البيت الداخلي وفق قانون ونظام يحددان كيفية استغلالها، موضحاً: "بإبعاد الفوضى والفساد يمكن استغلاله بشكل اقتصادي قادر على بناء دولة فلسطينية"، لافتاً إلى صعوبة الظروف السياسية الحالية مقارنة بعهد الرئيس الراحل".
وإن تم هذا الأمر – وفق ما يبينه حرز الله – فإنه يعمل على تقوية المقاومة أيضاً بكافة أشكالها في وجه الاحتلال ويحقق رفاهية للشعب الفلسطيني ويعطي صورة مشرقة عن الفلسطينيين.
استغلال الموارد
ويعتمد ذلك – كما يواصل الخبير بالجغرافيا والهندسة – على كيفية استغلال الموارد وفق قانون يحدد طريقة استثماره ومجالات صرفها من خلال إنشاء بنية تحتية تدعم صمود المجتمع الفلسطيني.
وقال: "نحن بحاجة إلى سياسات تنموية حقيقية أكثر من توجهات عامة كي يتم تحديد آفاق ومجالات الاستثمار لهذه الموارد"، مضيفاً: " السلطة طرحت عطاء في مايو 2014م تم فتحه في آخر العام، لكنها وجدت أن العروض المقدمة غير مقنعة، فقامت قبل أسبوعين بإعادة طرح العطاء من جديد".
وتابع: "أوصت اللجنة بجلب مستثمرين دوليين لتقوية القطاع الخاص الفلسطيني، حتى يقوم بهذه الصناعات ويخلق فرص عمل لأن جزءاً كبيراً من هذه الموارد في داخل الحدود الفلسطينية".
وتُشير تقديرات في وزارة المالية الفلسطينية برام الله إلى أن ديون الحكومة الفلسطينية تجاوزت 2.36 مليار دولار، بما يُعادل 73% من إجمالي قيمة الموازنة العامة المُقدرة بـ 3.6 مليارات دولار.
وكان مجلس الوزراء الفلسطيني برام الله وافق بقراره الصادر بتاريخ 4 آذار/مارس 2014 على طرح العطاء من قبل وزارة الاقتصاد ضمن منطقة امتياز ذات مساحة قدرها حوالي 432 كم2 تمتد من شمال مدينة قلقيلية إلى غرب مدينة رام الله، وأعلن عن طرح عطاء دولي للتنقيب عن النفط في الثامن عشر من نفس الشهر.
سرقة إسرائيلية
وفي تعليقه على سرقة الاحتلال للموارد الفلسطينية، يستدرك : "الموارد تتعرض لاستنزاف ويمارس الاحتلال بذلك انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني بسحب (سرقة ) البترول من داخل الخط الأخضر، مؤكداً على ضرورة الإعداد لمواجهة قانونية على مستوى اتفاقية جنيف والتوجه للمجتمع الدولي ليقف عند مسؤولياته حتى تكف "إسرائيل" عن استنزاف الموارد الهامة للشعب الفلسطيني".
وبحسب حرز الله، فإن هناك حملات تتم شمال غرب الضفة الغربية في مرج ابن عامر والمثلث الفلسطيني، والمنطقة الممتدة بين بيسان وطبرية حيث قام الاحتلال بحفر ثماني آبار كما أن الشركة التي تقوم بالتنقيب عنها أعلنت أنها ستعلن عن شيء ما في منتصف عام 2015م.
وحول موضوع وجود الصخر الزيتي، يواصل حديثه بأنه أحد الموارد المهمة في فلسطين وموجود بكميات كبيرة في مناطق السلطة وهناك حديث عن اكتشافات لصخور موجودة في المنطقة المجاورة لأريحا، وقال : "الاحتياطي الموجود بين منطقة القدس و بئر السبع ثالث أكبر احتياطي بالعالم من الصخر الزيتي.
ويتابع حرز الله: "جزء من الصخور موجودة في غرب الخليل وأريحا وجوارها بمناطق تابعة للسلطة الفلسطينية، فالحديث عن أرقام كبيرة جداً تقدر بنحو 250 ألف مليار برميل من الصخور" مشيراً إلى أنه من المبكر الحديث عن مدى دقة الرقم ولكنه قد يكون حقيقياً وفق التقديرات.
ووصولاً لأهداف ومطامع الاحتلال، يبين: "هناك تطوير في ثلاة حقول من قبل الاحتلال في هذا المجال بشرق وجنوب ديمونا، ومنطقة بيت جبريل، منوها إلى تخطيط الاحتلال لإنتاج 50 ألف برميل من البترول يومياً عام 2020م.
ويبين حرز الله بأن "إسرائيل" تهدف للقضاء على الوجود الفلسطيني والاستيلاء على خيراته، مشيراً إلى أن الهدف من ذلك هو إعلان الاحتلال مستقبلاً أن الفلسطينيين لا يملكون مقدرات اقتصادية ليكون ذلك مبرراً لطردهم وفق مخططهم.
وأكثر ما يستغربه كثيرون بسعي السلطة إلى السلام مع الاحتلال، يتحدث عنه حرز الله بأن انتهاكات الاحتلال تلك دليل واضح على أن الإسرائيليين غير جادين في عملية السلام وليسوا معنيين بإعطاء الفلسطينيين حقوهم بل هم معنيون بإبادة الشعب الفلسطيني وإحلال الإسرائيليين بديلاً عنهم ليتمتعوا بالخيرات الموجودة بفلسطين.
حل أزمة كهرباء غزة
أما عن حقول الغاز في غزة فيتحدث الخبير في الجغرافيا والهندسة: "كمية الحقول المكتشفة في السواحل المقابلة لقطاع غزة صغيرة وتم التنقيب عنها بمنطقة محدودة، ولو تمت بمناطق أخرى ربما وجدت كميات أكبر".
ويضيف: "قيمة حقل الغاز الذي يبعد عن غزة 35 كيلو متر تقدر بنحو 6 مليارات دولار واستغلاله في موضوع الطاقة الكهربائية يوفر على السلطة 700 مليون دولار سنوياً، ويكفي لتوليد الطاقة الكهربائية خلال 15 عاماً قادماً، لكن صندوق الاستثمار الفلسطيني قدر قيمة الانتفاع من الحقل بنحو 10 مليارات دولار"، مبيناً أن الاحتلال يسيطر عليه، لكنه لا يقوم باستخراج الغاز منه لأن هناك حقوقاً بريطانية فيه، وهو المورد الوحيد الذي لا تعتدي عليه، بسبب اتفاقية الشراكة بين ياسر عرفات والبريطانيين.
وحسب حرز الله، فإن الاحتلال حاول مفاوضة الفلسطينيين بشرائه بثمن بخس لكنهم رفضوا، فلجأ إلى مصر وحصل على ذلك بثمن زهيد جداً، وحرم الفلسطينيين من الانتفاع الاقتصادي ببيعه له". وقال "الاحتلال سمح للفلسطينيين بالتنقيب عن الغاز لأنه فكر بفائدة تعود عليه مستقبلاً لذلك عطل استخراجه اليوم".
ويوضح: "كان الإسرائيليون معنيين بتعطيل المشروع الفلسطيني لحرمانهم من الاستقلال في مجال الطاقة حتى يكونوا تابعين له، مطالباً بضغط سياسي دولي لاستخراج الغاز وإعادته للفلسطينيين".
وأشار حرز الله إلى أنه يمكن حل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة بعد الضغط الدولي من خلال سفينة تركية تكون في عرض البحر وينقل إليها الغاز لتجنب مشاكل بيئية، وقال: " نقل الطاقة الكهربائية لغزة والضفة الغربية يساعد على توفير العملة الصعبة للفلسطينيين ويخلق فرص عمل كبيرة، ويمكّن لصناعة فلسطينية منافسة بدل شرائها من الإسرائيليين.
وعن تواجد الغاز في السواحل الشمالية لفلسطين، يوضح حرز الله أن الاحتلال افتتح الشهر الماضي حقلاً قبالة حيفا وعكا يقدر بحوالي ألف مليار متر مكعب من الغاز، و"حسب قرار التقسيم يوجد حقوق فلسطينية في المياه الاقتصادية الفلسطينية المحتلة في فلسطين التاريخية".
ويستدرك: "يجب أن نسير باتجاهين: الأول استغلال الموارد بطرق ذكية، من خلال تطوير فرض أدوات الأمر الواقع على الاحتلال، والتوجه إلى المحاكم الدولية، والاتجاه الآخر تبني خيار المقاومة التي تقوم من خلال العمل والتخطيط والإرادة على استرداد الحقوق التي لن تضيع مهما واصل الاحتلال استغلالها وسرقتها".
هذه الحقائق- كما يذكر حرز الله - تؤكد أن احتلال فلسطين ليس جزءاً عقائدياً فقط بل له هدف اقتصادي يعتمد على الموارد الطبيعية الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو الأراضي المحتلة عام 1948، وقال : "تحرير الموارد جزء من معركة المقاومة واسترداد الحقوق".