بقلم: رمزي منصور
جائحة كورونا أظهرت هشاشة العالم بشكل أجمع ومنظومة الخدمات الصحية بشكل خاص في ضعف الاستجابة الإنسانية العاجلة من أجل إنقاذ الكثير من ضحايا هذا الوباء المنتشر، ومع تزايد الإحصائيات اليومية لعدد المصابين من الأشخاص المسلوبة حريتهم، بموجب قضايا أمنية وسياسية أو حتى محتجزين دون محاكمة قانونية، أصبح هذا الوباء يشكل مهدداً خطيراً على حياتهم، حيث أنهم هم الأكثر عُرضة لأن يفتك هذا الوباء أجسادهم دون راعية صحية أو حتى تدخل من الجهات القانونية والحقوقية المختصة عالمياً..
مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كانت قد تحدثت بأن هذا الفيروس هو خطير بالدرجة الأولى على الأشخاص المحتجزين في السجون بسبب اكتظاظ الأقسام والغرف بالسجناء وفي ظروف غير صحية، تجعل من الصعب أخذ الاحتياطات الأولية في تحقيق عملية التباعد الجسدي والعزل الذاتي، كما أوضحت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى أن غياب الاهتمام بصحة الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون "الإسرائيلية" وبصفة خاصة الأسرى الذين يعانون من أمراض مزمنة يعرض حياتهم حتماً للخطر الدائم.
فيما طالب نادي الأسير الفلسطيني المنظمات الحقوقية الدولية ومنظمة الصحة العالمية بضرورة التدخل الفوري للضغط على الاحتلال "الإسرائيلي"، من أجل السماح لوجود لجنة دولية من الصليب الأحمر متخصصة في وباء كورونا لمتابعة الحالة الصحية باستمرار للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة والضرورية لهم، وناشدت بالإفراج العاجل عن الأسرى المرضى وكبار السن والمعتقلين الإداريين في ظل انتشار هذه الجائحة وتصاعد نسبة الإصابات بين صفوف الأسرى في الآونة الأخيرة.
جاءت المطالبة بعد معلومات مؤكدة بأن الاحتلال يعمل على تحويل فيروس كورونا إلى أداة قمع وتنكيل بحق الأسرى، وتعمد إدارة السجون إلى حرمانهم من التواصل مع عائلاتهم ووقف الزيارات والمحامين لهم، وتمنع الأسرى الفلسطينيين من شراء مواد التعقيم والتنظيف وفي المقابل لم توفرها لهم، وهذا يعني إمكانية تعرضهم إلى مضاعفات للإصابة بفيروس كورونا.
أكثر من 700 أسير فلسطيني يعانون من أمراض مزمنة وهم أكثر الأشخاص معرضين من غيرهم للإصابة بالفيروس، وكان أخرهم الأسير الفلسطيني فؤاد الشوبكي البالغ من العمر 82 عاماً، والذي يعد الأكبر سناً بين الأسرى الفلسطينيين، يعاني من أمراض مزمنة وخطيرة للغاية، وأصيب بفيروس كورونا عن طريق أحد السجانين وهذا يشكل خطورة كبيرة على حياته الصحية.
هيئة شؤون الأسرى والمحررين ناشدت المؤسسات الحقوقية والقانونية ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بضرورة تكثيف الجهود والضغط على الحكومة "الإسرائيلية" لإطلاق سراح الأسير الشوبكي في أسرع وقت لتلقي العناية الطبية في ظل تفاقم حالته الصحية، وفي السياق ذاته أطلق مغردون فلسطينيون حملة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #الحرية_لفؤاد_الشوبكي، مطالبين من القيادة الفلسطينية بالتحرك العاجل لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، كما حمل أبناء الشعب الفلسطيني إدارة السجون "الإسرائيلية" المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير الشوبكي وهو أحد الأسرى المرضى المصابين بالسرطان وغيره من الأمراض الأخرى، نتجت جراء الظروف الإعتقالية الصعبة التي واجهها عبر السنوات الماضية داخل المعتقل.
إصابة الأسير الشوبكي تعتبر هي الأخطر مع استمرار تصاعد الإصابات بين صفوف الأسرى المرضى الذين يواجهون أوضاعاً مأساوية دون توفير أدنى الشروط الصحية والوقائية اللازمة لمواجهة فيروس كورونا، فيما حذرت مؤسسات رعاية الأسرى الفلسطينيين خلال الشهور الماضية من مخاطر تطور وتفاقم أعداد الأسرى المرضى بإصابتهم بـ كورونا، إلا أن الاحتلال أمر بتشديد الإجراءات التنكيلية وزاد من عملية نقل الأسرى من أماكنهم التي شكلت سبباً رئيسياً في انتشار هذا الوباء، مع عدم توفير أقل الاحتياجات الأساسية للسلامة الصحية والوقائية. وجاء ذلك مخالفاً لما نصت عليه اتفاقيات جنيف الرابعة في حماية الأسرى، وتوفير الخدمات الطبية لكل أسير دون تمييز وفق بروتوكولات العلاج المتبعة في العالم، وعزل المصابين بأمراض معدية عن باقي الأسرى ومتابعة حالتهم الصحية.
وأخيراً.. هل سيحظى الأسرى الفلسطينيين بالحد الأدنى من العناية التي تقيهم خطر الإصابة بفيروس كورونا؟