بقلم/ مصطفى إبراهيم
في قطاع غزة والحالة السرويالية والبؤس والشقاء الذي يعيشه الناس، نستذكر الراحل غسان كنفاني ومقولته الشهيرة، "يسرقون رغيفك ثم يعطونك منه كسرة، ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم، يا لوقاحتهم". في موسم الإنتخابات غير المعروف موعد حدوثها تصبح الحقوق عطايا وهبات ومنح من السلطان، للإبقاء على سياسات الإفقار الممنهجة منذ بداية سنوات الإنقسام، وعقاب غزة جماعياً وممارسة الضغط الاقتصادي عليهم.
خلال سنوات الإنقسام حافظت السلطة الوطنية وحكوماتها والتي قادتها حركة فتح، على سقف الناس الممكن والمستحيل أيضاً والرضى بالقليل، وعمليات البيع والشراء والإبتزاز والمساوامة حول الحقوق من الحق في الحياة، والحرية والكرامة المتأصلة في النفس البشرية.
عانى ولا يزال يعاني أهل غزة ظلم السلطة للموظفين العموميين وغالبيتهم من أبناء حركة فتح، ببتجويعهم وتجريدهم من كرامتهم وانسانيتهم وحقوقهم، بقطع آلاف الرواتب وفصلهم من الخدمة، وتقليص الرواتب إلى النصف، وفرض التقاعد المالي، وحرمانهم من الحقوق الاجتماعية التي يقرها القانون، وابتزازهم من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة للعمل معها، واعتقال المئات منهم من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحماس بتهم التخابر مع رام الله، بل ان بعض من هؤلاء المعتقلين تم قطع رواتبهم.
وظل الموظفين يواجهوا عسف السلطة وملاحقة حكومة حماس، وتخلي السلطة وحركة فتح عن مسؤولياتها تجاههم، بل وإذلالهم بتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم.
هذه السياسة المستمرة تجاه الناس والإجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس محمود عباس، والتي لم يحاول أي من قيادة حركة فتح تصدر المشهد ومواجهة تلك القرارات والدفاع عن حقوق الناس، ولم يجرؤا أي من أعضاء المركزية على ذكر غزة في اجتماعاتهم، بل أنهم دافعوا عن تلك الإجراءات. ولم يدع مجال للشك أن حركة فتح كانت شريك في تلك العقوبات، حتى عندما قرر المجلس المركزي في اجتماعه الأخير لم يستطع رفع الإجراءات وسوغت بأنها خلل فني.
وجاءت تصريحات الناطق باسم حركة فتح بالأمس بسياسة الفزعة لتؤكد مسؤولية الحركة عن فرض العقوبات على قطاع غزة، حيث قال، هناك قرارات مصيرية بخصوص غزة ستنتج عن إجتماع مركزية فتح، وأن الرئيس عباس سيقرر في حل كافة قضايا أبناء شعبنا وأبناء فتح في غزة وبشكل فوري، حل التقاعد المالي وعودة الراتب 100% وحل ملف تفريغات 2005.
إنتهي إجتماع اللجنة المركزية ولم يصدر أي بيان عن ما ذكره الناطق باسم الحركة، وكل ما رشح من معلومات تم تحويل الملف للحكومة، وضجت الناس، وفتح المجال أمام الشائعات والتضليل الإعلامي والسياسي وخداع الموظفين، والتشكيك في قيادة فتح في غزة وحرق بعض الشخصيات وتغييبها عن المشهد وخداع الناس، وبيعهم الوهم وانتظار.
في ظل هذه الفوضى المقصودة وظلم الناس، وفضيحة استخدام الحقوق الأساسية والمساومة عليها، لابتزاز الناس في مسرحية الإنتخابات واللعب بمشاعرهم، عن أي انتخابات نتحدث والتي يجب ان تكون وسيلة لشعب يطمح لنظام ديمقراطي وتأسيس مجتمع من الاحرار يسعى للحرية، في حين يتم إستغلاله بإنسانيته ومواطنته وحقوقه!
في غياب البعد الأخلاقي من قيادة تدعي أنها تعمل على وحدة الشعب الفلسطيني وتحقيق أهدافه الإستراتيجية بالتحرر من الإحتلال، وتسعى لإقامة دولة، وشرعنة النظام السياسي وإعادة بناؤه، في حين أنها تتعامل مع الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة ككتلة بشرية غير لازمة وعبء على النظام السياسي.
كيف ستحصل على ثقة الناس في مقاومة الإحتلال، وومنحها أصواتهم في معركة إنتخابية ليست معركتهم، بل هي معركة شرعنة البقاء في السلطة والحفاظ على المصالح والإمتيازات.