قائمة الموقع

بالصور العملات النقدية بين مد وجزر بحر غزة

2021-02-02T08:45:00+02:00
شمس نيوز - (العربي الجديد - علاء الحلو)

يتفقد الفلسطينيان محمد أبو سمعان وسامر نسمان رمال شاطئ بحر "الشيخ عجلين"، جنوب غربي مدينة غزة، في هواية غريبة يتم فيها البحث عن القطع النقدية والذهبية التي سقطت من المصطافين على الشاطئ، وفي الرِمال الصفراء.

وتنشط هواية جمع القطع النقدية مع دخول المنخفضات الجوية، وتحديدًا في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط، وما يصاحبها من مد وجزر للموج، يُعري الرمال المُغطاة بالمياه، فيما تقوم الرياح العاتية بالمساعدة في جرف الرمال الصفراء الموازية للشاطئ، لكشف ما تخفيه الأرض من خيرات مدفونة.

ويمارس الهواية، إلى جانب أبو سمعان ونسمان، عدد من الشبان الفلسطينيين، الذين ورثوا تلك الهواية المثيرة عن آبائهم وأجدادهم، فيما يعمل عدد منهم في مهنة الصيد، والتي أكسبتهم الخبرة الكافية في تتبع الأحوال الجوية والوقت المُناسب للبدء في تلك الهواية.

وعلى الرغم من اتفاق جميع هواة جمع القطع النقدية على حُب تلك الهواية المتوارثة، إلا أن دوافعهم لممارستها باتت مختلفة، حيث اضطر بعضهم إلى تحويلها إلى مهنة مؤقتة بفعل انعدام فُرص العمل، والأوضاع الصعبة التي يمر فيها القطاع المُحاصر.

ويقول محمد أبو سمعان، وهو أب لخمسة أبناء، إنه بدأ هواية تجميع النقود عن رمال الشاطئ منذ سنوات طويلة، وقد تعلمها تدريجيًا عن والده، والذي تعلمها عن جده، فيما لا تحتاج ممارستها إلى أي مهارات، سوى التركيز وقوة النظر.

ولا يتجه أبو سمعان إلى البحر في الأجواء الطبيعية، إذ يشترط هذا العمل أن يكون المناخ في أسوأ أحواله، وتزيد فُرص العثور على القطع النقدية كُلما اشتدت الرياح، إذ يساعد ذلك على انحسار المياه، وكشف ما تحتها من رمال ومعادن، كذلك تساعد الرياح بكشف ما تحت الرمال الجافة.

ويتخذ أبو سمعان هوايته مصدرَ دخل لأسرته المكونة من زوجته وخمسة أبناء، ويتكسب منها، ويعتبر أن الهواية تحولت بنسبة كبيرة إلى مصدر رزق للعاطلين عن العمل، خاصة أن البحر مفتوح للجميع.

أما نسمان (36 عامًا) فقد ورث تلك الهواية عن أجداده، ويقول إنها بدأت منذ وقت طويل، عندما كانت تتكشف القطع النقدية والمجوهرات التي تسقط من السُياح المصطافين مع دخول "النَوّة" – المنخفض واشتداد الريح – وقد تناقل الأحفاد تلك الهواية، على الرغم من اختلاف ما يتم العثور عليه عن السابق.

ويوضح نسمان لـ"العربي الجديد" أن أصحاب تلك الهواية يصادفون في بعض الأحيان أصنافاً من الأسماك قد قذفها الموج، وخاصة أسماك "القراص" أو "اللوكُس" أو حتى القطع الخشبية والتي يتم استخدامها للتدفئة. ويقول: "أتجه للبحر لشعوري بالضجر والملل، خاصة أنني متعطل عن العمل، وأعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد".

وبدا الشاب محمد مقداد منشغلًا بالتقاط بعض قطع النقود المعدنية من الرمال المُبللة، بعد أن انحسر الموج عنها، وقد بدا الصدأ واضحًا عليها، ويقول إنه يقوم بتنظيف تلك القطع من خلال رمل البحر، أو باستخدام سائل مزيل للصدأ.

وعلى الرغم من الإرهاق الذي يصيب أصحاب تلك الهواية، والتي تتطلب ممارستها أجواء غير مستقرة، فإن نسبة من النقود التي يتم التقاطها لا تصلح للاستخدام، وفق مقداد، إذ يتآكل بعضها بفعل الاحتكاك المتواصل مع الصخور وصدف البحر، أو حتى من الصدأ. غير أنه يقول: "نحاول ترميم القطع النقدية قدر المُستطاع لنستفيد منها ولكي لا يذهب تعبنا سدى".

ولا يعتبر الشاب مقداد مُشاركته في التقاط النقود أو أي من المعادن سوى هواية، ينتظرها سنويًا لكسر روتين أيامه، ويجد متعة كبيرة حين يشعر بأنه تمكن من الحصول على المال، خاصة حين يتنافس مع أصدقائه في الحصول على أكبر قدر من القطع النقدية.

وبدأت هذه الظاهرة تنتشر في الآونة الأخيرة، حيث بات بعض الشبان المتعطلين عن العمل والهواة يقتربون من شاطئ البحر خلال المنخفضات وما بعد انحسارها للبحث عن كل ما يخرجه البحر لهم، غير أنّ الكثير يعود إلى منزله دون جدوى بعكس الأوقات السابقة التي كان الفلسطينيون يجدون مقتنيات مختلفة وبشكل أكبر.

اخبار ذات صلة