بقلم: عادل أبو هاشم
لا يختلف اثنان على وجود أزمة حقيقية تعصف بـحركة " فتح " ، وان ما يجري داخل الحركة هذه الايام هو أمر في غاية الأهمية إن لم نقل في غاية الخطورة، فحركة فتح ليست موحدة، فلا يمكن الحديث عن " فتح " واحدة ، بل عن " فتوح " كثيرة لا رابط أو انسجام بينها في أغلب الأحيان، أي أن الحركة تحولت بفعل بعض قيادييها إلى قبائل متناثرة، وانقسمت إلى أشتات تنظيمية مختلفة، تعمل كل منها بوحي منفرد ، وبمعزل عن الآخرين .!
وهناك من يؤكد إن " فتح " تم اختطافها من قبل طرف فاعل بداخلها ضد الأطراف الأخرى ذات التاريخ النضالي المديد ، وان قيادة الحركة قد فقدت بوصلتها ، حيث يواصل الكثيرمن كوادرها وقياداتها رحلة البحث عن الذات وعن المصالح الخاصة والابتعاد عن الجماهير ، والتعلق ببطاقات كبار الشخصيات التي تسمح لهم بالسهر والمجون والتسوق في بارات وأسواق تل أبيب ، والتنقل في جميع أنحاء العالم وشعبهم محتجز في المطارات والمعابر.!
ظهر ذلك بوضوح بعد صدور المراسيم الرئاسية باجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني ، واعلان القائد الاسير مروان البرغوثي " ابو القسام " من سجنه انه سيترشح بشكل رسمي للانتخابات الرئاسية لتبدأ السلطة الفلسطينية بالضغط عليه لابتزازه مقابل عدم الترشح امام محمود عباس .. !!
وبدأ الناعقون في السلطة الفلسطينية اصحاب مدرسة " شيطنة الآخر " بتهديد البرغوثي تحت مزاعم كاذبة بتسريب ملفات وفضائح لزوجة البرغوثي واولاده في حملة جديدة كانت بدايتها عام 2005م عندما سرب مروان نيته الترشح للرئاسة مقابل محمود عباس ، الامر الذ اثار موجة عاصفة من الناعقين في المقاطعة برام الله ، ومن قبل قياديين اساسيين في الحركة تم الاتفاق بينهم على ان يكون محمود عباس المرشح الوحيد للحركة .. !!
والغريب في الامر ان السيد فاروق القدومي " ابو اللطف " رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير ، والذي يعد من المعارضين التاريخيين لعباس ومسار اوسلو كتب مقالا شكك في نوايا البرغوثي في الترشح ، وحذره من مجرد التفكير في ترشيح نفسه للرئاسة .. !!
وفي العام التالي دخلت الاجهزة الامنية الاسرائيلية في " اوكازيون " التشهير بمروان البرغوثي من خلال الادعاء بان كيان الاحتلال سيطلق سراحه ، تارة مقابل الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام المعتقل في مصر ، وتارة اخرى مقابل الجاسوس الاسرائيلي جوناثان بولار المعتقل في الولايات المتحدة الامريكية .. !!
وفي 17 / 4 / 2017م قام مروان البرغوثي بتنظيم اضراب جماعي للمعتقلين الفلسطينيين في المعتقلات الاسرائيلية تحت مسمى " معركة الحرية والكرامة " ، وهو الاضراب الاول من نوعه منذ سنوات طويلة ، حيث اعتقدت حكومة الاحتلال انها نجحت في السيطرة على المعتقلين وشل قدرتهم على تنظيم اضرابات جماعية ، وكذلك قدرة البرغوثي على خلق وحدة وطنية في صفوف المعتقلين في هذا الاضراب ، حيث انضم للاضراب اسرى وقيادات من كافة التنظيمات الفلسطينية ، وهذا ما شكل ضوء احمر لدى سلطات الاحتلال الاسرائيلي ، فقامت بعزل مروان البرغوثي في ظروف قاسية جدا في محاولة لتشويه سمعته والمساس بكرامته ، ومحاولة اجراء مفاوضات مع الاسرى بمعزل عنه ، وعدم اعترافها بقيادته للاضراب ، حيث حاولت حكومة الاحتلال تفكيك الاضراب وضرب وحدة الاسرى ، واثارة البلبلة والتشكيك وعدم الاستقرار لاسقاط هيبة مروان البرغوثي .
لقد تحدى البرغوثي في هذا الاضراب نظرية صهر الوعي الاسرائيلية الرامية الى شيطنة الاسرى ، ووصفهم بالارهابيين والمجرمين ، هذه النظرية التي استمدها العدو الاسرائيلي من التجربة النازية في التعامل مع المعتقلين ، حيث خاض البرغوثي مع آلاف الاسرى حالة الحرب الاقسى التي تشنها حكومة العدو على المعتقلين من خلال العزل الجماعي والانفرادي ، والتعذيب المنهجي المتواصل ، واعتقال القاصرين ، والاحكام الجائرة بحق الاسرى في محاكم الاحتلال ، ومنع عائلات الاسرى من الزيارات ، والاهمال الطبي ، وتفاقم الامراض في اجساد المعتقلين ، والاعتقالات الادارية التعسفية وغير القانونية ، وقد رفع البرغوثي في هذا الاضراب شعار :
" اتمنى الشهادة مرتين من اجل هذا الشعب العظيم " .
وبعد 41 يوما تم تعليق الاضراب بعد التفاوض مع قادة الاضراب بقيادة مروان البرغوثي لاكثر من 20 ساعة في سجن عسقلان تم خلالها تحقيق كل مطالب الاسرى ليخرج بعدها " ايتام دايتون " من تلاميذ " مدرسة التنسيق الامني مع العدو مقدس ومصلحة فلسطينية " باتهام البرغوثي بافشال الاضراب .. !!
مروان البرغوثي الذي أفنى حياته في مقاومة المحتل ، والذي قال فيه رئيس وزراء العدو ارائيل شارون يوم اعتقاله في 15 / 4 / 2002م خلال عملية " السور الواقي " والتي قام بها باعادة احتلال الضفة الغربية :
" يؤسفني القاء القبض على مروان البرغوثي حيا ، وكنت افضل ان يكون رمادا في جرة " .. !!
والذي قال فيه وزير دفاع العدو شاؤول موفاز :
" ان اعتقال البرغوثي هو هدية عيد الاستقلال ، والتي يقدمها الجيش للشعب الاسرائيلي ، وان اعتقاله ضربة قاضية للانتفاضة .. !! "
مما جعل قسام نجل مروان البرغوثي يهدد بالكشف بالوثائق عن تورط من وصفهم بالخونة الفاسدين الذين رفضوا الافراج عن والده بشكل رسمي من سجون الاحتلال .!
واكد انه سيتم الكشف ايضا عن تورطهم في اعتقال الكثير من المناضلين ، وافشال الاضراب الاكبر في سجون الاحتلال عن الطعام عام 2017م الذي قاده والده مروان البرغوثي .!
وخاطب قسام والده بالقول :
" اعلم ان اللحظة التي تضع قدميك فيها خارج السجن ستكون لحظة الرعب الاكبر للزمرة الفاسدة التي تورطت في اعتقالك وعدم الافراج عنك " .. !!
لقد افرز اتفاق اوسلو " طابورا خامسا " من الناعقين باسم فتح لا يعترف بوجود شيء اسمه " شرف الخصومة " ، وقد استخدم هذا الطابورسلاح " شيطنة الآخر " ببراعة احترافية ، وذهنية في منتهى الخسة والقذارة ، ولو ان هناك كلية لتدريس " فن شيطنة الآخر " في كل بلد لحصل هؤلاء على الدكتوراة بامتياز مع مرتبة ( اللاشرف ) في غضون ايام قليلة .. !!
ان محاولات البعض من النيل من القائد الاسير مروان البرغوثي ، ومن قادة ومجاهدي شعبنا لتشويه صورتهم طبقا للحكمة القائلة " اذا كانت النار اتت على رؤوس الاشجار .. فماذا يمكن للطحالب ان تقول " هي محاولات فاشلة ، ولا تخدم الا العدو الاسرائيلي ، ولا تنم الا عن مجموعة من الحاقدين الذين أتقنوا صناعة الفتن وتدبير المؤامرات وتلفيق الأراجيف والأكاذيب الرخيصة ، وتزوير البيانات التي تعبر عن شخصياتهم وأخلاقهم .. !!