قلم: شيماء الدرة
من يقنع صغيري أنه رعد وليس حرب، هاهو جسده الصغير التصق بجسدي، تقيأ كل خوفه بصرخة حين رعدت، خيل له أنه قصف وسوف نركض حفاه بالليل وقد يقصف بيتنا هذه المرة أيضا، خرج للحياة بالعدوان الأخير على غزة بعدما نجونا من الغارات الإسرائيلية على بيتنا، الذي أصبح بلحظة كأنه لم يكن هناك بيت.... كومة من الأحجار.
المطر يعري خوفنا كآباء، يفتح علينا معارك ما بين شقوق الجدران والأسبست التي تتسرب منها قطرات الامطار، الاثاث التي تبلل، نعمل جميعًا كخلية النحل لننتصر على قطرات المطر، ولكن بردها القارص الذي يؤلم جراح فلذاتنا التي لم تشفى بعد، حين ينفصل التيار الكهربائي يعيد علينا ما تجاوزناه من أهوال الحرب.
أطفال بلادي تخشى المطر تفزع من غمامة سوداء ومن صوته ان هطل؛ لأننا نغرق من رشة مطر، هل لصغيري ما يطلقون عنه فوبيا المطر "وهو مصطلح علمي رهاب من سماع صوت المطر والرعد والبرق بصورة، ويصاحبه البكاء والصراخ وخوف من ممارسة الحياة الطبيعية"، أما ما خلفته لنا الحروب من ظلالها الثقيلة، ونال أطفالنا نصيب الأسد من هواجس نفسية خفية تفترس أبسط تفاصيل حياتهم، جعلتهم يكرهون الأصوات القادمة من السماء ببراءتهم يظنون إنها تجلب لنا ضرر جراح الأحباب وقصف البيوت، وربما موت لحبيب فهم ليس خارقين بل لديهم الذعر والخوف، واكبر مخاوفهم بالشتاء سماء حين ترعد يظنون انها قد قرعت طبول الحرب.
كيف احمي طفلي من خوفها؟ هل الخوف عار عليه الاختباء منه؟ اما انها المكابرة الفلسطينية! أكاد ان أجزم ان الكثير من الكبار أيضا في غزة يخافون من الرعد، لكننا نتعلم من أجل أطفالنا بالحرب ان لا نضع ايدينا على أذاننا و لا ننخفض رعبًا، وأن نهلل و نركض فرحًا بينما يرتجف داخلنا، علينا تقبل خوفهم والتغلب عليه بغمرهم، والتحدث عن مخاوفهم ورسمها، ولا ضرر من نومهم بأحضاننا،
والاتفاق حين الخوف بحبس النفس وتذكر كل جميل مر علينا، ولأهم تعليمهم دعاء الرعد والبرق؛ انها سماء تبارك لنا الأرض يا صغيري لذا لا تخاف علينا حب البرق والرعد والمطر، لتحيا الأرض.