قائمة الموقع

أيها المهندسون للقوائم مهلاً

2021-02-24T09:47:00+02:00
المستشار أسامة سعد.jpeg

بقلم المستشار/ أسامة سعد
يقترب يوم الاقتراع في 22 أيار/ مايو سريعاً، ومع اقترابه تزاد حمى التجهز للانتخابات التشريعية من قبل الفصائل والأحزاب الفلسطينية، التي تنوى خوض العملية الديمقراطية والتنافس على مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني البالغة 132 مقعداً.

الشعب الفلسطيني بطبيعته شعب مسيس ومؤطر حزبيّاً، ويتابع عن كثب ما يدور في الفضاءات الإعلامية والسياسية، ويرقب التصريحات ويحلل المواقف، ويعي جيداً سبب كل تصريح وما وراء كل إجراء، ويميز تماماً بين التصرفات الوقتية التي تصاحب مواسم الانتخابات بالعادة، من التصرفات المنهجية الدائمة المعتمدة من قبل هذا الفصيل أو ذاك منهج عمل دائماً، وجزءاً من عقيدته الفكرية والسياسية. 

يوم الإثنين الماضي أعلنت لجنة الانتخابات المركزية أنها أقرت إجراءات الترشح للانتخابات التشريعية، وستقوم اللجنة خلال الأيام القادمة بنشرها للجمهور، علماً بأن باب الترشح للانتخابات التشريعية يفتح يوم السبت 20 آذار/مارس المقبل ويقفل في 31 من الشهر ذاته.

ومع هذا الإعلان دخلت هندسة القوائم مرحلة التدقيق الأخير في التشكيلات التي تصنع على أعين قادة الفصائل والأحزاب، الذين يحاولون ما استطاعوا الموازنة بين الرغبات والطموح الشخصي للكوادر التنظيمية وإقناع جمهور الناخبين، بترشيح شخصيات تحظى بالقبول المجتمعي،

ولا شك أن هذه الموازنة من أصعب الأمور التي قد يضطلع بها قائد سياسي، فهو من جهة مكره على اختيار بعض الشخصيات التنظيمية التي لها باع طويل في العمل التنظيمي، وربما لها دين أدبي يتعلق بترتيبات حزبية داخلية وتوافقات كان لها أثر كبير في تشكيل شخصية ومكانة القائد السياسي للحزب، ومن جهة أخرى عليه استيعاب رغبة التغيير التي تضطرم في صدور جيل الشباب منهم، والتي تُغذي بنزق الشباب وعنفوانهم الذي يميل الى الحدية في المواقف ولا يجد التوافق والمداهنة الي نفسه سبيلا.

فاذا ما استطاع القائد السياسي النجاح في التوفيق بين طرفي هذه المعادلة؛ يتوجب عليه بعد ذلك أن يقنع جمهور الناخبين بقائمة المرشحين الخاصة بحزبه أو تنظيمه، وهي المهمة الأصعب والأخطر، لأن مصير الحزب أو التنظيم سيصبح معلق بهذه القائمة إما نجاحاً وإما فشلا، ودقة المسألة تتبدي في فهم الناخب التام لكل شخصية تظهر في قوائم الحركات والفصائل، وحسن الاختيار يعني ضرورة التجرد عن كل الأهواء الحزبية أو الشخصية، والنظر الي ما يقنع المواطن بالقائمة التي تقدم له، فالمواطن قد يبدي الرضا ظاهرياً، ولكن أمام الصندوق سيسكون له حسابات خاصة، وستمر أمام ناظريه مشاهد وصور ومواقف كثيرة للشخصيات التي تراصت صورها في القائمة وهي تظهر مبتسمة في ود له طابع الاستجداء للناخب، الذي سيحكم حكماً نافذاً لا معقب له، وسعلن حكمه النهائي مع إعلان النتائج، وحينها سيتفاجأ كثيرون ممن ظنّوا أنهم قادرون على خداع المواطن بابتسامات ودودة عابرة، أو مساعدات آنية مشروطة، أو وعود كبيرة بحجم الأفق، وسيبتسم المواطن بسخرية وهو ينظر الي الوجوه العابسة والعيون الغائرة الدامعة والشفاه المرتجفة، ولسان حالة يقول: أظننتم أنكم ستخدعوننا بوعودكم الجوفاء أو ابتساماتكم الصفراء؟ قد أسأتم الظن إذا، ولقد أنزلناكم منازلكم التي تستحقون، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم، وارجعوا الى ما قدمتم لنا من أعمال، فاليوم تشهد لكم أو عليكم أعمالكم وقد جازيناكم بها الجزاء الأوفى.

وسيبتسم أيضا وهو ينظر الي من حظي بقبوله ولسان حاله يقول: لا تثريب عليكم اليوم، قد جازينا إحسانكم بالإحسان، وقابلنا تضحياتكم بالعرفان، ومنحناكم الثقة التي تستحقون، فلقد وفيتم وعدكم، وحفظتم أمانتكم، وصنتم عهدكم رغم كل ما لاقيتموه في سبيل ذلك من حصار وحرب وعزل.

لذلك تمهلوا أيها المهندسون لقوائمكم فدققوا وراجعوا، ولا بأس أن تحجموا إذا كان في الاحجام خير لكم، فالإحجام في بعض المنازل خير من الاقبال، ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه فوقف عندها، فلا مناص من الصدق مع المواطن، وتقديم الأجدر بخدمته والسهر على راحته، وترك المجال لأصحاب الكفاءة، وليتراجع طوعاً من يسعى لتولى المنصب دون حق، خير له من أن يتعرض لسخط المواطن وعقابه، ثم لا يجد له على المواطن بذلك تبيعا.

اخبار ذات صلة