غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

هل يمنع اعتقال النواب العملية الديمقراطية؟

المستشار أسامة سعد.jpeg

بقلم المستشار/ أسامة سعد

دائما يشكل الاحتلال عقبة في طريق أي انجاز فلسطيني، ويحاول بكافة السبل إحباط أي خطوة في اتجاه تحقيق حلم كل مواطن فلسطيني في الحرية والاستقلال، وكما هي عادته القذرة في وضع العقبات في طريق الوحدة الفلسطينية، يحاول الاحتلال شق الصف الفلسطيني من خلال التدخل المباشر والعملي علي الأرض، وذلك بتهديد المرشحين المحتملين لحركة حماس في الضفة الغربية بالاعتقال إذا ما قرروا ترشيح أنفسهم، لا شك أن الاحتلال عندما يقدم على هذه الخطوة لا يبتدع عملاً احتلالياً جديداً، فلقد أمضي عدد كبير من نواب كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس وبعض نواب حركة فتح والجبهة الشعبية، جل الفترة السابقة قيد الاعتقال وما زال بعضهم معتقلا في السجون الصهيونية حتى تاريخ كتابة هذا المقال.

إذا الترشح للانتخابات في الضفة الغربية من قبل أيٍ من قوى المقاومة، أو من أي فصيل فلسطيني آخر، اتخذ أحد نوابه أو مرشحيه موقفاً مناقضاً للاحتلال، أو داعماً للمقاومة يعني الاعتقال لدى الاحتلال، وهذا أمر لا يمكن أن تستقيم معه عملية ديمقراطية أو حياة نيابية، تصرف الاحتلال هذا يعيدنا الي الجدلية الأولى، وهي فكرة إجراء الانتخابات وممارسة الحياة الديمقراطية تحت سيطرة الاحتلال ومدي شفافية ونزاهة هذه العملية.

تجاربنا كشعب فلسطيني مع الاحتلال قاسية، وراسخة في وجدان الشعب الفلسطيني كبعد مظلم يظلل كل ما هو جميل بالسواد والكأبة، وعلى مدى سنى الاحتلال تحدى الشعب الفلسطيني هذا الظلام بفيض من نور، أنتجه الفلسطينيون من صمودهم على أرضهم، وتشبثهم بحقوقهم، ودفع ضريبة هذا الصمود من دمائهم وحرية أبنائهم و حصارهم، وكل ما قام به الاحتلال من بداية جريمة الاحتلال حتى هذه اللحظة.

اليوم يبرز تحدٍّ آخر أمام الشعب الفلسطيني، وهو التشبث بالديمقراطية التي يحاول الاحتلال حرمانه منها، وكعادة الشعب الفلسطيني سيتحدى إرادة الاحتلال بإرادة الكل الفلسطيني ليمنع الاحتلال من تنفيذ خطته، وهذا التحدي يتطلب وحدة الموقف الفلسطيني، وابتداع الوسائل التي تحيل خطط العدو إلى رماد تدوسه اقدام الفلسطينيين.

التحدي الأن هو منع بعض الفلسطينيين من الترشح للانتخابات من قبل العدو، لأنه يري فيهم تهديداً لكيانه، وعلى الشعب الفلسطيني ألا يسمح بمرور هذه القضية دون أن يكون له موقف حاسم، وهذا الموقف من وجهة نظري يكون في اتجاهين، الاتجاه الأول قانوني، أما الاتجاه الاخر فقد تحدث عنه السيد يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عندما قال انه لن يسمح للعدو بان يتدخل في الانتخابات الفلسطينية، وللمقاومة كلمتها في هذا السياق، أما البعد القانوني فطالما أن الاحتلال يستخدم قوته على الأرض في الضفة الغربية والقدس لإحباط العملية الديمقراطية، فلا بد أن يكون القانون الذي يحكم هذه العملية مستوعباً لهذا التحدي، حيث إن القانون معبر دائماً عن الحالة السياسية والثقافية والاقتصادية للمواطن، ولا يمكن أن يكون القانون بعيداً عن الواقع الذي يطبق فيه، وإلا أصبح قانوناً جامداً وغير عملي ولا يمكن تطبيقه، وكذلك لا يمكن للجهة التشريعية- أيا كانت هذه الجهة- أن تقف مكتوفة الأيدي أمام التحديات التي قد تحول دون تحقيق رغبات وطموح الشعب الذي تمثله، وتصدر القوانين باسمه، وإلا أصبحت جهة بعيدة عن نبض الشارع، ولا تسعى لتحقيق أهدافه وتطلعاته وطموحه.

فإذا كانت العقبة التي يضعها الاحتلال يمكن أن نتجاوزها بقانون يتوافق مع الحالة الفلسطينية التي تخضع لقوة الاحتلال في الضفة الغربية؛ فلابد من تجاوز هذه العقبة بتعديل القانون تعديلاً يفقد الاحتلال القدرة على التدخل في الانتخابات الفلسطينية أو إحباطها، وإذا ما قصرت الجهة المناط فيها التشريع في هذا الامر؛ فأقل ما يمكن أن يقال فيها، إنها تساوقت من حيث تدري أو لا تدري مع توجهات الاحتلال.

وعليه أرى أن الرئيس أبا مازن ملزم وطنياً الان بتعديل قانون الانتخابات باعتبار ذلك مطلباً وطنياً عاماً، ويجب أن ينص التعديل على اعتبار النائب المعتقل حاضراً في المجلس، من خلال إنابة منصوص عليها في القانون لأحد النواب الآخرين من كتلته البرلمانية نفسها أو غيرها، ويكون له الحق بتغيير هذه الانابة أو وقفها متى شاء، وبذلك يصبح اعتقال النواب بحد ذاته غير ذي قيمة، وسيجبر الاحتلال على التوقف عن اعتقال النواب، لأن الاعتقال لن يؤدي الغرض منه، أو سيستمر العدو بعناده ولكن دون أن يؤثر في العملية الديمقراطية، التي ستبقى مستمرة، ولكن بشكل يتناسب مع حالة التصدي والمقاومة لجرائم الاحتلال.

الحالة الوطنية الفلسطينية تستدعى اتخاذ هذا الإجراء على وجه السرعة، هذا إن كان الرئيس معنياً بأن تستمر العملية الديمقراطية في فلسطين رغم أنف الاحتلال، أما إذا كان للرئيس رأى آخر فليخبرنا به.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".