المداخلة الثانية: الدكتور صلاح موسى
نص المداخلة
الأخوات والإخوة الأمانة العامة وأعضاء المؤتمر
بعد الاطلاع على الأوراق المقدمة التي تؤكد على وجود القضية الفلسطينية أمام مأزق حاد بسبب السياسات الواهية وتهميش دور منظمة التحرير الفلسطينية وتحويلها إلى هيكل فارغ تستخدمه الجهات الفلسطينية لمآربها الفصائلية واستبدالها بسلطتين وهميتين في رام الله وغزة لم تتمكنا من إيجاد برنامج مشترك سواء للحرب أو للسلم، والتشرذم الفصائلي وتعدد الولاءات وانتهاج مشاريع لا علاقة لها بالمشروع الوطني، إضافة للأثر الواضح نتيجة للسياسات " الإسرائيلية " المتمثلة بالغطرسة في بناء المستوطنات وقضم الأراضي وضمها لدولة الكيان الصهيوني التي أدت إلى انقطاع التواصل بين المجمعات السكنية الفلسطينية في كافة المناطق مما أدى إلى انحسار الحركة الوطنية الفلسطينية وفقدان بوصلة التحرير.
وأمام هذا المشهد المظلم الذي يتمثل بإحساس شعبي بخيبة الأمل من كافة الفصائل على حد سواء، لا بد من طرح العديد من الأسئلة التي بقيت بلا إجابة عليها بعد هذه المسيرة الطويلة من النضال، وذلك للخروج من إشكالية الثنائية المسيطرة على المشهد الفلسطيني برمته. وعلى سبيل المثال ومن أجل الوضوح أمام شعبنا، منظمة التحرير أم السلطة الوطنية، الكفاح المسلح أم كافة أشكال النضال الشعبي، التحرير أم الدويلة، الشتات الفلسطيني أم فلسطينيي الداخل، الحلول المؤقتة أم الحل الدائم، القرار المستقل أم التدويل؟؟؟ ... ألخ.
الكيانية الفلسطينية بحاجة إلى مراجعة شاملة على كل الأصعدة وقبل فوات الأمان بمنأى عن السلطة والقائمين عليها، لأن المشروع الوطني فقد بريقه كما فقد الأمل في تحقيقه، وتحولت السلطة الفلسطينية إلى واحد من أسباب إدامة الاحتلال بدلا من أن تكون أداة انتقالية لإنهائه، وذلك لأن الإنجاز الأساسي للسلطة تمثل بالقوى الأمنية الفلسطينية التي بنيت تحت إشراف أمريكي لتوفير الحماية الأمنية ل " إسرائيل ".
كلنا يعلم أن أهم المبادئ التي بنيت عليها الثورة الفلسطينية المعاصرة هي التحرير والعودة، تخللت مسيرتها العديد من البرامج السياسية وصولا لاتفاقية أوسلو المشؤومة واتفاقيات الهدنة، والسؤال هو هل هذه الاتفاقيات مقدمة لإسقاط المشروع الصهيوني أم أنها حل دائم يسقط الحقوق الوطنية لشعبنا. الذين يفاوضون فقدوا الأرض أثناء المفاوضات، والمقاومون يبحثون عن هدنة لخمسين عاما تكرس الاحتلال لتصبح " إسرائيل " الكبرى واقعا رسميا فيه. لقد سقطت هذه القيادات في اختبار الحرية، وحولت مناضلينا إلى منظومة رواتب يساوم أصحابها من أجلها على الوطن
ومن ناحية أخرى نعود للسؤال بصدد (م. ت. ف) هل هي ممثل حقيقي للشعب الفلسطيني بأكمله، وإن كذلك، فلماذا لا نرى في قيادتها العليا أي تمثيل لفلسطينيي الشتات والأراضي المحتلة منذ عام 48, وكيف تكون مشاركتهم في مسيرة النضال لحل قضيتهم الواحدة؟
إن انتصارنا لمنظمة التحرير الفلسطينية هو انتصار ودفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بالتحرير والعودة، لذا نحن بأمس الحاجة للنهوض بها وذلك بمشاركة كل الطيف الفلسطيني أينما يتواجد، كما أننا بحاجة لتطوير مؤسساتها بحيث تتواءم أدوات النضال مع معطيات العصر، وهذا يستدعي دخول العنصر الشبابي إلى الأطر القيادية لرفدها بدماء جديدة.
أعتقد أن دوائر المنظمة بحاجة لبعض الدوائر الإضافية منها
_ الدائرة الرقمية: تكون هي قاعدة البيانات والوثائق والدراسات الاستراتيجية والتاريخية والأثرية والجغرافية ... ألخ من أجل العودة لها والاستناد عليها، ومن أجل حفظ الذاكرة الوطنية.
_ دائرة التنسيق: ويتمثل دورها بالتنسيق بين كل الدوائر التابعة للمنظمة وبين الفصائل الفلسطينية.
وأخيرا فإن التصورات والرؤى تطول، حاولت الإيجاز بقدر المستطاع، متمنيا لمؤتمرنا النجاح والتوفيق في محاولته للنهوض بمنظمة التحرير الفلسطينية بالكل وللكل الفلسطيني.