ما زال الطفلان الفاتح وعبد الرحمن يقبلان أمهما "آية الخطيب" من الداخل المحتل كل صباح؛ قبلة قد تبدو عادية في ظروف أسرة عادية، لكن هذه القبلة لتلك الصور التي تنتشر في أرجاء البيت الخالي من صوتها الحاني وإرشاداتها النابعة من قلب أم تعطف على أطفالها، صور جامدة لا حديث لها، ولكنها تتكلم وتحكي الكثير الكثير.
ورغم أن ذلك ما أمام الطفلين صور أمهما "آية"، إلا أنهما يحاولان الحديث معها والضحك والشكوى والبكاء، فهي مغيبة منذ أكثر من عام في سجون الظلم الصهيونية وما زالت موقوفة بانتظار المحاكمة.
زوجها عمر عقل يحاول القيام بالدورين معا؛ فعمله كان يبعده عن رؤية طفليه وزوجته وهو يسعى لتوفير لقمة عيشهم، ولكنه الآن وجد نفسه الأم والأب معا في محاولة لتعويضهما عن غياب والدتهما.
ويقول عقل وفق مكتب إعلام الأسرى، إن غياب أي فرد من العائلة يؤدي إلى خلل؛ فكيف إذا كان الغائب هو عمود البيت الرئيسي والركن الأساسي في العائلة.
وأوضح عقل أن فقدان شخص الأم من ناحية عاطفية هو الأهم بالنسبة للطفلين؛ لأن إعداد الطعام والواجبات المنزلية يمكن تعويضها بأشخاص آخرين، ولكن حنان الأم لا بديل عنه أبدا.
لم يكن أمرا سهلا على عمر أن يقوم بهذين الدورين؛ وتطلب ذلك منه تعلم مهارات كثيرة لم يكن يتقنها سابقا، ولكنه فعل ذلك ليخلق جوا من الأمان لدى طفليه.
وأشار إلى أن الطفلين يعانيان من تأخر لغوي وصعوبات مركبة تتطلب منه السعي وراء العلاج بشكل يومي أو أسبوعي، إضافة إلى مواصلة متابعة قضية زوجته والقيام بفعاليات تدعم نفسية الطفلين ونفسيتها ونشر قضيتها.
وأضاف:" قمنا بفعالية زيارة ساحة السجن وتنظيم حفلة ليوم مولد الطفلين وكذلك في أول أيام عيد الفطر السعيد، وذلك كي يشعر الطفلان أنهما قريبان منها".
ما زالت آية الخطيب تتعرض لسلسلة محاكم طويلة ومملة؛ وكانت تعرضت لتحقيق قاس في بداية اعتقالها؛ حيث يحاول الاحتلال إدانتها بسبب قيامها بجمع التبرعات عن طريق صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل علني لصالح الأطفال المرضى من قطاع غزة والذين يأتون للعلاج في مستشفيات الداخل المحتل.
الزيارة الأخيرة لآية كانت بعد ١١٠ أيام من الانقطاع بسبب مماطلة الاحتلال والإغلاقات المتكررة بحجة انتشار فيروس كورونا؛ ما تسبب في كثير من الأحيان بخيبة أمل لطفليها.
وتابع:" كانت آية تبكي أحيانا حين ترى مرضى السرطان الذين يعانون من أوضاع مادية صعبة، وكانت مشاعرها رقيقة تجاه الأطفال المرضى، وهكذا يحاكمها الاحتلال بسبب إنسانيتها".
ظروف صعبة
آية الخطيب ليست الأسيرة الوحيدة في سجون الاحتلال، حيث تقبع 12 أسيرة من الأمهات في سجون الاحتلال من مجموع ٣٤ أسيرة، أعلاهن حكما الأسيرة إسراء الجعابيص بسجن فعلي لمدة 11 عاما.
ومن بين الأسيرات في سجون الاحتلال أسيرتان يخضعن للاعتقال الإداري وهن شروق البدن وختام السعافين، ويستغل الاحتلال ظروف اعتقالهن كي يزيد من معاناتهن وانتهاك أمومتهن.
وبدوره، أكد رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب أكد أن الأسيرات يعانين من الإهمال في كل مناحي الحياة ويبتز الاحتلال شعبنا في ملف الأسيرات.
ولفت أبو عصب خلال حديث لمكتب إعلام الأسرى حيث يتعرضن للانتقاص من الحقوق خاصة حين يتم تركيب آلات المراقبة في ساحات الفورة وحين يمنعن عن الزيارات وزيارة المحامين ويمنع عنهم إدخال الكتب وغيرها من الأمور الحياتية التي تعني لهن الكثير.
وقال أبو عصب إن الاحتلال استغل فيروس كورونا لمنع الزيارات ما زاد معاناة الأسيرات خاصة الأمهات منهن وأصبحن في ضغط بسبب موضوع التواصل والغياب عن أطفالهن.
وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات، منذ لحظة اعتقالهن على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي للضرب والإهانة والسب والشتم؛ وتتصاعد عمليات التضييق عليهن حال وصولهن مراكز التحقيق.
ويمارس بحق الأسيرات كافة أساليب التحقيق، سواء النفسية منها أو الجسدية، كالضرب والحرمان من النوم والشبح لساعات طويلة، والترهيب والترويع، دون مراعاة لأنوثتهن واحتياجاتهن الخاصة.
وتقبع الأسيرات في سجن الدامون الذي يقع داخل الأراضي المحتلة عام 1948، بما يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان من الأراضي المحتلة، ويعانين ظروفا قاسية وصعبة حيث يفتقر السجن لأدنى مقومات الحياة الإنسانية.