هل ثمة خطورة في عقد الانتخابات قبل المصالحة، وقبل حل المشكلات العالقة التي منعت المصالحة؟ هذا سؤال القلق، وهو سؤال منطقي يجدر أن لا تهرب منه القيادات التي بيدها أن تجيب عليه الآن، والتي هي مضطرة للإجابة عنه لاحقا بعد إعلان النتائج.
وصفي قبها وزير سابق في حكومة فلسطين العاشرة، وهو من قيادات حماس البارزين في الضفة الغربية يرى أن الدخول للانتخابات دون حل المشاكل العالقة قدي يفضي لنزاع شديد تُعضُّ فيه أصابع الندم حين لا ينفع الندم؟! وفي هذا القول طرق قوي على جرس المستقبل حتى يسمع الكل الوطني طرقات قلق مشروع من مستقبل لم تتمهد طريقه بما يكفي لمسيرة الانتخابات اللجبة، ذات الأصوات الصاخبة، والتشجنجات المحتملة.
التحذير القلق لا يطلب الغاء الانتخابات، ولكنه يضع الحصان أمام العربة، بعد أن وضعته المراسيم الانتخابية خلفها، ومن بنصح قومه قبل هبوب العاصفة جدير بالاحترام والتقدير، فربما هو يرى ما لا يراه غيره ممن سرقتهم سكين الانتخابات، بهدف الخروج من الأزمات في أحسن الأحوال، ولكن طريق الخروج هذا ليس مضمونا ولم يطرقه غيرنا من قبل؟!
نعم، وقّعت الأطراف ميثاق شرف بهدف تحصين المستقبل في أثناء الانتخابات، وفي اليوم النالي لظهور النتائج وهذا عمل جيد في تحمل الأمانة، ولكن العبرة ليست في وقت التحمُّل ولكن في وقت الأداء، فالناس أبناء أغيار تغيّر قلوبهم المصالح والمصائب، ومن ثمة قيل في الكتاب لما تحمل ابن آدم الأمانة :(إنه كان ظلوما جهولا) ، لأنه أبدى استعداده عند تحمّل أمانة التكاليف، وعجز عن أن يدرك ما قد يعتريه عند أداء التكاليف في دنيا بشر تتصارع فيها المصالح والأهواء.
ميثاق الشرف مكتوب بمداد أسود على ورق أبيض، ولكي يعطي أُكله في قادم الأيام لا بد أن يسقى بماء الحياء، وصدق النوايا، ومحبة الآخرين كحب النفس، عندها يمكن أن تُرفع قباعات الاحترام لكل من وقع على الورق الأبيض. نرجو مستقبلا مسكونا بالمحبة والأخوة.