قائمة الموقع

احمد ياسين . . رجل بامًة

2021-03-22T08:10:00+02:00
عادل-ابو-هاشم-1.jpg
قلم/ عادل أبو هاشم

صباح مدينة غزة لم يكن عاديا يوم الاثنين 22 / 3 / 2004م ، السماء تلبدت بدخان اسود انطلق من النيران التي اشعلت في اطارات السيارات ، وضج صمتها اصوات القنابل المحلية الصوت التي اطلقها الفتية .

آلاف الفلسطينيين هرعوا من نومهم غير مصدقين النبأ " نبأ استشهاد شيخ الانتفاضتين " (كما كان يطلق عليه انصار حركة حماس ) الشيخ المجاهد احمد ياسين ، تجمهروا امام ثلاجات الشهداء بمستشفى الشفاء بغزة حيث يرقد الشيخ الذي لطالما رأوا فيه الأب قبل القائد ، والأخ قبل المقاتل العنيد .

وهناك اختلطت المشاعر ، شبان يبكون ، واطفال يهتفون ، ومجاهدون يتوعدون بالثأر ، وشيوخ التزموا الصمت الا من دموع قد تحجرت في المقل حزنا على الشيخ الذي يعد من اهم رموز العمل الاسلامي والوطني الفلسطيني طوال القرن الماضي .

سالت الدموع بغزارة من عيون الفلسطينيين حزنا على فراق الشيخ المجاهد احمد ياسين زعيم ومؤسس حركة المقاومة الاسلامية حماس . . في حين علت اصوات المساجد مؤبنة هذا الرجل القعيد الذي شهدته ساحاتها خطيبا وداعية ومحرضا للناس على الجهاد والمقاومة .

فقد ترجل شيخ الجهاد الفلسطيني .

ترجل عنوان الجهاد والمقاومة...

عنوان كرامة هذه الأمة...

لقد ترجل شيخ الجهاد الفلسطيني المجاهد القائد الشيخ أحمد ياسين.. وهو الذي ما ترجل قط ، ولا استراح ، ولا استكان طوال حياته .

لقد ارتبط اسمه دومـًا بفلسطين... القضية والشعب والمقدسات والأرض ، وأعطى القضية الفلسطينية شبابه وعمره وحياته .

سلاحه . . ايمانه وصبره وابتسامه .!

ووسيلته . . كلمة طيبة و موقع مشرف .!

كانت حياته من أجل فلسطين . . ومن أجل القدس . . ومن أجل الأقصى .

شهيدنا الشيخ الجليل :

ليس من السهل أن يكتب المرء عن المجاهد الشيخ أحمد ياسين، فالرجل ليس شهيدًا وحسب ، إنه أبرز رموز الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية .. الذي لم يفرط في شبر واحد من فلسطين .

فقد كان مثالا للإنسان المؤمن بربه ورسالته وقضيته .

فكل كتابة عنه ستكون ناقصة ، لأن قضيته لم تكتمل بعد ، فهي قضية الشعب الفلسطيني كله ، هي قضية الجيل الذي يصنع المسيرة ، وهي قضية لم تكتمل بعد .

لقد كان بوسع الشيخ المجاهد احمد ياسين ان يأخذ بالرخصة الشرعية مستندا الى قوله سبحانه وتعالى :

( ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ) ، ولكنه اخذ بالعزيمة ، عزيمة اطلاق راية الجهاد الذي هو ذروة سنام الاسلام .

كان مشلول الجسد . . ولكنه لم يكن مشلول الارادة .

كان نحيل الجسم . . ولكنه لم يكن نحيل العزيمة ، حيث كان يحمل بين جنباته الارادة الفولاذية ، والعزيمة القوية .

أن يستشهد القائد المجاهد الشيخ أحمد ياسين فهذا أمر طبيعي .

فعندما اختار الشيخ ياسين طريق الجهاد فإنما قد اختار الشهادة .

وباختياره الشهادة.. اختار الحياة لأبناء شعبه وأمته.

لقد استشهد الشيخ ياسين في كل لحظة من لحظات حياته الطويلة جهادًا ونضالا، فسيرة جهاده ونضاله من أجل وطنه وشعبه وقضيته العادلة، كان الاستشهاد نهايتها الطبيعية، وسيرة جهاده هي في الواقع حياته العملية كلها .

لقد طلب الشيخ ياسين الاستشهاد لنفسه، وعمل له، وسعى إليه، لأنه آمن به وهو الذي كان يردد دائمـًا " الموت في سبيل الله أسمى أمانينا " .

آمن بأن العمل لفلسطين لا حدود له ، وأن فجر النصر آت لا محالة رغم الظلام الحالك الذي يلف الأمة ، وأن الدم والمشاركة في الجهاد ضد المحتل لا تكون من بعيد ، وأن هناك طريقـًا آخر غير طريق الخنوع والاستسلام ، أو القبول بالفتات أو انـتظار ما يسمح به العدو الإسرائيلي بالتـنازل عنه ألا وهو طريق الجهاد والاستشهاد .

لقد آمن الشيخ ياسين وأن مقاومة المحتل لا تتحمل المواقف الوسط، ولا المهادنة، ولا التأجيل، ولا الاستراحة ، وأن الطريق إلى فلسطين يمر من فوهة البندقية.

وباستشهاده ينهي الشيخ ياسين سنوات حافلة من الجهاد والنضال والاعتقال .

خسارتـنا كبيرة ..

لكن عزاءنا أن الشهيد نال طلبه من الله عز وجل أن يكتبه شهيدًا ..

وقد نال هذه الشهادة .

وقد شكل دم الشيخ ياسين الطاهر وقودًا جديدًا للمقاومة لا ينضب ولا ينـتهي ، ورافعة للشعب الفلسطيني المجاهد وكفاحه الطويل .

واصبح هذا الدم نورًا ونارًا :

نورًا ينير الدرب إلى فلسطين ..

ونارًا ولعنة على الصهاينة المحتلين ..

وشكل استشهاد الشيخ ياسين عنوانـًا لمرحلة جديدة في مقاومة العدو الصهيوني ، فقد أثبت التاريخ أن المقاومة تستمد من دماء الشهداء روحـًا جديدة .

أيها الشيخ الجليل :

وأنت اليوم في السماء تتهادى إلى سمعك صيحات الحق تدوي في كل فلسطين .. من المجاهدين أطفالا ونساءً وشيوخـًا تعلن من جديد عن الجهاد والنضال . . ذلك الذي غرزته في أعماقهم ، وأشربته أبناءهم ، فروته دماءهم .

أيها الرجل الرجل . . . يا ضمير الأمة ونسيجها الطاهر :

كم كنت عظيمـًا في حياتك... وكم كنت عظيمـًا في مماتك .

أحزاننا عليك كبيرة . . وكل المآقي عليك مفتوحة . . وكل القلوب عليك منفطرة .

فتحية لك يا شيخنا الجليل يوم ولدت.. وتحية لك يوم رحلت.. يوم انطلقت روحك إلى السماء .

وتحية لك يوم تبعث حيا

فنم قرير العين . . فقد أديت واجبك نحو ربك ودينك وقضيتك.

اخبار ذات صلة