بقلم/ أحمد زقوت
من المعلوم أنه بداية هذا العام حدثت تطوراتٌ كثيرةٌ داخل الساحة الفلسطينية، بدأت بإعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسُومًا بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فلسطينية لأول مرة منذ 15 عامًا، ثم حدوث تغييرات كبيرة منها مثلُا الانتخاباتُ الداخليةُ لحركة حماس، وفصل عُضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة، وهذا ما يقُودُنا للتساؤل حول مدى الديمُقراطية الحقيقية داخل هذه الأحزاب.
الانتخاباتُ الداخليةُ لحركةِ حماس:
أولًا: الانتخاباتُ الداخليةُ لحركةِ المُقاومةِ الإسلاميةِ "حماس" لاختيار قيادةٍ جديدةٍ في قطاع غزة هي لا تُعبرُ عن اختيار فردٍ بعينه سواءٌ أكان يحيى السنوار أم نزار عوض الله بل تُعبرُ عن مؤسسةٍ بأكملها وسياساتها، نعم مُعظمنا يعرف أن هذه الانتخابات جرت في أجواء ديمُقراطيةٍ داخل الهيئات والأطر القيادية للحركة.
ثانيًا: كان بمقدُور حركة حماس أن تُؤجل الانتخابات الداخلية لبعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية حتى تتجهز بشكلٍ أكبر وأوسعٍ للأخيرة، لكن نوافق أو نُعارض حركة حماس قدمت نموذج ديمُقراطيٍ في اختيار كادرها الحركي المُمَثل لها ومرجعتيها بمهنيةٍ عاليةٍ وشفافية.
ثالثًا: تذهبُ حركة حماس للانتخابات التشريعية وصُندوق الاقتراع بعد أن مُلئ صُندوقُ اقتراعها بأصوات الديمُقراطية الداخلية، وهي موحدةٌ مطمئنةٌ لأوضاع الحركة الداخلية بعملية ديُمقراطية، وتداوُلٍ سلمي على السلطة، شارك فيها أبنائُها، من دون أن يفرضُوا قائد للحركة بالقُوة.
رابعًا: حماس حركةٌ شوريةٌ ديمُقراطيةٌ تُؤمنُ بالتجديد وضخ دماءٍ جديدةٍ ومنح فُرصة القيادة لكل الأجيال الحالية والمُستقبلية، وهي حركة وازنة على الساحة الفلسطينية تُشاركُ في النظام السياسي الفلسطيني.
فصلُ القدوة من حركةِ فتح:
بالتزامُنِ بانتخاب قيادة حركة حماس وتماسُك الحركة داخليًا، نجدُ وبشكلٍ غيرِ مسبُوقٍ قرار فصل عُضو لجنتها المركزية ناصر القدوة على خلفية قراره تشكيل قائمة مُستقلةٍ عن الحركة للمُشاركة في الانتخابات التشريعية المُقبلة.
لا أريدُ الحديثُ عن الحياة الشخصية أو الوظيفية للقدوة لكن نُريدُ معرفة ما الذي سيجنيه الرئيس عباس من قرار فصله؟ وما هو الثقلُ الذي يُمثلهُ؟ وما هو مُستوى الديمُقراطية داخل فتح؟
أولًا: نَعودُ قليلًا إلى الوراءِ خاصةً عند تقرير القناة الثانية في عام 2016م حينها ذكرت أن القدوة، ابن شقيقة عرفات هو الخليفةُ المُحتملُ لقيادة السُلطة الفلسطينية بعد عباس، خصوصًا أنهُ أحدُ اللاعبين الفاعلين في الملف الفلسطيني، وترغبُ الكثيرُ من الدول العربية توليتُهُ خليفةُ لعباس.
ثانيًا: عباس يُريدُ فصلهُ ليس فقط لأنه شكل "المُلتقى الوطني الديمُقراطي الفلسطيني" تمهيدًا لخوض الانتخابات بقائمة مُنفصلة عن قائمة الحركة والتي تعتمدُ عُضويتُهُ على مُشاركة أفراد من فتح ومن المُجتمع المدني، بل أيضًا علاقتُهُ القادمةُ مع التيار الإصلاحي الديمُقراطي الذي يقُودُهُ محمد دحلان حيث أن كلاهما تم فصلهُم بقرارٍ من اللجنة المركزية للحركة.
ثالثًا: القدوة له موقفٌ ومطلبٌ واضحٌ وهو أن السُلطة الفلسطينية بحاجة إلى إعادة التأهيل وليس الإصلاح، ويُعارضُ تجميع قائمةٍ مُشتركةٍ مع حماس، ويشجعُ ترشُحُ البرغوثي لرئاسة السُلطة، نعم فوضى داخل حركة فتح لا نعرفُ متى تهدأ إلا بعد انتهاء الانتخابات التي ستجري لاحقًا.
رابعًا: القرارُ بإمكاني القول إنه خاطئٌ لعدة أسبابٍ، منها السياسيةُ فهو يدعُو إلى الفوضى والتفكك الداخلي للحركة بسبب التفرُد في القرارات بمصالح حزبيةٍ، والسببُ الآخرُ يقتُلُ العملية الديمُقراطية الداخلية فهو يفتتُها لتصبح أمرٌ مُستحيلٌ القيام به ويرفُضُ ثقافة الاختلاف وقبول الآخر، والسببُ الأخيرُ باعتقادي أن ثقلهُ السياسي سيُؤثرُ بشكلٍ كبيرٍ بإدلاء الأصواتِ لعدة قوائم بما ينعكسُ سلبًا على الحركة.
بالطبع ستتجهُ حركةُ فتح لصُندُوق الاقتراع وإلى الانتخابات التشريعية وهي مُشتتةٌ ومُفككةٌ داخليًا وبعدم وجود الديمُقراطية الداخلية، وبدون أي تغيُراتٍ لصالحها، أو التراجُع عن القرارات كإعادة المفصًولين والمطرودين سواء بقراراتٍ فردية شخصيةٍ أو محاكم صورية، أو حتى سماع أصوات الحريصين على ديمومة الحركة وضرورة التغيير، في ظل تفرد وهيمنة الرئيس عباس وعدد قليل من أعضاء اللجنة المركزية على القرار ومستقبل الحركة، أما بالنسبة لناصر القدوة سيصبح أكثر تأثير بالساحة الفلسطينية إذًا ما وجد طريق آخر عن النهج الحالي للحركة.
.