تقرير: دينيس كورودينوف
عقدت في 15 آذار 2021 جلسة حوار دولية بعنوان "ليبيا في النطاق العالمي-البحث عن مستقبل خاص" وجاء ذلك ضمن إطار الطاولة المستديرة الدائمة "السلام أصعب من الحرب".
نظم المركز العلمي "غلوبس -القرن 21" التابع لكلية "مسارات العولمة" / جامعة موسكو الحكومية لومونوسوف ,بالتعاون مع صندوق الدبلوماسية الشعبية والحركة الشعبية العالمية "بناء السلام".
القضايا الرئيسية التي طرحت على بساط البحث والنقاش هي:
ليبيا بين الماضي والحاضروالوضع الراهن لليبيا وشعبها , الدور الروسي المحتمل في إعادة نهوض ليبيا و في عملية السلام في منطقة شمال إفريقيا و جائحة كورونا و "الواقع الجديد" : نظرة للمستقبل.
شارك في الفعالية خبراء-أكاديميون,ممثلو مؤسسات سياسية روسية وليبيا إضافة إلى رجال دين.
تحدث المشاركون عن الآثار المدمرة للحرب على الوضع في ليبيا , وبالأخص تحدث الخبراء الليبيون المطلون على الأوضاع السياسية الليبية من الداخل.
المداخلة الأولى من الجانب الليبي كانت للسيد عبدالهادي الحويج وزير الخارجية والتعاون الدولي للحكومة الإنتقالية متحدثا عن الأوضاع الليبية و مؤكدا على صحة العبارة القائلة" السلام أعقد من الحرب" وهذا ما نلحظه حاليا في الحياة السياسية والمجتمعية في البلاد ,فنتيجة للإنقلاب العسكري بمشاركة دول الناتو وصلت الأوضاع إلى حالة كارثية تسببت بالإنهيار الكامل للنظام السياسي والإجتماعي استفادت منه قوى سياسية خارجية تسعى إلى تحقيق مصالحها في ليبيا , كما ان التدخل المستمر للجماعات المسلحة الخارجة عن القانون يتم برعاية ودعم من قوى دولية بالسلاح مما يسهم في تتأجيج الصراع في ليبيا.
بالرغم من حالة الإنقسام والتشرذم في ليبيا , تم التوصل إلى تشكيل حكومة واحدة ,تضم كافة الأطياف السياسية في البلاد. نعقد آمالا كبيرة على الحكومة الجديدة. نوه الوزير إلى ضرورة اعتماد قانون بخصوص مصادرة كافة الأسلحة من الجماعات الغير شرعية على أن يكون الجيش النظامي القوة الوحيدة الحافظة للأمن في البلاد.
كما طالب وزير الخارجية كل من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى إعتماد تشريعات يمنع بموجبها نقل الأسلحة إلى ليبيا وهنا أكد الوزير على أهمية الدور الروسي في تسوية الوضع الليبي مشيرا إلى العلاقات التاريخية بين البلدين متمنيا أن يزداد تأثير روسيا في حل الأزمة الليبية.
أكد الدكتور مفتاح جديد ,النائب السابق في البرلمان الليبي .على وجهة نظر الوزير عبدالهادي الحويج بأن ليبيا كانت ضحية مؤامرة دولية عليها وتسعى الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لفرض ديمقراطية زائفة على الشعب الليبي بينما هي تسعى لتحقيق أهدافها بزيادة ثرائها على حساب موارد ليبيا الغنية.تحدث السيد مفتاح عن أمل الليبين بمشاركة أكثر فاعلية لروسيا والمساهمة في حل الأزمة الليبية.
كما عبر الخبراء الليبيون عن قلقهم أزاء الوضع الناجم عن جائحة كورونا في ليبيا وناشدوا الجهات الروسية نيابة عن الشعب الليبي طلب توريد اللقاح الروسي لمكافحة انتشار الفيروس التاجي.
ممثلا عن مسلمي روسيا تحدث ألبير كرغانوف ,مفتي موسكو ,رئيس الجمعية الروحية لمسلمي روسيا وعضو الغرفة الإجتماعية لروسيا الإتحادية, معبرا عن الدعم الروحي لجميع سكان ليبيا بغض النظر عن إنتمائهم الديني.أكد المفتي على أن مستقبل الدولة الليبية يجب أن يحدده الشعب الليبي حصرا وأدان بشدة إضطهاد المسلمسن والمسيحيين في ليبيا وأشار إلى أهمية الإستفادة من التجربة الروسية المميزة في حل النزاعات بين الأديان والأعراق في حل الأزمة الليبية.
أكد السيد ستننسلاف كوردياشوف المستشار الخاص لوزير الخارجية والتعاون الدولي لمجلس التعاون الروسي-البيلاروسي وليبيا على أهمية التعاون الإقتصادي بين ليبيا وروسيا وأشار في كلمته إلى الدور الليبي السابق في العديد من المشاريع الإقتصادية والإنسانية سواء في منطقة شمال إفريقيا أو في منطقة الشرق الأوسط نتيجة للصراع الذي أثاره المجتمع الغربي ضد ليبيا قد نتج عنه أضرار جسيمة للمؤسسات الإجتماعية ولكافة القطاعات الصناعية في ليبيا.
أمل السيد كودرياشوف أن يكون تشكيل الحكومة الواحدة والتي سيكون مقرها مدينة سرت أن تحقق الإستقرار وتعزز التعاون بين بلدينا وعلى الأخص إعادة إحياء العقد لبناء خط سكة الحديد السريع بين سرت وبنغازي بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع في مجال الطاقة وبناء خطوط أنابيب الغاز و بناء الطرق البرية وخصوصا وأن روسيا بلدا رائدا في هذا المجال مما يسمح بتنفيذ المشاريع على مستوى عال وبوقت قصير كما أن مشاركة روسيا في مشاريع الطاقة وبناء خطوط الغاز سيسمح لليبيا بتحسين الوضع الإقتصادي ويسهم في رفع مستوى حياة المواطنين الليبيين , وبرأيه "إن آفاق التعاون الإقتصادي الروسي -الليبي ستكون إيجابية" , وفي إشارة للعلاقات الإنسانية مع ليبيا أعطى المستشار مثالا لذلك جامعة بنغازي التي دمرت خلال النزاع والتي تحتاج للمساعدة فهنا يمكن لروسيا أن تساهم بمساعدة الجامعة كعربون للصداقة وسيسعد الطلاب بذلك.
وضع الباحث في مركز الدراسات الإسلامية والعربية غريغوري لوكيانوف تصورا لتطور ليبيا كدولة حديثة وأشار إلى النمو السريع لليبيا منذ نشأتها, فخلال 70 سنة فقز عدد السكان من 1,5 مليون إلى 6,5 مليون نسمة, أما المدن فتجاوزت ال 140 علاوة على ذلك فإن 90% من السكان هم من الشباب . اما في السنوات العشر الماضية فقد تعرضت ليبيا لسلسلة من المواجهات العسكرية وقد كان الإنقلاب العسكري في 2011 حقيقة وبشكل أدق إجتياحا أو "تدخلا أجنبيا" وهو المصطلح المستخدم حاليا بدل "الحرب الأهلية" . تبين أن ليبيا بلد منقسم ومن الصعوبة بمكان حل الأزمة في وقت قصير, فالمنظمات الإرهابية وفي المقام الأول داعش لها تأثير مدمر ليس على ليبيا فحسب بل على المنطقة العربية بأكملها. كما أن المواجهات العسكرية لهذه المجموعات الإرهابية فيما بينها يعمق الإنقسام بين المناطق في ليبيا. لذا ستواجه الحكومة الليبية الجديدة مهام جبارة ستحتاج المؤسسة السياسة الليبية للتطوير والتحديث. أما بخصوص الإنتخابات فهي مرتبطة إرتباطا وثيقا بمسألة تبني دستورا جديدا للبلاد وان غياب التوافق الوطني حول هذا الموضوع يؤدي بالضرورة إلى عدم إمكانية إجراء الإنتخابات في العام 2021 وقد يكون مفيدا في هذا المضمار التجربة الروسية.
دعا السيد كودرياشوف إلى ضرورة إحياء العلاقات الإنسانية بين روسيا وليبيا والتي توقفت منذ العام 2011 حيث انخفض عدد الطلاب الليبيين الدارسين في الجامعات الروسية إضافة إلى مشكلة المهاجرين من ليبيا ,التي يجب نقاشها غلى مستوى عال. أهمية حماية التراث الثقافي في ليبيا ولروسيا دور هام في ذلك,حيث أنها بذلت جهدا هاما للمحافظة على التراث في سوريا وفي دول عربية أخرى.
خلال نقاش البند المتعلق بجائحة كورونا في جدول أعمال الطاولة المستديرة ,أجمع الخبراء على أن الجائحة شكلت "حقائق جديدة "وهي الجائحة التي عمت كافة البلدان بما فيها ليبيا وروسيا لذلك يرى كل من مدير المركز العلمي "غلوبس- 21" ,رئيس الصندوق الدبلوماسية الشعبية إيليا شيرشينيوف ,رئيس الحركة الشعبية "بناء السلام" إيغور كروغافيخ أهمية تطوير العلاقات الروسية -الليبية في كافة المجالات بما فيها التعليم للكادر الشاب وتشكل روسيا في هذا المجال داعما هاما وأكد السيد ألكسندر بيردنيكوف رئيس لجنة "تطويرالثقافات الإثنية في مجلس القوميات في حكومة موسكو.
ختاما أشار السيد إيغور كروكوفيخ إلى أن بلداننا هي التي تشكل مستقبلها لا أن يشكلها آخرون ولهذا السبب تأسست الحركة الشعبية"بناء السلام"كأداة لبناء وقائع جديدة على أساس جماعي , على أن تكون هذه العملية مستندة على أسس المحافظة على الهوية الوطنية والقومية للشعوب .
أتخذ قرارا بتفعيل العلاقات الإنسانية مع ليبيا بما فيها العلاقة مع الحركة الشعبية"بناء السلام" .إن سفراء "بناء السلام" سيعملون على مشروع علمي " دور الشرق الأوسط في مسارات العولمة" والذي سيساهم للتحضير للمؤتمر العالمي لحوار الأديان والقوميات للدول الأعضاء في الأمم المتحدة الذي سيعقد في موسكو في العام 2022.