ذهب الإسرائيليين لصناديق الاقتراع للمرة الرابعة خلال عامين علي امل ان تأتي هذه الانتخابات بجديد ويستطيع الإسرائيليين احداث تغير حقيقي في الحكم وقد وظف نتنياهو هذه المرة كل دهائه السياسي في محاولة منه لتحسين وضعه الانتخابي وحشد اكثر من 61 مقعد لمعسكر اليمين الذي يتزعمه دون الحاجة لمزيد من التنازلات لبعض الاحزاب التي تريد ابتزازه والحصول علي اكثر من حجمها الانتخابي. لا اعتقد ان الذي جري في اسرائيل خطة تكتيكية اي مصطنعة للاتفاق فيما بين الاحزاب السياسية اليمينة والوسط واليسار ومختلف الوجوه السياسية على هذا السيناريو للهروب من استحقاقات مرحلة ما تجبرفيها اسرائيل على تقدم تنازلات سياسية في موضوع ما رغما عن انفها. المشهد السياسي الاسرائيلي مشهد غير مستقر منذ أكثر من سنتين بسبب ازمة الحكم والتنافس على الحكم بين كتلتن كبيرتين الاولي بزعامة نتنياهو والثانية بلا زعيم ولعل هذا سبب مهم جدا لان لا تشكل هذه الكتلة خطرا وجوديا على نتنياهو ومعسكر اليمين.
ثلاث عشر حزب ساسي اسرائيلي خاض الانتخابات 24 للكنيست دون ان تحقق هذه الانتخابات تغير كبير في الخارطة السياسية الإسرائيلية لصالح نتنياهو ومعسكرة او من حيث صعود حزب سياسي يشكل نداً لليكود، فبعد ان كان (كحول لفان) يمثل نداً لليكود أصبح الان حزب ضعيف وبالكاد يستطيع ان يؤثر ائتلافيا وكذلك حزب (جدعون ساعر) الجديد (الامل الجديد) الذي كان البعض يتوقع ان يحقق مقاعد اكثر مما حقق في هذه الانتخابات. بدت عجلة التغير في اسرائيل وكأنها تسير على ثلج وتدور في زات المكان لهذا بدا نتنياهو المنتصر المهزوم للمرة الرابعة. المشهد يبدوا انه في حالة تجميد الصورة ولن تفلح هذه الانتخابات او يفلح نتنياهو في تحقيق تقدم يمكنه من فتح الطرق المسدود امامه لاعتلاء رئاسة الوزراء دون شراكة سياسية مع حزب سياسي اخر او كتله سياسية اخري. بالرغم من تقدم الليكون وحصوله بشكل نهائي علي 30 مقعد فان معسكر نتنياهو لن يتجاوز 59 مقعد بالاتفاق مع (نفتالي بينت )زعيم حزب (يمينا) وهذا يعني ان نتنياهو لا يمكنه تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة في حال تم تكليفه رسميا من قبل رئيس الدولة رؤوفين ريفلن الا بالذهاب الي يمينا او (الامل الجديد) وهذا مستحيل لرفض زعماء هذه الاحزاب العمل مع شخص (نتنياهو) لكونه فاسد ومرتشي ويعمل لصالحة ويوظف مقدرات الدولة له ولأعوانه , لذا فمن الصعب ان يتوافق نتنياهو من جديد مع)جدعون ساعر( الذي انشق عنه او يمينا بزعامة (نفتال بينت) لكن لا نقول مستحيل . الطريق امام نتنياهو صعب ومليء بالموانع وليس سهلا عليه الوصول الي أكثر من 61 مقعد بسهولة دون ان يمنح وزارات سيادية لحلفائه بالائتلاف.
هذه الانتخابات شهدت تهاوي القائمة العربية بسبب انشقاق الجبهة الموحدة بزعامة (منصور عباس) وبالتالي فقد خسر العرب هذه الانتخابات بعدما كان لهم تمثيل نسبي اكثر من 14 في الكنيست الاسرائيلي , اليوم للعرب تمثيل ضعيف منقسم غير مؤثر ويكاد يكون صفر وهذا اخطر ما افرزته هذه الانتخابات وبتنا نخشي ان يضيع التمثيل العربي يوما من الايام ليس بسبب انقسامهم فقط ولكن بسبب سياسة الليكود التي اعتبرها دفعت ثمن (لمنصور عباس) لينشق عن القائمة العربية ويمثل حزام امان لليكود ليستكمل النصاب القانوني لتشكيل الحكومة الجديدة. الواضح ان نتنياهو نجح الي حد ما في هذه الانتخابات لخفض الثميل العربي وتوظف ما تبقي من مقاعدهم لصالحة وبالتالي استطاع الي حد ما، لكنه غير كاف لتحسين وضع كتله اليمن بزعامته ,قد يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة بائتلاف ضعيف يبقي تحت رحمة (منصور عباس )مع مقاعد العربية الموحدة لكنها حكومة ضعيفة لا تتعدي 63 مقعد الا اذا اتفق مع (يمينا) واستطاع ايضا ان يوفر خطوط امنه لحكومته من الانهيار في اي وقت وهذا قد يكون احد السيناريوهات المتوقعة قبل ان تذهب اسرائيل الي انتخابات خامسة .
المعسكر المناوئ لنتنياهو معسكر مهم لكنه بلا زعامة قادرة عل مواجهة نتنياهو،غير متوافق علي برنامج سياسيي والالتقاء علي قاعدة مصلحة واحدة امر صعب لذلك فان نتنياهو يضمن الا يشكل هذا المعسكر تحديا كبيرا له وقدرته علي تشكيل ائتلاف حكومي حتي لو نقل رئيس الدولة العبرية التكليف لثاني حزب سياسي وهو (يش عتيد) الذي يفصله عن اصوات الليكود بحوالي 30% وهذا مستبعد . لكن قد يستطيع هذا المعسكر تشكيل جبهة معارضة قوية امام نتنياهو وحكومته الجديدة اذا ما نجح في تشكيل ائتلاف وهذا فقط اذا ما وحدوا روؤاهم السياسية وشكلوا قوة برلمانية تعمل من خلال برنامج سياسي معارض وقوي يتحدي نتنياهو وكتلتة البرلمانية للبقاء شوكة في حلق نتنياهو , هنا تستطيع هذه القائمة من الان فصاعدا ان تلعب علي مسالة ملفات الفساد الخاصة بنتنياهو ويشكلوا قوة مانعة لان يكلف نتناهو بتشكيل ائتلاف حاكم اذا ما استطاعوا تحريك القضاء والشارع الاسرائيلي باتجاه استكمال محاكمة نتنياهو واستصدار قرار قضائي يمنع نتنياهو من تشكيل حكومة بسبب خيانته الامانة واساءة الحكم واستغلال المنصب السياسي وتلقي الرشاوي , ولعل المهم هنا التوقيت بالنسبة للمعسكر المناوئ ليبدأ العمل خلال فترة المفاوضات لتشكيل ائتلاف حاكم واغلاق الطريق امام نتناهو قانونيا .