بقلم/ د. عدنان أبو عامر
يراقب الإسرائيليون من كثب تقارب حركتي فتح وحماس، لأنهم يعتقدون أن هذا التقارب، وعلى عكس المحاولات السابقة، يشير هذه المرة إلى وجود إمكانية حقيقية لتحسين علاقاتهما، وهو أمر قد يكون دراماتيكيًا على وجه الخصوص في ضوء الانتخابات الفلسطينية المقبلة.
على خلفية دفع القضية الفلسطينية خارج الأجندة الإسرائيلية، تبرز جهود التقارب بين فتح وحماس، وتسارعت بعد صفقة القرن للرئيس السابق دونالد ترامب، ونيّات الضم الإسرائيلي للضفة الغربية، والتطبيع بين دول الخليج و(إسرائيل)، وهناك آراء قوية مفادها أن هذه محاولة أكثر جدية من سابقاتها.
اللافت أنه لم تُظهر (إسرائيل) والولايات المتحدة اهتمامًا كبيرًا بهذا التطور حتى الآن، على الرغم من أنهما بدأتا بالتحرك، من خلف الكواليس، لاحتمال أن تعطي نتائج الانتخابات الفلسطينية موطئ قدم لحماس في الضفة الغربية، وربما قيادة الساحة الفلسطينية كما حصل في انتخابات 2006.
لا يتردد الإسرائيليون في المطالبة بالحاجة إلى عمل منسَّق مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية، لمعالجة المخاوف بشأن وضع فتح، وإعادة تأهيلها، وإصدار اللجنة الرباعية أمام الحكومة الفلسطينية الجديدة بيانا يتضمن أنه لا تغيير في مطالبها، وسيُطلب منها الاعتراف بـ (إسرائيل) والاتفاقيات الموقعة معها ونبذ العنف، رغم أن القضية الفلسطينية فقدت منذ مدة طويلة مكانتها المركزية في الأجندة الإسرائيلية، لكن ذلك لا يلغي فرضية أن الانتخابات الفلسطينية قد تُستغَل لتحريك ساحة المواجهة مع (إسرائيل) في الضفة الغربية.
صحيح أن الحكومة الإسرائيلية تمتنع حاليا عن التعامل تعاملًا مكثفًا مع موضوع الانتخابات الفلسطينية المقبلة، لكن الحاصل ميدانيًا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن حملات اعتقالات ضد نشطاء حماس وشخصيات فلسطينية معارضة، لتحذيرهم الترشح للانتخابات التشريعية، وقد تجعل هذه الاعتقالات إجراء الانتخابات أمرا صعبا، لكنها قد تسرع في الوقت ذاته عملية التقارب بين القوى الفلسطينية.
صدرت جملة مطالبات إسرائيلية تجاه الانتخابات الفلسطينية، أولها تنسيق المواقف مع الولايات المتحدة والجهات الدولية، وثانيها التوضيح لعباس أنه لن يطرأ أي تغيير على موقف الرباعية تجاه حماس، ما لم تستجب للمطالب الملقاة عليها، وثالثها أن تغير موقفها وتعترف بـ (إسرائيل) والاتفاقيات الموقعة، ورابعها الإعراب لعباس عن القلق المشترك بين الأطراف المعنية، بشأن الانقسام الداخلي العميق الذي تمر به فتح، والحاجة الملحة إلى إعادة تنظيم صفوفها قبل الانتخابات.
الخطوة الإسرائيلية الخامسة تتمثل بالشروع في عملية حوار متجددة مع الفلسطينيين، مع وجود تنسيق أمريكي ودولي وعربي يتعامل مع إعادة العلاقات، وبناء الثقة، والاتفاق على مخطط عام لتجديد العملية السياسية، والتحضير لواقع تتطور فيه الاحتجاجات الفلسطينية على طول الحدود مع (إسرائيل)، وفي نقاط الاحتكاك في الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى الساحة الدولية.