قائمة الموقع

بالفيديو الأسير بشار وعروسه إسلام .. حكاية حُب وُلدت في قاعة الزيارة بسجن ”ريمون”

2021-04-01T21:55:00+03:00
قصة .jpg

خاتمٌ يحمل اسمها، ظلّ يدور ويدور مدّة عاميْن، ما بين هنا وهُناك، حتى وصله أخيرًا قبل أيام قليلة من عقد قرانه بشريكته التي لم تكن تعرف أنه أحبّها من خلف زجاج المعتقل، رغم أنّها لم تحدّثه يومًا، لكنّ قلبه ظلّ معلّقًا بها إلى أن أباح بذاك السرّ لشقيقها.

بشار عبيدي (30 عامًا) من قرية لفتا المهجّرة وإسلام عليان (21 عامًا) من بلدة العيساوية شمالي شرق القدس، نبع حبّهما من داخل معتقلات الاحتلال التي لم تقتل فيهما الأمل بالحريّة التي سُلبت من بشار في العاشر من شهر تموز عام 2014، ليتم الحكم عليه بالسجن لـ9 سنوات بسبب انتمائه للجبهة الشعبية والادعاء بقيامه بأعمال مقاومة ضد الاحتلال.

متى بدأت حكايتهما..

شاءت الأقدار أن يكون “محمد” شقيق “إسلام” في ذات السجن الذي يحتجز فيه الاحتلال “بشّار”، في سجن “ريمون”، وكان محكومًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف، كانا رفيقيْـن مقرّبيْـن جدًا من بعضهما، كما أن عائلة الأسيرين كانتا على صلة ببعضهما، بحكم زيارات ذوي الأسرى في السجون والاطمئنان على أبناء بعضهم البعض.

إقكانت “إسلام” تزور شقيقها بشكل دوري مع عائلتها، فكانت تجلس في قاعة الزيارات -بشكل عفوي- ما بين أخيها “محمد” ورفيقه “بشار” الذي كان يُخفي حبّها بداخله دون أن يعلم أحد بذلك. لكن .. لم يستطع أن يُخفي ذلك أكثر، فوجد نفسه قد أفشى بسرّه لشقيقها “محمد” الذي كان سعيدًا بما سمعه، فهو يعلم تمامًا أن شخصيتهما متناسبتان، لكنه لا يعلم، هل يُمكن لـ”إسلام” أن تُوافق على الخطبة والزواج من أسير وأن تنتظره طوال تلك السنين؟.

قرّر “محمد” أن يبلّغ شقيقته بحقيقة مشاعر “بشار” لها، حينها تفاجأت بل صُعقت، وتساءلت في نفسها متى حدث ذلك، وكيف؟.

هل قبلتْ بأن تمضي في هذه الطريق؟

قرّرت “إسلام” أن لا تُصغي سوى لصوتها، وأن تُعطي لنفسها فُرصة لاتخاذ قرار يحسم الأمر، فإمّا أن توافق وتبلّغ شقيقها بذلك، وإمّا أن تعتذر وينتهي كل شيء.

تقول إسلام لـ”القسطل”: “ثلاثة شهور.. كانت كفيلة لاتخاذ قرار مصيريّ بالنسبة لي.. هل أستطيع انتظاره طوال تلك السنوات، هل سأتحمّل الظروف التي يعيشها الأسرى في السجون، اقتحامات، إضرابات، أمراض.. والكثير الكثير، وقرّرت في النهاية أن أعطي لنفسي ولبشّار فرصة”.

كانت تربطني بعائلة بشار علاقة جميلة بحكم وجود أخي وابنهم في السجون، سألت عنه وعن شخصيته التي كانت تتشابه إلى حد كبير شخصيتي، حينها قال لي أخي: “لو كان بشار لا يتناسب وشخصيتك لما كنت قد وافقت وبلّغتكِ بحبه لكِ”.

 

الخطوة الأولى..

في يوم ميلاد “بشار” وتحديدًا في العاشر من شهر كانون أول عام 2019، حضرت عائلته إلى بيت “إسلام” وتمّت “الطلبة”. وفي الـ17 من شهر كانون ثاني تمت حفلة الخطوبة.

بشّار” كان يهتم بأدق التفاصيل المتعلّقة بالحفلة، فأراد أن تكون على أكمل وجه، حتى لو لم يكن في هذا اليوم المميز مع “إسلام”، حتى أنه اختار لون الفستان الذي ستلبسه، بحسب ما أبلغتنا “إسلام”.

وفي الـ12 من شهر آذار الجاري تم عقد قرانهما الذي لم يتم بسهولة بسبب وضع الكورونا في السجون وإغلاقها لفترة، والذي حال دون وصول الأوراق كي يتم توقيعها من قبل “العريس بشار” عن طريق محاميه.

في المقابل٬ احتفل العريس مع رفاقه في السجن، أقاموا له حفلًا وغنّوا له فرحين بتلك الخطوة التي ستلحقها زيارة قريبة من “إسلام” لـ”بشار” لأوّل مرة منذ أربع سنوات (حيث آخر زيارات إسلام لشقيقها).

ما قبل الزيارة الأولى ..

تصف لنا العروس ليلة الزيارة التي لم تنعم بالنوم فيها وهي تُجهّز نفسها، وتقول: “ماذا سألبس، كيف سأسرّح شعري، عن ماذا سنتحدّث في الزيارة، ماذا سأقول له وماذا سيقول لي”، كانت متحمّسة وخائفة في الوقت ذاته، فموعد عقد القران كان يوم الأربعاء، والزيارة كانت يوم الخميس.

بقيت “إسلام” متوتّرة للغاية خوفًا من أن يحدث شيء من قبل الاحتلال قد يعرقل عملية الزيارة التي انتظرتها وخطّطت لها طويلًا، ولم يكن “بشار” على علم بهذه الزيارة، بل توقّع بأن والدته هي الزائرة في هذا اليوم.

تمّت الأمور على خير بدون مشاكل”، تقول “إسلام”. وتضيف: “45 دقيقة كانت مليئة بالفرح والسعادة والضحك والحزن، مشاعر مختلطة، بقينا لدقائق لا نعرف ماذا نقول لبعضنا، تركنا عيوننا تتكلّم”.

أهالي الأسرى المقدسيين يعرفون أن هذه المرة الأولى التي سيقابلان بعضهما البعض، فكانت العيون تحدّق بهما خلال الزيارة، جميعهم فرحون بلقائهما.

ما إن بدأنا بالحديث مع بعضنا بشكل جديّ حتى سمعنا صوتهم يقولون لنا انتهت الزيارة، حينها غصّ قلبي فعلًا، فلم أرد أن تنتهي أبدًا، وتمنيت لو أن كل تلك الحواجز قد انهارت وتلاشت، وأن لا أرى “بشار” في السجن ولو لثانية، حينها بكيت..

بشّار حاصل على بكالوريوس في تخصص الاجتماعيات، وشهادة “غرافيك ديزاين”، ويُريد أن يُكمل الماجستير في تخصص العلوم السياسية، أمّا عن إسلام فهي خرّيجة هذا العام من جامعة فلسطين الأهلية في بيت لحم، تخصص “صحافة وإعلام”.

سينتظر العريسان بعضهما البعض حتى يوم الحرية في العاشر من شهر تموز عام 2023، حينها سيبدآن حياة جديدة، وسيستكملان ذاك الحب الذي بدأ في قاعة الزيارة.

 

اخبار ذات صلة