بقلم : محمد البطش
تُطرح بين الفينة والأخرى أسئلة حول المقاومة وفاعليتها وتطورها، وكأنهم باتوا يناقشون مرحلة سابقة، وأن المرحلة الآن سياسية برلمانية، وكأن البعض يلمح إلى أن الحالة المقاومة قد تراجعت مقارنة بالمقاومة التي كانت مطلع الانتفاضة الثانية من ٢٠٠٠ حتى ٢٠٠٦م، واحيانا اخرى مناقشة اهمية مراكمة المقاومة وهل غزة افضل وهي تمتلك ترسانة عسكرية ام قبل امتلاكها هذا السلاح.
من وجهة نظري، فإن هذه المسألة ينظر إليها من زاويتين، الأولى، من حيث الفاعلية، والثانية من حيث التطور والأداء والإعداد.
من حيث الفاعلية، فغياب الضفة عن الفعل المقاوم بسبب تطور التنسبق الأمني، عطل فاعلية جبهة مهمة من جبهات الوطن.
أما في غزة، فالحسابات لدى الاحتلال زادت قبل الإقدام على أي جريمة بسبب أداء المقاومة، مما قلل نسبيا المواجهات العسكرية.
من عام ٢٠٠٧ حتى ٢٠٠٨ كانت المقاومة الصاروخية أشد خطورة و أكثر شدة من قبل، و هذا عام لم تكن السلطة موجودة بغزة، مما استدعى إسرائيل لشن حرب على غزة لتدمير قدرات المقاومة.
ومن الأهداف التي أعلنت عنها إسرائيل حينها، توفير الأمن للمدن المحاذية للقطاع، وهذا ما فشلت به إسرائيل، الأمر الذي يدلل على اشتداد المقاومة وفاعليتها في غزة.
بعد هذه الحرب تغيرت المعادلات وتعقدت الحسابات نتيجة أن غزة باتت رأسا مطلوبا للعدو ولبعض الأنظمة، ورغم ذلك بقيت المقاومة واستمرت بفعلها وبتطوير الأداء.
وكان هناك بعد هذه الفترة ضربات مركزة نفذتها الجهاد الإسلامي منها عملية كسر الصمت التي أطلقت خلالها ١٤٠ صاروخا على الغلاف في ١٥ دقيقة..
في ٢٠١٢ كان تطور المقاومة نتيجة الإعداد والتجهيز واضحا وقويا في ضرب مدن العمق المحتلة "تل ابيب" البقرة المقدسة، ردا على اغتيال المجاهد احمد الجعبري، ودخل الصراع مرحلة أخرى، فيها موازين دقيقة للمعارك، وصولا ل ٢٠١٤ الذي شهد أداءً غير مسبوق للمقاومة، وبطولة واستبسالا نتيجة المساحة الآمنة للعمل العسكري في غزة..
شهد بعدها القطاع فترة هدوء لإعادة الإعمار وترميم البيئة الحاضنة للمقاومة..
في العامين الماضيين وبالتزامن مع مسيرات العودة، قدمت المقاومة أداء متواصلا وبطوليا من خلال مشاغلة العدو والرد على جرائمه واستراتيجية الساعة التاسعة، وصولا لمعركة صيحة الفجر التي قادتها سرايا القدس بعد اغتيال المجاهد الكبير بهاء أبو العطا المسؤول في سرايا القدس، ورد المقاومة خاصة حركة الجهاد الإسلامي.
شهدت تلك الفترة أيضا معركة شديدة ومركزة بعد اغتيال الاحتلال للأخ المجاهد محمد الناعم، من سرايا القدس في حادثة الجرافة شرق خان يونس، وما أعقبها من رد شديد لسرايا القدس على الاغتيال.
هذا كله يؤكد ان المقاومة موجودة في كل التفاصيل التي تخص مواجهة هذا الاحتلال.
على مستوى الإعداد، فتطمينات قادة المقاومة ومنهم أمين عام الجهاد الأستاذ زياد النخالة، مريحة على مستقبل وقدرات المقاومة، أمنيا وعسكريا وتكنولوجيا.
كل ما سبق ذكره هو دليل على أن المقاومة حاضرة في كل المراحل، وما بين مرحلة وأخرى تزداد قوةً وبسالةً وتطورًا.
إن هذه الفترة التي تشهد هدوءً نسبياً -وليس تاما- مع هذا العدو، وانشغال جزء كبير من المكونات السياسية الفلسطينية بمشروع الانتخابات، لا تعني أن الصراع في فلسطين قد دخل مرحلة التجميد أو التبريد لتهيئة المناخ لحل سياسي شامل كما يظن البعض او يسعى لذلك.
فهذه فترة أخرى تراكم المقاومة فيها وتستعد لجولات من القتال، كما ذكر اليوم أمين عام الجهاد في خطاب له في دمشق، حيث قال إن صراعنا مستمر وليس محدودا، حتى تسقط أوهامهم ونعيد الأرض، وإن الخيار أمام الجميع هو الصمود والثبات واستمرار المقاومة والجهاد، وهذا هو خيارنا وسياستنا والخيار العقائدي لأمتنا.
اما حول اهمية هذه المراكمة للسلاح والقوة في غزة فهذا السلاح الرادع لو لم يكن موجود لقتل كل شخص يقول لا للتسوية لا للتنازل لا للاستسلام.
في غزة سلاح بسببه باتت "اسرائيل" تسارع الى نفي تنفيذ أي هجمات على غزة عندما يقع انفجار بسبب الاعداد يؤدي الى شهداء هذه التي كانت تقتل ليل نهار في شعبنا دون رادع..
في غزة سلاح بات شريط فيديو مصور من ثواني معدودة يحدث جدلا سياسيا في اسرائيل حول زيارات نتيناهو.
بتقديري لم يكن يوما مراكمة القوة لمواجهة العدو مشكلة بل المشكلة هي ان نجد شخصا او حزبا لا يفكر بالاعداد لمقاتلة هذا العدو.
ان غياب المقاومة الفاعلة سيفقدنا كل شبرا من فلسطين وسنقف حينها نستجدي اوروبا بوقف الاستيطان والضم وستضيع الاغوار من جديد.
المقاومة اهم الامل الوحيد الباقي لنا لتحرير الارض بعد فشل مشروع التسوية على مدار عقود وبعد ان نفض العرب ايديهم من فلسطين