شمس نيوز / عبدالله عبيد
يبدو أن السلطة الفلسطينية جادة في خطوتها نحو التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية هذه المرة على خلاف المرات السابقة، والتي كان يهدد من خلالها الرئيس محمود عباس بالانضمام للمنظمة والتوقيع على ميثاق روما.
جدية السلطة في هذه الخطوة تعتمد على عدة أساسات، من بينها استعانة الفلسطينيين بحقوقيين ومحامين دوليين، للترافع أمام المحكمة الجنائية الدولية في "جرائم ارتكبتها إسرائيل".
ويرى خبراء ومحللون أن السلطة برام الله تريد معالجة القضية الفلسطينية من زاوية تدويلها، الأمر الذي يتطلب منها طرق أبواب المنظمات الدولية والأمم المتحدة، والتي منها التوقيع على اتفاقية روما والانضمام لمحكمة الجنايات الدولية.
وأكد الخبراء لـ"شمس نيوز"، أن استعانة السلطة الفلسطينية بمحامين دوليين، تؤكد على جديتها في هذا الأمر على خلاف المرات السابقة.
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قد وقع على وثيقة للانضمام إلى 20 منظمة ومعاهدة و اتفاقية دولية، أبرزها محكمة الجنايات الدولية، حيث لا يزال عباس يهدد إسرائيل بتقديم شكوى حول العدوان الأخير على غزة، وارتكابها جرائم حرب، لكنه لم يقدمها رسمياً بعد.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إن السلطة بدأت بالاستعانة بحقوقيين ومحامين دوليين، للترافع في المحكمة الجنائية الدولية في "جرائم ارتكبتها إسرائيل".
وأضاف المالكي في تصريح صحفي: بدأنا بالفعل بالتحضير لتقديم ملفات للجنائية الدولية، وبدأنا بالتحرك مع منظمات حقوق الإنسان الدولية لتجميع الدلائل والشهادات".
وأشار إلى أن السلطة تواصلت مع مكاتب محاميين مشهورين (لم يسمهم) ترافعوا أمام الجنائية الدولية، لرؤية إن كان بالإمكان الترافع في مثل هذه الحالة مع فلسطين، مضيفا "بات الآن لدينا مختصين دوليين واستشاريين في هذا المجال لمساعدتنا".
تدويل القضية
الخبير القانوني، د. حنا عيسى أوضح أن السلطة أصبحت تعالج القضية الفلسطينية من زاوية تدويلها، لافتاً إلى أنها ستطرق أبواب كل المنظمات الدولية والأمم المتحدة.
وقال عيسى في حديثه لـ"شمس نيوز": لذلك عندما قدمت السلطة على التسجيل والانضمام لمحكمة الجنايات الدولية يجب أن تكمل مشوارها".
واستدرك: ولكن في حال أتت إسرائيل وقالت سنجلس على طاولة المفاوضات سيكون الأمر مختلفا"، مؤكداً أن الفلسطينيين توجهوا لمحكمة الجنايات الدولية لأن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، على حد قوله.
خطوة صعبة
ويرى عيسى أن الوقت المناسب سيأتي لا محالة لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، مشدداً على أنه "من حقنا أن نتوجه لمحكمة الجنايات الدولية ونطلب التحقيق بكل الجرائم التي قامت بها إسرائيل".
واعتبر الخبير القانوني أن هذه الخطوة صعبة جداً " بل وأكثر صعوبة، وليس من ناحية قانونية فقط بل وسياسية أيضاً".
وأضاف: هناك أمريكا ودول أوروبية صديقة لإسرائيل، وهناك اتفاقيات مع 24 دولة أوروبية على أساس التعامل بالمثل، بالإضافة إلى تغيير في القوانين الدولية، ولم يعد هناك سيادة للفلسطينيين".
السلطة جادة
من جهته، يرى المحلل السياسي هاني حبيب أن استعانة السلطة الفلسطينية بمحامين دوليين، للترافع في المحكمة الجنائية الدولية في "جرائم ارتكبتها إسرائيل"، تؤكد على أن السلطة الفلسطينية جادة في توجهها للجنائية الدولية.
وأشار حبيب لـ"شمس نيوز" إلى توفر قدرات وكفاءات فلسطينيين في مجال حقوق الإنسان، وعدد كبير من الخبراء والمحللين والمهتمين بالقانون الدولي الفلسطيني، "إلا أن التوجه إلى خبراء على نطاق أوسع على المستوى الدولي، يؤكد مرة أخرى على أن السلطة الفلسطينية جادة هذه المرة على خلاف المرات السابقة في هذا التوجه".
وقال: إذا كان هناك جدية من قبل السلطة الفلسطينية في هذا التوجه، فهناك الكثير من المؤيدين للشعب الفلسطيني من كبار الشخصيات والحقوقيين في العالم والذين سبق وأيدوها، وشجعوا أبا مازن على التوجه للجنائية الدولية".
وأضاف حبيب: هؤلاء سيكونون مع السلطة الفلسطينية نتيجة لمواقفهم المؤيدة للجانب الفلسطيني، على ضوء الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني"، مؤكداً أن التوجه الفلسطيني نحو الجنائية الدولية يلاقي ترحاباً واسعاً لدى الرأي العام الفلسطيني والعربي بشكل عام.
وبيّن المحلل السياسي أن المنظومة العربية ستؤيد مثل هذا التوجه وستشجع أطرافا أخرى على المستوى الدولي من أجل دعم القضية الفلسطينية في الجنائية الدولية، على حد تقديره.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية أعلنت عن بدء تحقيق أولي في ارتكاب المسؤولين "الإسرائيليين" جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية، وقالت المدعية العامة بالمحكمة فاتو بنسودا، إنها تعتزم إجراء التحقيق الأولي "باستقلال تام وحيادية"، في خطوة قد تسفر عن توجيه اتهامات لمسؤولين من الجانبين.