غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

أعيدوا لأمتكم بغداد حتى تعودوا

الدكتور جميل عليان
بقلم/ د. جميل عليان

في مثل هذا اليوم قبل 18 عشر عاماً أُعلن رسميا عن سقوط النظام العربي بعواصمه وزعاماته. سقطت شعارات وحدة المصير والهدف واللغة والتاريخ. سقطت النمور الكرتونية وأشباه الرجال.

سقطت بغداد وراح أغلب زعماء الأمة يهللون ويكبّرون بهذا الفتح الأمريكي المبارك، كم أسعدهم رؤية دبابات المجرم بوش وهي تدوس عاصمة الخلافة، ومركز الثقافة والتنوير العربي والإسلامي لقرون.

غاب عن الأمة وزعمائها أنَّ التحولات الاستراتيجية لا تقاس بمدى حب أو بُغض أو حتى الرغبة في التخلص من هذا الزعيم أو ذاك، لكنها تقاس بالمصير والجرح الذي سيحدث لهذه الأمة، وأين ستقف الأمة العربية في التاريخ والجغرافيا بعد هذا الزلزال الذي تعرّضت له بغداد "جدار الأمة الشرقي".

سقوط بغداد من اللحظة الأولى كان يعني حتمية سقوط باقي العواصم إلا ما رحم ربي، ودخولها في مرحلة التفتيت والفتن الداخلية التي لا تنتهي، أو دخول بيت الطاعة الصهيوني، وهذا ما بات واضحاً في شرق الوطن وغربه، من السودان وجنوبه مروراً بكل العواصم، فمنهم  من هرول الى تل أبيب طلباً للحماية ورهن كل مقدّراته وشعبه من أجل رضا واشنطن وتل أبيب، ومنهم من أصرَّ على الوقوف شامخاً ولازال ينزف حتى هذه اللحظة .

لو كان في الأمة رجلٌ رشيد يغار على تاريخنا ومستقبلنا، ويدرك مصير المنطقة بعد هذا السقوط لاستنفر كلَّ الأمة للدفاع عن بغداد وليس عن نظام الحكم، بدل التصرف حسب اعترافاتهم كالنعاج التي عليها أن تتوسل أمريكا "واسرائيل".

سقوط بغداد أدخلنا مرحلة سقوط فلسطين الرواية والعروبة والمقاومة. مرحلة تدفق الدم في شوارع الشام، اليمن، ليبيا، تجويع وحصار لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن والسودان وتونس، ولم تسلم بقعة في الأمة من ارتدادات زلزال سقوط بغداد. لولا هذا السقوط لما تنمَّر الأمريكي ضد إيران وحاصرها.  دول كبرى كتركيا تدفع ثمن هذا السقوط أيضا.

أؤكد أن المصالحة بين كل مكونات الأمة العربية والإسلامية تعتبر الممر الإجباري لمحاولة إزالة آثار سقوط بغداد، نعم المصالحة بين الأعراق والإثنيات والأديان والمذاهب والانتماءات الجغرافية الضيقة، وتقترن هذه المصالحة بوثيقة شرف ترتكز على أن امريكا هي العدو الأخطر والاستراتيجي للعرب والمسلمين ثم يتم بعدها بحث أدوات النهضة والتقدم والاستقلال ومواجهة سرطان الأمة العربية والإسلامية والمسمى "اسرائيل".

ليس صعباً أن تنكفئ الأمة داخل حدودها لسنوات حتى تعيد إنتاج نفسها من جديد بما يضمن لها مكاناً متقدماً ورئيسياً بين الأمم يليق بتاريخها ومكانتها وإمكاناتها وقدراتها.

إن هذه الأمة عظيمة وعميقة في التاريخ وتحتاج الى قادة ومفكرين وساسة بمستوى هذه العظمة.  200 مليون عربي و2 مليار مسلم لديهم كل ما يلزم لسيادة العالم ونشر رسالتهم الخالدة التي تحقق للبشرية كل ما تريده من خير وعدل وحرية.

أمريكا التي تريد استنساخ النموذج التتاري في المنطقة يوم كنا ننتظر سيف المغولي ليذبحنا بدون حراك، فكلنا قرأ وشاهد المخططات الأمريكية لتفتيت المنطقة الى كانتونات ومحميات صغيرة والخرائط لم تستثنِ أي دولة عربية، ومن ينتظر مِبضَع الإجرام الأمريكي كالمشارك في الجريمة ذاتها.

أعيدوا بغداد وعودوا لها حتى تعبّر أسماؤكم عن أوصافكم.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".