قائمة الموقع

مذكرة التفاهم الإيرانية الصينية: محاولة إيرانية جادة لكسر الحصار

2021-04-18T13:03:00+03:00
محمد حميد ابو الحسن

بقلم/ أ. محمد حميد

أعلنت الجمهورية الإسلامية في إيران في وقتٍ سابقٍ عن توصلها إلى مذكرة تفاهمٍ مع جمهورية الصين للتعاون في الشئون الأمنية والعسكرية والاستثمار في مجالات البنية التحتية والموانئ وكذلك إنشاء مناطق تجارة حرة بين الدولتين، بكلفةٍ ناهزت الأربعمائة مليار دولار مقابل تزويد الصين بالنفط الإيراني الخام، هذه المذكرة –التي قد تتطور إلى اتفاقية طويلة المدى- تمثل خطوة إلى الأمام في سبيل تقدم الاقتصاد الإيراني، رغم سنوات الحصار العجاف التي عانى منها جراء العقوبات الاستعمارية التي فرضتها القوة الاقتصادية الكبرى إبان إدارة الرئيس السابق ترمب، والتي ما زالت مفروضةً في الشهور الأولى من إدارة الرئيس الحالي بايدن.

لقد عمل الإيرانيون –وخلال سنوات الحصار التي عانوا خلالها والتي مسّت المواطن الإيراني في حاجاته الأساسية من مأكل ومشرب وأثقلت كاهل الاقتصاد الإيراني -على تحدي هذا الحصار وهذا الظلم المفروض عليهم، فلم يكن للاستسلام ورفع الرايات البيض مكان لديهم، رغم ما رافق هذه السنوات من أوبئة عالميةٍ زاد أثرها على الإيرانيين نتيجة حصار الدواء وشح المستلزمات الطبية ومواد الفحص. ولم يكن ذلك كله ليوقف إيران عن إرسال الإشارات بأن أحداً لن يستطيع إخضاعها للعزلة، بل هي قادرةٌ على الذهاب إلى الشرق والتحالف والاتفاق مع قوىً اقتصاديةٍ كبيرة مثل الصين وقادرة على الثبات في هذا الإقليم الذي يعاني من سيولةٍ هائلةٍ أقرب ما تكون إلى الحريق الكبير، وأنها تملك فرض نفسها في هذه المنطقة بل ومواجهة الولايات المتحدة وحلفائها في الإقليم، وأن الطريق مسدود أمامها لفرض رؤيتها على الآخرين، مهما بلغت سلبية موقف دول الاتحاد الأوربي من درجة تجاه الحصار رغم كونها شريكاً أساسياً في الاتفاق النووي الإيراني.

ورغم أن الجمهورية الإسلامية في إيران شرّعت أبوابها شرقاً، إلا أنها لم تغلق نوافذ التفاوض الغربية، فلا يزال السجال التفاوضي حول الاتفاق النووي الإيراني مع الولايات المتحدة قائماً، وهو ما يعتبر شقاً لآفاقٍ جديدة دون إيصاد للأبواب الأخرى، وفي تقديرنا فإن هذا الاجتهاد يعبر عن آليات تفكير جمعي متمخضة من ورشات عمل مستمرة وأدوات تفكير معاصرة تناولت محاولات كسر الحصار.

هذه المذكرة –وإن ظهرت فيها إيران مستفيدةً منها إلى حدٍ كبير-إلا أنها تعطي جمهورية الصين بُعْداً استراتيجياً وأمنياً حاسماً –في ظل العلاقة غير المستقرة بينها وبين الولايات المتحدة-، فهي تمكنها من تحقيق تواجدٍ أمنيٍ وعسكري في منطقة الخليج، وقد يصل الأمر إلى إنشاء قواعد بحرية صينية على شواطئ الخليج العربي، في أمرٍ قد يمثل سابقة في تواجدٍ صينيٍ في منطقة تعتبرها الولايات المتحدة خطاً أحمراً باعتبارها منطقة نفوذ خالصةً لها.

وقد أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من مذكرة التفاهم لعلمها بالخبرات العسكرية والأمنية الصينية أو ما يمكن اعتباره دخول الصين كقوة عسكرية ذات نفوذ أمني متزايد في المنقطة ومدى قدرة الاقتصاد الصيني على الاستثمار في البنية التحتية والموانئ والتكنولوجيا.

ما يشعرني بالغضب دوماً ، حالة الاستسلام التام للأمة العربية في هذه المنطقة وتسليمها الكامل بالنفوذ الأميركي والإسرائيلي والعجز المطبق عن محاولة التفكير بالخروج من أزمات الواقع وكأنّ ذلك أمرٌ مسلمٌ به من أبجديات السياسة العربية في المنطقة، ففي الوقت الذي ستستعمل فيه إيران نفطها الخام في سبيل الخروج من عنق الزجاجة، تغرق بعض الدول العربية المليئة بالمقدرات الطبيعية في أذيال التبعية والصغار للمستعمر الغربي، وتنتظر دولٌ أخرى المكائد التي تستهدف أمنها المائي دون حراك، كل ذلك والآخرون مشغولون في محاولة تخطي أزماتهم الداخلية والخارجية مراراً وتكراراً، في حين يكون مآل أي محاولة فردية أو جماعية حقيقية للتفكير في الخروج من الأزمة في أمتنا العربية السجن بعد محاكمة صورية بمقتضى تهمٍ جاهزة، في جميع الأحوال فإن شهر رمضان قد حلّ، وهو الشهر الذي نصر الله المسلمين فيه يوم بدرٍ وهم أذلةٌ بكرامة هذا الشهر الفضيل، نسأل الله أن يجعله شهر تمكينٍ لأمتنا العربية والإسلامية، وأن يعيده علينا وقد هزمنا قوى الاستكبار والاستعمار الإمبريالية.

اخبار ذات صلة