قائمة الموقع

المحرر حجازي ورحلة "نبش الذكريات" .. شريط من الألم والفرح

2021-04-20T22:31:00+03:00
عائلة الاسير حجازي
شمس نيوز - هديل الغرباوي

"خمسة عشر عاماً وأن أحلم يومياً بلقاء عائلتي، تحقق هذا الحلم وحتى الآن لا أصدق ذلك" بهذه الكلمات عبر الأسير المحرر رامي حسين حجازي 40 عاماً عن سعادته التي مزجت بدمعتين حاول إخفاؤهما.

في جلسة عائلية دافئة استقبل المحرر رامي وزوجته ووالدته وأبناؤه، مراسلة "شمس نيوز" في منزله بمدينة غزة، وبدأ يستذكر تجربته داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ لحظة اعتقاله، بعد أشهر قليلة من زفافه وحين كانت زوجته في أشهر الحمل الأولى.

ففي تشرين الأول من عام 2003، استقل حجازي سيارة متجهاً لجنوب قطاع غزة في مهمة عمل لشركة الانترنت التي كان يعمل بها، ولكن في طريق العودة وعلى حاجز "أبو هولي" الذي كان يقيمه الاحتلال وسط القطاع ويفصل شماله عن جنوب، اعتقله الاحتلال.

حاجز "أبو هولي" سيء السمعة لدى الفلسطينيين كان الاحتلال أقامه وسط القطاع كمصيدة للشبان، ولطالما كان هذا الحاجز قبل انسحاب الاحتلال من قطاع غزة عام 2005م، مصدر ازعاج وتنغيص لكل سكان قطاع غزة، كما يقول المحرر حجازي.

يتابع حجازي بالقول: "كان جنود الاحتلال يمارسون إجراءات معقدة واستفزازية ضد المواطنين في حاجز "أبو هولي"، لا تخلو من التعذيب والإهانة والضرب، بل وقتل أحيانا، "وأتذكر أنه بمجرد أن رأى جنود الاحتلال اسمي وهويتي قاموا باعتقالي بحجة أن اسمي ورد في ملف ما!".

رحلة العذاب

فور الاعتقال تبدأ رحلة عذاب ومعاناة، فالتحقيق يبدأ باللحظة الأولى، حولوني إلى معتقل عسقلان ومكثت 90 يوماً تحت التحقيق، وهناك عشت أبشع أيام حياتي، حيث يعتمد الاحتلال على التعذيب الجسدي والنفسي، أيام بلا نوم وبلا طعام وبلا راحة، افتعال ضوضاء وتقييد بكرسي صغير لساعات طويلة، ضرب مبرح، وحتى تشغيل مكيفات في الجو البارد، وكل ذلك بزنزانة انفرادية في انقطاع تام عن العالم، حيث لا تحتوي إلا على فرشة وغطاء وجدرانها خشنة جداً، كما يروي حجازي.

واستذكر المحرر حجازي كيف تم نقله للسجن المركزي ليقضى محكوميته 15 عاماً، والذي يتألف من غرف يمكن أن تحتوي على 6 أسرى أو 14 أسيراً، مشيراً إلى أنه طاف على كل سجون الاحتلال، حيث يتعمد الاحتلال نقل الأسير ليفقد الاستقرار في أي سجن، خاصة وأن الأسرى تمكنوا من تحويل تلك السجون لجامعات ومجتمعات كاملة وذلك كتحدي للاحتلال.

عزيمة قوية

ويقول المحرر حجازي وهو يتنفس الصعداء ويشعر بالفخر، إن الاحتلال لم يفت من عزيمته، بل شغل وقته داخل الأسرى في المزيد من التعلم إذ حصل على بكالوريوس تاريخ، ودبلوم قيادة منظمات المجتمع المدني، ودبلوم خدمة اجتماعية، وماجستير إدارة.

ويؤكد المحرر حجازي أن كل الأسرى لديهم عزيمة قوية جداً، وأن تجمعهم علاقة أخوية ومتينة ومميزة، مشيرًا إلى أن هناك خطوات من الأسرى لمواجهة السجان منها الاضرابات عن الطعام، مضيفًا: "هناك تعاضد وتكاتف بين الأسرى، الأمر الذي يخفف على ويلات السجن، ولكن الأسرى بحاجة لأن يتم الاهتمام بقضيتهم أكثر، وأن يكون هناك عمل جاد لتحريرهم".

وشدد على ضرورة أن تحفظ كرامة الأسير والمحرر، مردفًا بالقول: لا يجوز أن يقطع راتب الأسير أو المحرر، مهما كانت المبررات، وأن يتم توحيد كافة الجهود من أجل تحرير الأسرى خاصة في ظل تطوير الاحتلال لأساليبه لتدمير الأسرى سواءً بالإهمال الطبي لقتلهم ببطيء أو من خلال تدميرهم معنوياً ونفسياً".

تحقيق الحلم

وبالحديث عن يوم التحرر؛ يستذكر المحرر رامي ذلك اليوم بكل تفاصيله التي يملؤها الخوف والشوق والفرح، ويقول وعيناه تلمعان وكأن ذلك اليوم يمر أمام عينيه: "جنود الاحتلال لساعات طويلة كانوا يحاولون إخافتي من خلال أنهم لن يفرجوا عني، ولكن في يوم الإفراج تم إبلاغي بتجهيز نفسي وكنت حينها بسجن بئر السبع، ونقلت إلى حاجز بيت حانون".

وأضاف: "عند الحاجز، ضابط من المخابرات الإسرائيلية قال لي صراحة الآن ستعود إلى غزة ولكن ستبقى عيوننا عليك، وبعد ساعات من الانتظار في حاجز بيت حانون تم ارشادي للتوجه إلى بوابة الخروج، وهناك وجدت حافلة تنقل الأفراد من الجانب الإسرائيلي إلى الجانب الفلسطيني وهناك بدأت أتنفس الصعداء، وزال الخوف والقلق وبقي الفرح".

ويضيف:" لا يمكن أن أصف فرحتي بهذا اليوم، ففي هذا اليوم من تشرين أول 2018 تحقق حلمي بعد أن كنت قد آمنت بأن الأحلام لا تتحقق".

الصبر جميل

والدة رامي حجازي؛ شرحت مدى صعوبة أن يغيب ولدها الوحيد عنها 15 عاماً، وأنها حرمت سنوات طويلة من زيارته، تحت حجج وذرائع واهية من الاحتلال، وتقول وهي تحاول منع دموعها من الانهمار: "كنت أطمئن عليه عندما يزوره والده أو زوجته، وكم كنت أتمنى أن يشهد والده فرحة تحرره ولكنه توفي قبل ذلك".

هبة زوجة الأسير المحرر تقول إن الجميع دعمها في انتظار عريسها، وتحمد الله أنها كانت على قدر المسؤولية، وأنها انتظرت وصبرت وربت ابنها حسين، الذي ولد ولم يراه والده، ليخرج يراه فتاً يافعاً يبلغ من العمر 15 عاماً.

ففي يوم الإفراج عن رامي، تحررت انا معه، وبدأ قصة حياتي الحقيقية، وقصتنا سويا كعائلة، والحمد لله أكرمنا الله بطفلين إلى جانب حسين، ونحن سعداء جداً اليوم.

حماية الأسرى واجب قانوني

يقول مدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان علاء السكافي إن الاحتلال لا يلتزم بأي من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، التي وقع عليها وبمعايير حقوق الانسان، والسبب يرجع لصمت المجتمع الدولي، الأمر الذي يحتاج فعل قانوني فلسطيني ودولي لمحاسبة الاحتلال على تجاهل القانون الدولي.

يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال اليوم 4450 أسيرا، وذلك وفق تقرير نادي الأسير الفلسطيني، بينهم 40 سيدة و170 طفلا ونحو 380 معتقلا إداريا دون تهمة.

اخبار ذات صلة