د. محمد مشتهى
ليس بالأمر السَّهل أو البسيط عندما يتم مغفرة ما تقدم من ذنبك، ماذا يعني أن يغفر الله ما تقدم من ذنبك؟ ماذا يعني أن يقول الله لك: غُفرت ذنوبك كلها؟ إنه يعني الجنَّة، إنه يعني ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
عمل بسيط يقوم به الانسان يقابله أجر كبير من الله، وهنا تكمن الرحمة الإلهية والتجلي على الخلق، فهل يوجد كرم أكثر من ذلك؟ بالتأكيد لا
عندما يكون عندك جبال من الذنوب قمت بها طيلة سنوات طوال، ثم بعمل بسيط تُقبِل فيه على الله، فيقول لك الله: غُفر لك ما تقدم من ذنبك، يا الله ما أكرمك.
الله عز وجل يريد من عباده الاقبال عليه، فعندما تصوم أنت تُقبِل عليه، وعندما تصلي تُقبِل عليه، والاقبال يعني الامتثال لأمره ثم الاحتساب لله طلبا للأجر، لذلك عندما تقول: نويت الصيام ايمانا واحتسابا لله، فإيمانا تعني امتثالا وطاعة لأمر الله لأن الله هو الذي طلب لصيام، ثم احتسابا في الأجر.
لذلك النيَّة أسبق من العمل، فلنُرِي الله من أنفسنا خيرا في هذا الشهر الفضيل، إن الهجوم والاقبال على الطاعات مهم، ففي شهر رمضان تكون النفس أكثر شفافية، لذلك مطلوب استثمار اقبال النفس على الطاعات، فمثلا: اذا رأيت إنسان يصلي اهجم معه وصلي، رأيت انسان يتصدَّق اهجم وتصدَّق، علَّ الله أن ينظر لك بعين الرحمة والرضى، واذا نظر اليك الله بعين الرحمة عندها ستكون أنت من أهل الحظوة.
نعم؛؛ عندما يكون في نفسك إقبال على الخير وعلى الطاعات مطلوب استثماره خير استثمار لأن لحظات وأيام الادبار في النفس كثيرة جدا، فالبخل ادبار، والسخرية والنميمة والغيبة ادبار، عدم الاخلاص ادبار، عدم الصلاة في المسجد ادبار، عدم التصدق ادبار، عدم صلة الارحام ادبار، والتقصير مع الوالدين وعدم برهما ادبار، فالادبار اوقاته كثيرة عند الانسان، لذلك مهم جدا استثمار لحظات الاقبال حين تأتي.
إن أبواب الخير كثيرة منها ما يحتاج للمال ومنها ما لا يحتاج، ومنها ما يحتاج للجهد ومنها ما لا يحتاج، فالصدقة مثلا هي باب من أبواب الخير، فالتصدُّق بالمال صدقة، وكذلك تبسمك في وجه أخيك صدقة، ولقمتك في فم زوجتك صدقة، وبر الوالدين باب من أبواب الخير، وكذلك إفطار صائم، حتى إن اماطة الأذى عن الطريق باب من أبواب الخير.
أعمال الخير مهمة في كل الأوقات وكل الأشهر، لكن أفضل ما تكون في شهر رمضان، لأن النفس تكون في رمضان أكثر إقبالا للخير واكثر تهذيبا.
أن أبسط الأعمال والأشياء عظيمة عند الله، فليس مطلوب منك أن تبني جامع مثلا، الله يُربِّي أبسط الأعمال التي تقوم بها لتصبح كالجبال، لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان طيلة حياته جوادا، لكنه كالريح المُرسلة في الجود والكرم في رمضان.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وجعلنا الله وإياكم من المُقبِلين على الطاعات