بقلم/ مصطفى ابراهيم
ساد اعتقاد في الساحة الفلسطينية ان انتخابات المجلس التشريعي في العام ٢٠٠٦ كانت الاخيرة، وان حماس لن تجري الانتخابات مرة أخرى، وانها ستستمر بحكم قطاع غزة للابد بالسطو على ارادة الناس.
إلى أن جاءت تصريحات عزام الاحمد الصادمة للفلسطينيين الذي قال فيها: ان حركات التحرر الوطني لا تٌجري انتخابات تحت ظل الاحتلال إلا مرة واحدة، ولولا وفاة عرفات لما أجرينا انتخابات 2006. بعد عقدين من الزمن واكثر ، وتجريف كل اشكال المقاومة، فجأة تذكر الاحمد ان للفلسطينيين حركة تحرر وطني.
تصريحات الاحمد للمطلعين على تاريخ الحركة الوطنية والقيادة الفلسطينية يعلمون تماما انها لم تكن ديمقراطية، ولم تمارسها داخل اطر المؤسسات الفلسطينية. تصريحاته التي اثارت غضب الفلسطينيين اكدت على عدم ديمقراطية الحركة الوطنية التي تستفرد بها حركة فتح وادعاءها، والقيادة الفلسطينية التي صدعت رؤوس الفلسطينيين خلال السنوات الماضية ببناء مؤسسات الدولة، وضرورة اجراء الانتخابات، وانها المدخل لانهاء الانقسام الفلسطيني واعادة بناء النظام الفلسطيني على اسس ديمقراطية.
واهدرت القيادة والفصائل عقد من الزمن من عمر القضية الفلسطينية بحوارات مصالحة واتفاقيات لانهاء الانقسام والعبث بمصير الشعب الفلسطيني، إلى ان وصلنا الى هذه النتيجة.
وتجسد العبث والتيه في ايهام الفلسطينيين وتوريطهم بضرورة اجراء الانتخابات بدون أي ضمانات حقيقية، وما جرى خلال الاشهر الماضية بعقد الاجتماعات والحوارات وحديث الصفقات بين حركتي فتح وحماس والاتفاق على اجراء الانتخابات.
وما اكتنف العملية الانتخابية خلال الثلاثة اشهر الماضية من غموض وفوضى وعوار قانوني واخلاقي برفع سقف توقعات عموم الفلسطينيين بالتغيير، والشراكة وعودة الروح الديمقراطية وسيادة القانون وبناء مجتمع ديمقراطي حر، وبث أمل كاذب حول حقيقةً اجراء الانتخابات.
ما الذي جرى وجعل الرئيس محمود عباس يصر على تأجيل الانتخابات ما يعني الغاءها، وهل حقيقي ان عدم موافقة دولة الاحتلال على اجراء الانتخابات في القدس هو السبب؟ الحقيقة ان السبب هو تشتت حركة فتح وتوجها للانتخابات بثلاثة قوائم انتخابية.
والحقيقة المرة ان الرئيس عباس صدق التحذيرات الاسرائيلية بعدم قدرة حركة فتح على تحقيق نتائج تمكنها من البقاء مسيطرة على النظام السياسي وان حركة حماس ستعزز من مكانتها ونفوذها في النظام الفلسطيني.
والسؤال ما الذي تغير في الموقف الاسرائيلي من الانتخابات الفلسطينية بشكل عام ومن القدس بشكل خاص.
الحقيقة ان اسرائيل لم تغير موقفها منذ صعود رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على الحكم وسياسته بتعزيز الانقسام الفلسطيني الذي يعتبر مصلحة اسرائيلية عليا.
والمحزن ان الرئيس محمود عباس وبعض المسؤولين في مركزية حركة فتح لا زالوا بعلقون امالهم ورغباتهم في استمرار العلاقة مع اسرائيل ومصادرة ارادة الفلسطينيين ويصدقوا الرواية الاسرائيلية حول قدرة حركة حماس على اكتساح الانتخابات.
مع ان هبة القدس كانت التعبير الساطع على ارادة المقدسيين في رفض الاحتلال وتحدي ارادته الذي يحاول فرضها بأشكال مختلفة، كما تجسدت الارادة الفلسطينية في مساندة المقدسيين الذين يتعرضوا للتهميش واقصاء قيادتهم ومؤسساتهم التي تعاني الافقار والحرمان وتركوا وحدهم في مواجهة الاحتلال وسياسته في تهويد القدس.
وفي مقابل تحدي الارادات، خضعت السلطة وقيادتها لإرادة الاحتلال، والقفز عن ارادة عموم الفلسطينيين، وبدلا من تعزيز ارادة الشعب الفلسطيني وانجاز الوحدة الوطنية وتعزيزها بمواجهة صلف الاحتلال الاسرائيلي وتحذيراته، والذي يعمل جاهدا لتعزيز الانقسام ببث الرعب من احتمال فوز حماس.
مع العلم ان الشرعية يمنحها الشعب الفلسطيني وليس العلاقة مع الاحتلال.
وعلى ضوء ذلك لا يجب ان يمر قرار الغاء الانتخابات، ويجب الضغط عليه بكل الوسائل، والتوضيح له ولمن يقف خلفه انه ليس من السهل التراجع واحتقار راى الفلسطينيين والاغلبية التي تؤيد اجراء الانتخابات.
فقرار لانتخابات جاء مفاجأ وبقرار متفرد من الرئيس عباس، وهو الذي كان مصرا على اجراء الانتخابات، وهو من رفع سقف الفلسطينيين باجرائها، وكان واضحا ان الهدف منها شخصي لتحديد شرعيته، بالاتفاق مع حماس التي تنصلت منها وادركت انها ستدفع ثمن تلك الصفقة. اضافة الى اعتقاد الرئيس عباس ان هناك تغييرات قد تحدث مع قدوم جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة الامريكية
على الفصائل وفي مقدمتها حماس ان تثبت انها ليست طرفا في صفقة مع الرئيس عباس، وان لا تكتفي بالرفض عبر البيانات والاستنكار والادانة، يجب ان يكون هناك تحركات ميدانية وشعبية لفرض ارادة الفلسطينيين على ارادة الاحتلال، واردة من يتنكرون لحق الفلسطينيين باختيار ممثليهم وهي خطوة لتغيير النظام الفلسطيني الذي يصادر ارداة جموع الفلسطينيين.