قائمة الموقع

الاختلاف على الانتخابات في القدس أمر مريب ...!

2021-05-01T10:42:00+03:00
د. هاني العقاد 1.jpg

بقلم/ د. هاني العقاد

منذ العام 2007 حينما دب الخلاف بين الفلسطينيين وسال الدم في الشوارع وانتهكت كل القواعد والمواثيق الوطنية، واكل الفلسطينيين لحم بعضهم ومضغوه وبلعوة ولم يبقي بينهم اي محرمات , حرقت الكثير من الاشرعة والمراكب ولم يبقي سوي القليل من القوارب للإبحار نحو خطوط النجاة اي الوحدة الوطنية الفلسطينية التي مازالت تستنزف وتنزف حتي هذا اليوم، لم يتفق الفلسطينيين من يومها حتي الان علي شيء , كانوا يتفننوا في الاختلاف ويبحثوا عنه بين سطور السياسة، وكل تصريح او قرار سيادي ,مارسوا المناكفات، والتخوين، مارسوا كل ما يدور في خيالهم لتشوية الاخر حتي لا يقبل الاخ اخية او يتسامح الجميع وتسود الشراكة المجتمع السياسي الفلسطيني . الشارع الفلسطيني سبق الساسة واعتبر الفلسطينيين انفسهم اخوة وتلاشت الكراهية بين ابناء المجتمع الي حد ما حتي رفعت كل الحواجز امام اعادة العلاقات بين الفتحاويين والحمساويين جماهيريا واجتماعيا، بالرغم من ذلك لم يتفق الساسة بعد علي استعادة وحدتهم او لم شمل صفوفهم حتي بعد اكثر من 15 عاما، عندما بلغ السيل الزبي وادرك الجميع ان الانقسام كارثة وطنية فلسطينية المت بالكل الفلسطيني وليس فتح وحماس فقط وبعد 15 عامًا انصت الطرفان لنصائح العرب والاصدقاء والجيران وشركاء الفلسطينيين في معركة النضال وازالوا برعاية مصرية كثير من اكوام الثلج بينهم وتوصلوا الي الكثير من التفاهمات لاستعادة وحدتهم الا انهم لم يغادروا مربع الانقسام وسرعان ما يعودوا الي نقطة الصفر وكأننا كلما اقتربنا مترا واحدا من استعادة وحدتنا ولم شملنا الفلسطيني ورص صفوفنا وتوحيد كلمتنا ورايتنا كلما ابتعدنا بخلافاتنا السياسية الف متر .

مع تعمق الاختلاف بين الفلسطينيين وانشقاق صفوفهم اصبحنا نري ان اختلاف الرؤي السياسية امر طبيعي ومتوقع والاختلاف علي برنامج سياسي واحد امر مقبول، وان اختلاف الفلسطينيين علي استراتيجية واحدة للتعامل مع المحتل وطبيعة الاشتباك امر متوقع ايضا بسبب اختلاف الايدلوجيات الفكرية والسياسة، وان اختلاف الفلسطينيين علي تمثيلهم السياسي وعدم قبول البعض ان يكون لهم رئيس يتحدث باسمهم امر متوقع , وان اختلاف الفلسطينيين علي اعتبار (م ت ف) الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من ثوابت بعض الفصائل , لكن الغير متوقع ان يختلف الفلسطينيين اليوم علي امر يتعلق بالقدس، عروبتها، فلسطينيتها، ارتباطها بالثوابت الفلسطينية الغير قابلة للتصرف امر في غاية الغرابة وامر حقيقة مريب قد لا يصدق اذا ما خلا الانسان لنفسه واخذ يفكر في عمق هذا الاختلاف . امر مريب ان يختلف الفلسطينيين سياسيا على اعتبار قضية القدس ارض سيادية فلسطينية في المقام الاول. الانتخابات كشفت عمق هذا الاختلاف المريب فانقسم الفلسطينيين الي فئتين فئة تقول انها تريد فرض الانتخابات بالقوة في القدس دون ان تمتلك استراتيجية لذلك، وبالتالي يستمر العمل على اجراء الانتخابات التي جاءت بمراسيم رئاسية في 15 يناير الماضي، وفئة تقول ان اجراء الانتخابات في القدس امر وقضية سياسية بامتياز وتعتبر هذه القضية من اهم القضايا المصيرية لوضع القدس علي الخارطة الفلسطينية وكسر قرار ترمب وابجديات صفقة القرن. لعلي كنت أفضل التريث في قرار التأجيل وانتظار التقارير من لجنة الانتخابات بمدي حرية المقدسين بالبدء بالدعاية الانتخابية وبالتالي عند اعاقة اجراء هذه الانتخابات ترشحا وتصويتا ودعاية انتخابية حينها يمكن اتخاذ قرار التأجيل وتحميل "إسرائيل" المسؤولية.

ان الانتخابات في القدس تثبت للجميع ان السيادة الفلسطينية في المدينة المقدسة للفلسطينيين ومادام الفلسطينيين ترشحوا وانتخبوا ممثليهم عن المدينة المقدسة ومارس المقدسين الانتخابات داخل مدينتهم واحيائها فإنها العاصمة الابدية للدولة الفلسطينية وعلى "إسرائيل" والمجتمع الدولي وهذا يعني ان كل اجراءات اسرائيل منذ العام 1967 باطلة في المدينة المقدسة وغير شرعية ويجب اسقاطها دوليا. اما قبول الانتخابات في كل الارض الفلسطينية وعدم قدرة الفلسطينيين اجرائها في القدس يعني ان الفلسطينيين اليوم بشكل او باخر اعترفوا بقرار ترمب ديسمبر 2017 الذي اعتبر القدس موحدة وعاصمة لدولة الكيان وبالتالي فان "إسرائيل" لها الحق بتغير الجغرافيا والديموغرافيا وترحيل الفلسطينيين المقدسين خارج مدينتهم واستبدالهم بيهود مستوطنين وبالتالي تجهز على مقدساتها واهمها المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وكنيسة القيامة.

امر مريب ان يختلف الفلسطينيين على اجراء الانتخابات في القدس، وامر مريب ان يتوارى البعض خلف مقولة "فرض الانتخابات بالقوة " كشعار وليس استراتيجية، وامر مريب ان نختلف كفلسطينيين على ان تستمر الانتخابات حتى النهاية إذا ما عطلت في القدس اي عدم اجراء الانتخابات في القدس كباقي مدن ومحافظات الضفة الغربية والقطاع وهذه جريمة فلسطينية لا يمكن للأجيال الفلسطينية القادمة ولا حتى العربية والاسلامية غفرانها باي شكل من الاشكال.

بعد هذا الاختلاف لا اعتقد ان اي اتفاق بين الكل الفلسطيني سياتي بثمار ولا اعتقد ان اتفاق الفصائل في القاهرة بقي منه شيء وخاصة ان الاتفاق ابرم علي اساس اعتبار الارض الفلسطينية كلها وحدة جغرافية فلسطينية ودائرة انتخابات واحدة بما فيها القدس العاصمة التي هي ارض فلسطينية محتلة بتعريف القانون الدولي , واعتقد انه صعبا علي الفلسطينيين ان يتوحدوا علي استكمال ادارة المعركة السيادية في القدس والاستمرار في الاشتباك مع الاحتلال الاسرائيلي بكل الاشكال علي اساس ان اجراء الانتخابات في القدس معركة كبيرة لن يتوقف الفلسطينيين عن خوضها سياسيا ودبلوماسيا وشعبويا حتي يحققوا هدفهم ويجروا انتخاباتهم في كل الارض الفلسطينية كدائرة انتخابية واحدة .

اخبار ذات صلة