عندما نفّذ منتصر شلبى عمليته البطولية والجريئة حدّد معالم مستقبل أيامه القادمة ، إمّا أن يكتبَ الله له النجاةَ ويستمرُ فى عمله المقاوم وإمّا الاعتقال وإمّا الشهادة ، وقدّر اللهُ له أن يُعتقل ، والاحتلال الصهيونى واهمٌ حين يعتقدُ أنّ الاعتقالَ يمكن أن يكسر روحَ المقاتل بل إنه يزداد إصراراً على مواصلة الاشتباك كما هم أسرانا داخل سجون الاحتلال يخوضون معاركهم مع الجلّاد الصهيونىّ على طريقتهم ، وكثير ممن تحرروا واصلوا العمل المقاوم ولم يركنوا بأنفسهم على قارعة الطريق ... فالاعتقال ليس نهاية الحياة ، قدّم منتصر نموذجا للمقاوم الفلسطينى أنه إذا تقدّم وأخلص النيّة هيّأ الله له كل أسباب التوفيق والنجاح فى مهمته القتالية ، عندما يخترق الحواجز العسكرية وينفّذ عمليته فى منطقة معقّدة أمنيا ويُطلق الرصاص على المجرمين الصهاينة من مسافة صفر - كما أقر بذلك ضباط الاحتلال - ثم يعود سالماً غانماً ، ألم ينتصر شلبى - واسمه منتصر يدل عليه - على امكانيات الجيش الصهيونى المدجّج الذى أوهمونا دائما أنه من اقوى جيوش العالم وأكثرها تقدّماً فى قدراته وإمكاناته ؟ ... لقد تأكد للجميع أن الفلسطينى يستطيع أن يصنع المعجزات وأن معركة الفلسطينيين مستمرة مهما كانت امكاناتهم متواضعة وتضحياتهم كبيرة ، أمّا النصر هِبَة من الله ولا دخل للخلق فيه ، ولا يتنزل النصر على القاعدين الكسالى لكنه يتنزل على منتصر المجاهد العابد الصائم القائم صاحب الهمّة العالية وأمثاله الذين لم يعجزهم ضعف الإمكان ، فطوبى لمنتصر ونسأل الله له الثبات . لقد تقدّم فى لحظة مُهمّةٍ و أسرع من أجل القدس التى كانت تناديه ومن أجل الاقصى الذى يستصرخه ومن اجل حرائرنا وأطفالنا فى حى الشيخ جراح الذين يستبيح المجرم الصهيونى حرماتهم ويُرعبهم على مدار الساعة وهو يتوعدهم بالطرد فى كل لحظة لقد تقدّم منتصر شلبى من أجل فلسطين التى تخلى عنها العرب والمسلمون واعترفوا وطبّعوا مع الغاصب المحتل ، نفّذَ منتصر عمليته الجريئة والمعجزة من مسافة صفر ومِن حوله الحواجز العسكرية والسياجات الأمنية ليقهر الاحتلال فى منظومته الأمنية والعسكرية التى يتفاخر فيها ، وهو الذى حدّد معالم معركته جيداً ، وجاءت عمليته على قَدَرٍ لتشفى صدور أهل القدس والشيخ جراح وكل فلسطينى مقهور ، ايضا استطاع منتصر ان يستنهض قوة الضفة من جديد ليؤكد حيوية المقاومة فيها وأنّ ضِفّة العيّاش وطوالبه وأبى جندل لم تتراجع ولم ترفع الراية البيضاء كما ظنّ البعض وها هى تنتفض من جديد ويرتقى الشهيد سعيد عودة شاهداً على مرحلةٍ ثوريةٍ وانتفاضةٍ تخرج من تحت الرُكام وتُربِكُ حسابات الاحتلال تُعيد لنا كرّة انتفاضة الحجارة عام ١٩٨٧ وانتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠ لتُشعل الارض تحت اقدام الصهاينة جنوداً ومستوطنين ، وقد حانت الفرصة الآن أمام القيادة الفلسطينية من أجل إستدامة انتفاضة القدس والضفة ان يتم تشكيل القيادة الوطنيّة الموحدة لإدارة انتفاضة شعبنا دون تردد .
منتصر يستنهض الضِفّة من جديد
قلم/ أحمد المدلل