يريد الاحتلال الإسرائيلي أن يأخذ كل شيء بالقوة. ومن يريد كل شيء لا بد وان يخسر كل شيء.
يريد الصهاينة الأرض والمياه والحدود والبيوت والحقول والزيتون ورغيف الطابون والفلافل والجمل وحتى الكوفية الفلسطينية. وتريد الأحزاب اليمينية الصهيونية الجديدة أن تفتح معابد لليهود في جميع العواصم العربية وان تحرق المساجد والكنائس في القدس وفي الضفة الغربية.
تريد منظمة لاهافا وتعلن ذلك على صفحاتها، أن تمنع الحب بين البشر، وهي تهاجم وتضرب منزل كل فتاة يهودية تقع في حب أي شاب عربي !! يريدون الكراهية بدل الحب !! يريدون الموت بدل الحياة !!
يريد الوزير العنصري سموتريتش وعضو الكنيست بن جبير ومن قبلهم نفتالي بينيت وايلات شكيد وماري ريجيف ووزراء الليكود. يريدون ويبتسمون حين يسمعون المتطرفين اليهود ينادون بتفجير المسجد الأقصى لإقامة هيكل لليهود مكانه. ويريدون طرد أهل الخليل وأهل القدس من منازلهم وتوزيعها على اليهود. ولكنهم في نفس الوقت يريدون تعويضات عن هجرتهم الطوعية من اليمن وخيبر والقاهرة ودمشق !!
قد لا يعرف المحللون العسكريون والأميون في إسرائيل أن ما جرى في باب العامود قبل أسبوع لا يمكن مسحه أبدا. ولا يمكن نسيانه من طرف الأجيال الفلسطينية التي تابعت عبر شاشات البث كيف يهتف العنصريون اليهود الجدد (احرق قرية العرب . الموت للعرب). فقد وصلت الرسالة إلى جميع الشعوب العربية. وصلت تماما. فقد أعادوا من غير قصد جميع شعوب البلاد العربية إلى مرحلة 1947.
السياسيون يكذبون ويبيعون الوهم لبعضهم البعض في فنادق المفاوضات . والحقيقة التي يعرفها الجمهور الإسرائيلي كما يعرفها الشعب الفلسطيني أن المفاوضات انتهت . قتلت . ماتت . ولن يجرؤ أي قائد فلسطيني في المائة عام القادمة أن يتحدث للشعب الفلسطيني عن مفاوضات . هذا سيتطلب ثلاثة أجيال على الأقل .
بعد تنكر الاحتلال لجميع بنود اتفاقيات أوسلو باستثناء التنسيق الأمني !! صارت الأجيال الفلسطينية الراهنة ترفض معاهدة أوسلو واتفاقياتها وتعتبرها صك هزيمة وذل .
يندم جيل الانتفاضة الأولى على كل لحظة خداع عاشها . ويندم على ثلاثين عاما من السخرية والإهانة التي تسببوا بها لأنفسهم ولأولادهم بصمتهم الذليل على اتفاقيات أوسلو الخادعة .
ما يحدث في القدس الآن ليس مجرد هبة ، ولا حتى مجرد انتفاضة أخرى . بل انه نقطة انعطافة تاريخية تجاه المربع الأول والعودة الى حقيقة أن هذا صراع وجود وليس صراع حدود .
خدعت تل أبيب العالم كله ، وخدعت العواصم العربية حين قالت ان الخلل في شخص عرفات , وقتلوه بالسم النووي . ثم جاء محمود عباس ولم يقدّموا له أي شيء . بل أخذوا منه كل شيء ، كل شيء فعلا .
أمشي في الأرض المحتلة وأسمع جميع أبناء جيلي يقولون نفس العبارات ( هؤلاء الصهاينة لا يفهمون سوى لغة القوة والصواريخ ) . ( حتى تحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر ) . ( أخطأنا وما كان يجب أن نعترف بإسرائيل . يافا لنا ، وعكا لنا ، وحيفا لنا ، ولن نعترف بإسرائيل ولا بدولة اليهود لو انطبقت السماء على الأرض ) . ( لن يهدأ لليهود بالا في كل العالم طالما شرطة الاحتلال تعتدي على أهل القدس ) .
عبارات كهذه لم أسمعها حتى في السبعينيات والثمانينات , وألان تعود بقوة كبيرة .
ما حدث في الشيخ جراح كبير . ولن يصلحه الزمن .