أحداث دامية شهدها المسجد الأقصى، الليلة الماضية، أصيب خلالاها 208 فلسطينيين عقب اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد.
وقال الهلال الأحمر، إن 208 فلسطينيين أصيبوا، في حين نقل 88 مصابا إلى المستشفيات، ونُقل 60 آخرون إلى مستشفى ميداني، بينما مَنعت قوات الاحتلال طواقم الهلال الأحمر من الوصول إلى مدينة القدس.
وأعلنت شرطة الاحتلال الاستنفار ونشرت قواتها بشكل مكثف، اليوم السبت، مع استعدادات آلاف الفلسطينيين لإحياء ليلة القدر.
وقال المتحدث بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي -في تغريدة له على تويتر- إن رئيس الأركان أوعز بالاستعداد للتصعيد بعد لقائه مسؤولين عسكريين وأمنيين.
وذكرت قناة كان العبرية، أنه من المتوقع أن يصل عدد قياسي من المصلين إلى المسجد الأقصى في ليلة القدر التي توافق السبت ليلا.
ومن المتوقع وصول وفود من فلسطيني الداخل إلى المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح بالقدس ، استجابة لدعوة أطلقتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.
وتأتي هذه الأحداث وسط غضب متزايد إزاء احتمال طرد عائلات فلسطينية من منطقة حي الشيخ جراح في القدس ، التي يدعي مستوطنون يهود ملكيتهم لها.
وتشهد المحكمة العليا الإسرائيلية جلسة بشأن قضية حي الشيخ جراح يوم الاثنين، وذلك في اليوم نفسه الذي يوافق "يوم القدس" في "إسرائيل"، وهو احتفال إسرائيلي سنوي بالسيطرة على القدس في حرب عام 1967.
من جانبه، قال نائب المدير العام للأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات إن أهالي القدس يرسلون رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي مفادها أن القدس عاصمة للفلسطينيين.
وأضاف بكيرات، أن هذه الرسالة تؤكد أنه لا شيء يقف في وجه إرادة الفلسطينيين رغم ما يقوم به الاحتلال من حصار وتفتيت لوطنهم.
كما قال خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري إن الأعمال الاستفزازية للاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل هي ما فجر هذه الانتفاضة، وأكد صبري أن الفلسطينيين لن يقبلوا بهذا الاحتلال.
الكلمة للميدان
ومع الأحداث المتسارعة، تشير التوقعات إلى احتمالية تصعيد الأحداث بالأرض المحتلة، خاصة أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أكدت انها لن تقف مكتوفة الايدي أمام جرائم الاحتلال بالقدس.
وقال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، القائد زياد النخالة، مساء الجمعة، إن ما يجري في القدس لا يمكن السكوت عليه، وعلى العدو أن يتوقع ردنا في أي لحظة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. ثابت العمور انَّ تصريحات النخالة المقتضبة بشأن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس تحمل جملة من الرسائل المهمة والواضحة والموجهة لأكثر من طرف، مع إشارته إلى انَّ التصريحات تؤشر إلى أنَّ خيار "الاشتباك والمواجهة" هو السيناريو المتوقع في قابل الساعات والأيام، لردع الاحتلال عن جرائمه.
وقال العمور لـ"شمس نيوز" إن : "تصريحات أمين عام الجهاد زياد النخالة تحمل بمجموعة رسائل، وقد جرت العادة ان تصريحات الجهاد الإسلامي لا تستهدف الوعيد فقط، إنما المحاسبة على الجرائم، والرد على العدوان",
وأوضح العمور أنَّ التصريحات تتضمن رسالة من شقين الأول معلن وموجهة للاحتلال وللأطراف العربية والدولية بأن عليهم أن يلجموا تغول الاحتلال في القدس، وأنه في حال لم يحدث ذلك فإن المشهد من وجهة نظر حركة الجهاد الاسلامي وتقديرها وتقييمها ذاهب لخيار ذات الشوكة اي المواجهة، لافتاً إلى انّ الرسالة الثانية غير المعلنة موجهة إلى قواعد ومقدرات وكوادر الحركة وذراعها العسكري سراي القدس بأن تستعد وتتحضر للاشتباك في اي لحظة.
وقال: "وهذا التصريح المقتضب يضع الكرة في ملعب الاحتلال، وتقديري ان موضوع الردع قد تم تجاوزه لانه رغم ان التصريح مقتضب الا انه مباشر ولا يتوعد الاحتلال؛ لكنه يستهدف محاسبته على مجموعة الجرائم التي يقوم بها في القدس وفي حي الشيخ جراح، لا سيما وان هذا التصريح للقائد النخالة يأتي بعد يوم واحد من تصريحات الناطق باسم سرايا القدس ابو حمزة الذي قال بالامس ان العدو اذا لم يتراجع عن ما يقوم به بالقدس فعليه تذكر بصمات المجاهدين، واليوم قتلت قوات الاحتلال شهيدين ولا زالت تتغول في القدس واهالي القدس، واعلنت انها اقفلت ابواب المسجد الاقصى لذلك جاءت تصريحات القائد النخالة اليوم مباشرة ومقتضبة.
ويرى العمور أنَّ الحالة الميدانية أقرب للمواجهة والاشتباك؛ وان المشهد قد يتدحرج في اي لحظة، خاصة وان الحاضنة الشعبية للمقاومة في الضفة والقدس وغزة تطالب فصائل المقاومة بالرد، وبالتالي الساعات القليلة القادمة مفتوحة على كل الاحتمالات.
وتابع: "تصريح من هذا النوع وبهذا الوزن صادر عن امين عام حركة الجهاد الإسلامي يرجح اننا أقرب لسيناريو المواجهة"، مع اشارته إلى أنَّ المتابع لسلوك حركة الجهاد الإسلامي منذ مسيرات العودة والبوابات الالكترونية والاغتيالات التي ينفذها الاحتلال يجد ان الحركة لا تترك جرائم الاحتلال تمر دون حساب.
واختتم العمور حديثه، قائلاً: "لو كنت مكان الاحتلال لاعدت قراءة التصريح الصادر عن الامين العام لحركة الجهاد الإسلامي عدة مرات؛ لان حسبة الجهاد الإسلامي مختلفة تماما ومحددات فعلها مختلفة تماما وهي حركة تغلب الاشتباك ومشاغلة العدو كمنهج ثابت طوال مسيرتها؛ وهي بالمناسبة من أسرع فصائل المقاومة الفلسطينية للخروج للاشتباك مع الاحتلال".
مرشحة للتصعيد
الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية رامي أبو زبيدة، قال إن الساعات المقبلة مرشحة لمزيد من التطورات الميدانية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، في حال استمرت الهجمة الشرسة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين على القدس والضفة والبطش بأهلهما، متوقعًا أن ترد المقاومة بقوة على انتهاكات الاحتلال.
وأضاف أبو زبيدة لـ "شمس نيوز": "إن المعطيات على أرض الميدان تشير إلى تنفيذ العمليات الفدائية في الضفة المحتلة، وأن ترد المقاومة على انتهاكات الاحتلال بحق المقدسيين في حي الشيخ جراح، من قطاع غزة".
واستدرك أبو زبيدة قائلا: "تطورات الميدان والتوجه إلى تصعيد، مرتبط بتحركات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتشددين على الأرض، الذين يهددون باقتحام المسجد الأقصى يوم الإثنين المقبل، إضافة إلى إصراره على تهجير المقدسيين من حي الشيخ جراح.
وذكر، أنه منذ حلول شهر رمضان تشهد الأراضي الفلسطينية هبة جماهيرية، في سياق مجابهة المخططات الإسرائيلية التي تسعى إلى تغيير الوضع في باب العامود ومنع الصوات في الأقصى، والتهديد بتهجير المقدسيين من حي الشيخ جراح، وهو ما يجعل الأجواء مشحونة في المنطقة، وخاصة بعد تهديدات فصائل المقاومة للاحتلال.
وأشار إلى أن عملية حاجز زعترة قبل أيام قلائل، إضافة إلى عملية جنين صباح اليوم، تعبيرًا على تضامن الشعب الفلسطيني مع بعضه، وكيفية تعامله مع المحتل، وأن كل شبر من الأراضي الفلسطيني يلفظ الاحتلال.