غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

غزة بكته دماً لا دمعاً

بالصور د. إبراهيم الحساينة.. ما الذي بينك وبين الله يا "عثمان فلسطين"؟

د. إبراهيم الحساينة.jpg
شمس نيوز - محمد أبو شريعة

لما مات علي بن الحسين؛ فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سواد في ظهره. فقالوا: "ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جُرّب الدقيق ليلاً على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة"، حادثة من زمن السلف الصالح تتكرر في زماننا مع وفاة الدكتور إبراهيم الحساينة "أبو جعفر" الذي بكت عليه غزة دماً لا دمعاً، وظهرت آثاره الطيبة وبذله غير المحدود عند إعلان خبر وفاته؛ فتقاطرت الناس من كلِ فجٍ عميقٍ للمشاركة في جنازته الحاشدة؛ وعلى وقع دعواتهم له بالرحمة والقبول، سردوا كثيراً من مآثره الطيبة.

رحل رجل العلم والخير والعطاء إبراهيم الحساينة (44 عاماً)، هذا الرجل الذي لم يكن يخيب راجياً ولم يكن يرد فقيراً، هذا ما روته عشرات العائلات الفقيرة التي كان يتفقدها ويستر عوزها بالمأكل والملبس والمشرب، إلى جانب تكفله بطلبة الجامعات من الفقراء والمعوزين، ابتغاءً لمرضات الله عزوجل، وعملاً بقوله تعالى "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً".

مآثر الراحل الحساينة لم تكن محصورة في سرادق العزاء بل أصبحت حديث الناس في غزة، بل ووصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى عبارة عن كتاب يتلوا محاسن وأخلاق الرجل العصامي، الذي سخر ماله ووقته في سبيل خدمة الناس، وخدمة القضية الفلسطينية.

د. الحساينة الذي كان له باع طويل بالعمل الخيري في قطاع غزة، كانت بصماته واضحة في وجلية في العديد من المشاريع الإغاثية التي تنفذ للفقراء في قطاع غزة، والتي لم يكن آخرها إشرافه على مشروع إفطار الصائم الذي نفذته دائرة العمل الخيري، في لجنة المنظمات الشعبية والأهلية، ورغم اصابته بالمرض، وخطورة وضعه الصحي إلا أنه أصرَ على متابعة العمل، كما يقول أحد المشرفين على هذا المشروع.

ففي اليوم الذي تم نقل الدكتور الحساينة إلى العناية المكثفة لتلقي المتابعة الطبية، كان يوصي بالاستمرار بإغاثة الفقراء، والعمل على توفير ما يمكنهم من سد بعض الاحتياجات الرمضانية وتمكنهم من قوت يومهم خلال أيام الشهر الفضيل.

ولم يقتصر العمل الخيري للفقيد الحساينة على ذلك، فطيلة أيام العام كان يسعى لانتشال الفقراء الذين يواجههم من الفقر، ولو بالجزء اليسير البسيط، على حساب وقته.

ولإدراكه -رحمه الله- بأن التعليم واجب شرعي على كل مسلم، وهو أداة من أدوات تقدم الأمم وازدهارها ونموها، كانت له البصمة الجلية في إنشاء جامعة الإسراء، الذي أصر على ان تكون -جامعة الفقراء- من خلال العديد من المنح التي تقدم للطلبة جميعًا.

فيروي محمد طلعت أنه خلال أحد الفصول الدراسية استعسر الأمر عليه لسداد الرسوم الجامعية، وكان يتخوف كغيره من الطلبة من أن يحرم من تقديم الامتحانات النهائية، ليتفاجأ وزملائه برسالة من إدارة الجامعة أنه باستطاعتهم تقديم الامتحانات، والمشاركة في احتفالات التخرج، وكان ذلك الأمر بتوجيه كريم من الدكتور إبراهيم الحساينة.

هذا ما أكده عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي خالد البطش، خلال كلمة له في جنازة المرحوم الحساينة، قائلًا "إنه كان يبذل قصارى جهده ليساعد الطلاب والمحتاجين في إكمال عمليتهم التعليمية"، مشيرًا إلى أنه كان دائمًا يضع حلولًا لأي اشكالية مادية تواجه الطلبة وتعيقهم من اكمال عمليتهم التعليمية.

من جهته، نعى الدكتور محمد الهندي عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الفقيد الحساينة، تابع بالقول: "غزة تودع أحد رجالاتها المجاهدين المخلصين".

وأضاف الهندي، لقد "عرفناه في كل المواقع التي تبوأها على مدار سنوات طويلة متفانيا نزيها مضحيا صبورا متواضعا يألف ويؤلف حتى أصبح محل حب وتقدير كل من عرفة وتعامل معه من مختلف فصائل وقيادات وتوجهات العمل الوطني".

سيرة ومسيرة

ولد المجاهد د.إبراهيم الحساينة في العام 1977 لأسرة عريقة مجاهدة هاجرت إلى غزة من مدينة بئر السبع، وتخرج من كلية الهندسة الزراعية في جامعة الأزهر، وواصل مسيرته العلمية حتى نال شهادة الدكتوراه في تخصص الهندسة الزراعية.

انتمى المجاهد د. إبراهيم الحساينة لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في سن مبكرة من حياته، وشارك في فعاليات انتفاضة العام 87 مع إخوانه وتحمل المسؤولية في سن مبكرة، كما اعتقل في سجون الاحتلال أثناء عودته من الدارسة بالجزائر، وبعد خروجه من السجن واصل مسيرته العملية والوطنية.