كتب: د. جميل عليان
اننا امام ربيع فلسطيني حقيقي صادق يخرج من رحم الوعي المبارك والمسؤولية الوطنية ويربط مصيره بالقدس والاقصى. هذا الربيع الذي تشرف الكل الفلسطيني بالمشاركة فيه كما تشرف كل تراب فلسطين بدفع هذه الفاتورة لاخيار امامه الا النصر والصبر وطول النفس، ولن يطول انتظارنا حتى نرى ربيعا عربيا صادقا عنوانه فلسطين ومقاتلة اليهود وما دون هذا العنوان مضيعة للوقت وانحراف عن الطريق.
لقد شكل النموذج والصمود الفلسطيني دوما رافعة للشعوب العربية وعندما ترى الشعوب العربية هذا البأس الفلسطيني والوحدة ووضوح الهدف لن تتردد في المشاركة.
اننا نرى ما يقوم به أهلنا في الأردن اليوم نصرة للقدس وغزة والمقاومة خطوة مباركة وتعبر عن الربيع العربي المرجو والمنتظر فشعوبنا تناقضها الأساسي مع "إسرائيل" فقط. ولعل ما يتوقعه الصهيوني جدعون ليفي في مقالة له "اتوقع ان نصبح بلا حماية من شعوب المنطقة وستكون وجهتنا اوروبا كلاجئين"، هذه هي المعادلة الجديدة التي فرضتها المقاومة في غزة وأهلنا في القدس وال 48 . هذا يؤكد ان الملاجئ الآمنة للعدو لن تكون في فلسطين بل ستكون حتما الى دولتهم الأساسية التي جاءوا منها قبل قرن من الزمان، هذه الحقيقة التي بتنا نرقبها من قريب.
إننا أمام وعي صهيوني جديد يفكر بالعودة من حيث أتى وان نظرية الدولة اليهودية لهرتسل قد انهارت الآن وليس أمامنا الا مزيدا من الصمود والضغط على العدو واستنفار محيطنا العربي والإسلامي
***
اذا كانت المقاومة لا تستخدم كل امكاناتها في هذه المواجهة وتعتمد مفاجأة العدو، هذه طبيعة مواجهاتنا مع العدو، لكن المواجهات الشعبية تتطلب العكس اي يجب ان يشارك فيها كل الشارع الفلسطيني عن بكرة ابيه فهذه لحظات مفصلية وسيكون لها ما يثلج صدورنا قريبا، ننتظر ان من خزان الثورة ان يملأ شوارع الضفة ونقاط الاحتكاك مع العدو والمستوطنات وانا متأكد ان كل القوى الامنية ستنضم لشعبها وتاريخ المواجهات في العالم أكدت أن الجيوش التحمت بشعوبها في اللحظات المصيرية.
***
سيف القدس لن تؤثر في دولة العدو بل سيمتد تأثيرها الى حواضن هذا الكيان كأوروبا وامريكا وانظمة التطبيع العربي ومهما بدا الان من خطاب داعم "لإسرائيل" لكنهم بعدما لمسوا قوتنا ولاحظوا ضعف حليفهم سيبدأ يتشكل وعي جديد لديهم، يبدأ بانظمة التطبيع واوروبا لان العقل الغربي أسس على أساس المصالح وكما تخلى الغرب عن انظمة حققت له مصالحة لعقود كنظام الشاه مثلا سيأتي اليوم وقريبا الذي تتخلى فيه عن "اسرائيل" وتصبح دولة العدو حملا زائدا عند الغرب، لكن هذه اللحظة ستقترب عندما يبدأ ربيع عربي وجهته فلسطين فقط وليس غير فلسطين.
***
بات من المؤكد أن القدس وسيفها أحدث انطلاقة جديدة للشارع العربي وحررت هذا الفعل الشعبي من كل الكوابح التي وضعت في طريقة لنرى منذ اللحظة الأولى ازالة للاسلاك التي تفصل فلسطين عنهم في الأردن ولبنان وتم دفع دماء عربية في هذه المواجهة، كذلك الجماهير الإسلامية التي خرجت في اسطنبول وكثير من المدن الإسلامية.
هذه النقلة المباركة في المواجهة ضد "اسرائيل" ستضيف ادوات واوراق قوة جديدة للمشروع الفلسطيني وتعيد التكامل بين فلسطين وحوضها العربي والإسلامي بمعنى ان تعود قضية مركزية للجميع