قائمة الموقع

خبر أمنية الموت تنقل "نبيلة" من ماكينة الخياطة إلى لوحات الشرف.. ولكن!!

2015-01-27T08:33:02+02:00

شمس نيوز/عبدالله المغاري

"نبيلة".. تلك السيدة التي أُدرجت على قوائم ذوي الإعاقة, منذ نعومة أظفارها, لتلقي بها الأقدار إلى مكان مليء بالضوضاء, لا يسمع فيه سوى ضجيج الماكينات, ذلك المكان الذي جعلها تعتنق أمنية الموت’ ولكن أي موت ؟ أي موت تتمناه إحدى العاملات ,في أحد مصانع الخياطة بغزة؟

نبيلة أبو فارس 51 عاما , تعاني من شلل نصفي وانحناء في العامود الفقري ,اتخذت من الموت على بوابة الجامعة, أمنية لها , منذ أن كانت في العشرينيات من عمرها، تمنت أن تدخل الجامعة ولو ليوم واحد, تبدأ حديثها  لمراسل شمس نيوز" كان نفسي أدخل الجامعة ولو ليوم واحد وبعدها أموت كان نفسي أموت ع باب الجامعة".

تتحدى الإحباط

أن تتمنى فتاة من ذوي الإعاقة الالتحاق بالجامعة شيء , وأن تلتحق بالجامعة , وهي في الأربعينيات من عمرها ,وتتصدر لوحة الشرف شيء آخر..  فقد أنهت نبيلة دراستها الثانوية في مطلع الثمانينيات ,دون التمكن من إكمال الدراسة.

وتتابع متحدثة لـ"شمس نيوز": أنهيت الثانوية العامة بمعدل منخفض بسبب الظروف الصعبة والضغط الذي كنت أعيشه في تلك الفترة بسب إعاقتي".

وأضافت: رغم أن معدلي يسمح لي بالالتحاق بالجامعة، إلا أن الذين حولي لم يسمحوا لي بالتعليم وكانوا يقولون لي دائما :كيف بدك تتعلمي وتروحي ع الجامعة وتيجي ومش من حقك تتعلمي!!".

التحقت نبيلة بأحد مشاغل تعليم الخياطة ,وعملت في مصنع خياطة لمدة خمسة عشر عاما, ولم تترك أمنيتها يوما من الأيام، حيث تردف بالقول: عملت خمسة عشر عاما في أحد مصانع الخياطة، ولم تغب عن بالي يوما فكرة دخول الجامعة ودائما كنت أقول سأدخل الجامعة".

حققت نبيلة حلمها ,وأصبحت طالبة جامعية, بعد انقطاع عن الدراسة لأكثر من 15 عاما.

وتستطرد في حديثها: في يوم من الأيام سمعت عن تخصص لتأهيل المعاقين، وكان عمري 40 عاما تقريبا، فقلت من الممكن أن يكون هذا التخصص مناسبا لي ولقدراتي".

وتضيف: سجلت وتحديت الناس من حولي، وصممت أن أكمل وأنجح وأتحدى كل من كان يحبطني".

نجاح باهر وتهميش قاهر

يي أول تجربة دراسية لها ,بعد أكثر من خمسة عشر عاما على تركها للدراسة, حصلت نبيلة على معدل96.6 بأول فصل دراسي ,لتتخرج من الكلية وتتصدر لوحة الشرف, بمرتبة الأولى على الدفعة. تقول: واجهت صعوبة في الدراسة لدرجة أنني لم أتمكن من الإمساك بالقلم في البداية ولكن بحمد الله نجحت".

وتردف نبيلة: رغم نجاحي وتفوقي لم يهتم بي أحد ولم أحصل على فرصة عمل سوى عقد لمدة عام وبعدها عدت كما كنت وقضيت أكثر من ثلاثة أعوام متطوعة في الجمعيات دون أي فائدة".

لم تكتف نبيلة بحصولها على شهادة الدبلوم, في مجال تأهيل المعاقين, فالتحقت بجامعة القدس المفتوحة عام 2007 لعل شهادة البكالوريوس, في  تخصص الخدمة الاجتماعية, تأتيها بفرصة عمل, وتريحها من تعب تخصص تأهيل المعاقين.

تقول: قررت إكمال الدراسة وتخصصت في الخدمة الاجتماعية، وكنت أعتقد أنها ستفتح لي مجالا للعمل وأنني سأجلس على مكتب في إحدى المؤسسات وأترك التعب، لأن تخصص تأهيل المعاقين متعب جدا ويتطلب حركة كثيرة، وإعاقتي تمنعني من الحركة".

وتخرجت نبيلة ,بدرجة الامتياز ,مع مرتبة الشرف ,من جامعة القدس المفتوحة في عام 2012, ولم تقف إلى هنا ,بالرغم من عدم حصولها على أي فرصة عمل ,بل استمرت في الالتحاق بالدورات التدريبية لتنمية مهاراتها.

كرامتي فوق حاجتي

وتبدأ دموعها تنهمر, خلال مقابلة مراسل "شمس نيوز "لها ,في منزلها المتواضع, الذي تسكنه وحدها بعد وفاة أمها , في مخيم البريج للاجئين, وسط قطاع غزة, شاكية القهر الذي يسكن قلبها, بسبب الوحدة وحاجات الحياة الكثيرة ,مؤكدة عدم استعدادها لطلب أي شي من أي أحد غير الله سبحانه وتعالى.

وتتابع نبيلة أبو فارس: تحديت كل البشر لأكمل طريقي ولكني غير مستعدة أن أطلب من أحد شيئا، فكرامتي فوق كل احتياجاتي".

تطوعت "أبو فارس"في العديد من المؤسسات ,وتشغل في هذا الوقت ,منصب عضو مجلس إدارة ,في إحدى الجمعيات الخيرية ,التي تخدم ذوي الإعاقة ,دون أي فائدة, كون أن القانون الفلسطيني, لا يسمح لأعضاء مجالس الإدارة في الجمعيات الخيرية بتقاضي أي راتب.

وتشعر نبيلة بالتهميش من كل الجهات، حيث توضح أنها تذهب للمؤسسات, وتتلقى الدورات, وتتطوع هنا وهناك, فقط لأنها تريد الخروج من الوحدة التي تعيشها وسط جدران بيتها.

وتكمل: لست وحدي أعيش هذا الشعور, فكافة ذوي الإعاقة مثلي, يذوقون المر, بسبب الإعاقة وبسبب التهميش"

وعند سؤالها عن سبب عدم ممارستها لمهنة الخياطة من جديد, أجابت: العمل في الخياطة زاد من سوء وضعي الصحي وزاد من انحناء العامود الفقري عندي ,فعودتي إلى الخياطة ستؤذيني أكثر من أن تنفعني، وأنا لم أتعلم وأتميز في تعليمي لأعود إلى الماكينة والى المعاناة من جديد".

قانون وهمي

وتحمّل "أبو فارس" مسؤولية معاناتها ,لأصحاب القرار الفلسطيني, معبرةً عن إيمانها المطلق ,بأن الله سيحاسبهم.

لم تتأخر نبيلة عن طرق أبواب المسئولين يوما, لتطالب بحقٍ كفله القانون, ذهبت إلى المجلس التشريعي أكثر من مرة دون فائدة وبقيت تتلقى الوعود، وذهبت إلى وزير الشؤون الاجتماعية فمنّ عليها بشهرين بطالة، لتعود بعدها إلى وحدتها".

وتتهم "ابو فارس "المسئولين بحمل الشعارات الكاذبة وحكمهم عليها وعلى فئة ذوي الإعاقة بالموت البطيء ,مؤكدة على ضرورة تطبيق قانون المعاق الفلسطيني ’الذي أصبح وهمياً على حسب قولها .

يذكر أن قانون المعاق الفلسطيني, يكفل تشغيل ما نسبة 5% من ذوي الإعاقة, في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.

اخبار ذات صلة