كعادتها الحرب تترك لنا بين الركام شهداء وشهود، الأوائل يضيئون لنا الطريق بسراج من دمهم، أما الشهود فيروون لنا القصص، إما عن بطولات الأوائل أو أحداث كان لله فيها معجزات.
خالد الملفوح يروي حكاية اجتمع فيها بطش الاحتلال وعناية الرحمن، إذ نجت عائلته من موت محقق بعدما استهدفت طائرات الاحتلال الحربية منزله وعدة منازل لجيرانه شمال قطاع غزة، قبل أيام، دون سابق إنذار.
كان الملفوح يجمع ملابسه عن حبل الغسيل عند سقوط صاروخ في محيط بيته، لتدفعه قوة الانفجار إلى داخل المنزل، ينفض الغبار عن نفسه ويبدأ بالصراخ على أمه مع استمرار سقوط الصواريخ.
سقط الصاروخ الأول على المنزل، لا وقت يكفي أمام الأم، الدخان يغطي المكان، فرص النجاة مجهولة، لا شيء أمامها سوى احتضان أطفالها والصراخ على خالد قائلة" خلينا نموت مع بعض".
ألقى خالد نفسه في ذات الغرفة التي تجلس فيها عائلته، لتنهال الصواريخ على المنزل الذي هوى على ساكنيه، لتكن عناية الرحمن حاضرة فتتعانق قطعتان من الباطون وتشكلان خيمة تحت الركام فتحيط بالعائلة وتحميهم من موت محقق.
سيارات الإسعاف وفرق الإنقاذ تهرع للمكان، هول المشهد جعل الجميع يظن أن العائلة فارقت الحياة، قبل أن تبدأ صرخاتهم تعلو ويتم نقلهم إلى المستشفى.
خالد أصيب في ظهرة بجراح وُصفت بالمتوسطة، اما الجميع بخير بما في ذلك نجلاء التي لجأت من بيت زوجها إلى بيت عائلتها، لكن ذلك لم يكن مفرحًا كثيرًا للعائلة، فهناك بجوار منزل خالد يقطن عبد الرحيم المدهون وزوجته هاجر، لم يتوفر لهما خيمة من الباطون فاستشهدا.