انتهى العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، تاركًا خلفه مشاهد بنك أهدافه الحقيقي المتمثل بالأطفال والنساء الآمنين في منازلهم، والمقرات والمؤسسات الإعلامية التي تفضح جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني.
إذاعة صوت الأسرى، واحدة من عشرات المؤسسات الإعلامية والعربية والدولية التي تعرضت مكاتبها للدمار جراء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، يوضح مديرها العام رباح مرزوق أن الاحتلال تعمد هدمها ضمن سياسة واضحة وممنهجة في محاولة لإسكات الرواية الفلسطينية، وكل من آلام وهموم الشعب الفلسطيني بمصداقية وحيادية.
ويضيف مرزوق في حديث مع "شمس نيوز"، "الاحتلال لا يريد لأي أحد أن يخالف روايته، ويظهر جرائمه واعتداءاته بحق الفلسطينيين، سواء داخل السجون أو خارجها".
وبالعودة إلى الوراء قليلًا، فإذاعة صوت الأسرى، أنشئت في العام 2009، بعد قرار سلطات الاحتلال بمنع ذوي أسرى قطاع غزة من زيارة أبنائهم في سجون الاحتلال، ولتكون نافذة للأسرى على ما يجري حول العالم من خلال العديد من البرامج التي تقدمها.
وبدأ صوت الأسرى يتسع من خلال الإذاعة التي غطت كافة الأراضي الفلسطينية وصولًا إلى أطراف العريش ورفح المصرية، بالإضافة إلى أنها تصل إلى كافة الاسرى داخل سجون الاحتلال.
وعلى موازاة ذلك كانت الإذاعة هي المنبر الإعلامي للأسرى، من خلال العديد من النشرات التي كانت تنشرها على صفحات الجرائد والصحف بمختلف الدول العربية.
ذوو الأسرى، الذين كانت الإذاعة حلقة الوصل بينهم وبين ذويهم، تلقوا خبر تدمير مقر الإذاعة كالصدمة، لما عملته هذه الإذاعة من إيصال رسائلهم ورسائل أبنائهم للعالم.
يقول الأسير المحرر جواد عويضة والد الاسير مجد، "كانت إذاعة صوت الأسرى، هي صوتنا للعالم، وصوت أبنائنا، في ظل تواطؤ العديد من المؤسسات الدولية، مع الاحتلال وعدم نقل الصورة الحقيقية لجرائمه".
ويضيف عويضة "تميزت إذاعة الأسرى، بمصداقية نقلها لأخبار الأسرى، وما يحدث معهم داخل السجون، من انتهاكات من قبل إدارة السجون ووحدات القمع المختلفة"، مشيرًا إلى أنها كانت تحمل رسائلهم خلال منع الاحتلال للزيارة سواء بحجج أمنية أو بحجة جائحة كورونا التي تضرب العالم.
حال ذوو الأسرى لم يكن مختلفًا عن المؤسسات التي تتابع أمورهم والتي هي الأخرى تلقت نبأ تدمير مقر الإذاعة كالصاعقة، كما يقول رئيس جمعية حسام للأسرى والمحررين جمال فروانة، مشيرًا إلى أنه من المحزن أن يصل هذا الإجرام الاسرائيلي بحق هذه الاذاعة التي تمثل صوتًا لمن يعاني من آلام وويلات سجون الاحتلال وقوات القمع.
وقال "كانت تشكل حالة تواصل واتصال ما بين الاسرى وذويهم"، مشددًا على ان رسائل ذوي الأسرى تصل عن طريقها كونها الإذاعة الوحيدة التي كانت يصل بثها للسجون.
وتابع فروانة "استطاعت أن تخترق الجدران وأبواب السجن وتصل للأسرى في سجون وبالتالي كانت تشكل رسالة محبة وتواصل يطمئن الأسير على أهله وذويه من خلالها".
من ناحيتهم وجه الأسرى في سجون الاحتلال رسالة إلى الإذاعة، مؤكدين أنها كانت مصدر أخبارهم خلال معركة "سيف القدس" وكانوا يستمعون خلالها لجرائم الاحتلال بحق المدنيين والعزل، بالإضافة إلى خطابات قادة المقاومة، إلى أن تعرض مقر الاذاعة للقصف.
وقالوا في رسالتهم التي تلقت "شمس نيوز" نسخة عنها "شعرنا بانقطاعنا عن العالم الخارجي وافتقدنا ذلك الصوت الحر والكلمة الصادقة"، مشيرين إلى أن تغطية إذاعتي الأسرى والقدس كانت الأكثر تميزاً ومواكبةً ومصداقية والأكثر وضوحاً في بثها والأكثر مراعاة لحاجة الأسير.
وأضاف الأسرى "لم يكن الإخوة العاملين في هذه الإذاعة من مطلقي الصواريخ ولم يكن مقر الإذاعة مخزناً للأسلحة والصواريخ".
وشددوا على أن الاحتلال يدرك قوة الكلمة وقوة إذاعة صوت الأسرى التي استطاعت تجاوز جدار السجون وجعلتهم حاضرين تنقل صوتهم وتصدح باسمهم وتقرب لهم الصورة وتجعلهم يعيشوا الحدث.
ومضوا في الرسالة "لقد ذهب ذلك الزمن الذي يدفن فيه الأسير وهو على قيد الحياة ويبقى قيده يعتصر قهراً على أهله وشعبه فبفضل الله ثم هذه الأصوات الحرة أصبح يصل للأسير صوت ذويه ليطمئن عليهم وعلى شعبه".
ووجه الأسرى دعوة لكل الأحرار للمساهمة والعمل بكل جد والإسراع في إعادة بث هذه الإذاعة وبصوت أعلى وبقوة أكبر، وهذا عهدنا بكم وأملنا بالله.