الملحمة التي سطرتها فصائل المقاومة الفلسطينية بالتصدي للعدوان الصهيوني على قطاع غزة, وافشال اهداف العدوان, ينبغي استثمار نتائجها جيدا وبالتحديد سياسيا. لان الفعل ما قبل العدوان على غزة ليس كما بعده, "فإسرائيل" التي تعيش ازهى عصور علوها وافسادها وتتباهى بالتسابق العربي والاسلامي للتطبيع معها واقامة تحالفات, وانحياز المجتمع الدولي السافر لها, والدعم الامريكي اللامحدود سوآءا الدعم المادي او العسكري, او اللوجستي, او السياسي, "اسرائيل" كانت تظن انها ذاهبة الى التوسع والاستقرار والامن والامان لها, لكنها فوجئت بأداء المقاومة وقدرتها على هدم احلام الاحتلال, ولكي نستثمر نتائج هذا العدوان الصهيوني الجائر على القيادة الفلسطينية والفصائل استثمار نتائج المعركة, خاصة ان هناك نقاط ضعف يجب ان نتجاوزها فنقطة الضعف الابرز هي السلطة الفلسطينية التي تعتبر ان ادائها محصور في دائرة التسوية ولا ترغب في الخروج منها ولا زال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يكفر بالمقاومة ولا يؤمن باي مسار غير مسار التسوية والسلام مع الاحتلال ذاك السلام الذي اوصل قضيتنا الى الحضيض ودفع الدول العربية للتحلل من التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية تحت ذريعة اننا لن نكون فلسطينيين اكثر من الفلسطينيين انفسهم, فأقاموا العلاقات مع الاحتلال, وتعاونوا معه سياسيا واقتصاديا وامنيا وعسكريا, وحاصروا المقاومة وحاربوها, واوقفوا كل اشكال الدعم المقدم الى الشعب الفلسطيني وارادوا التخلص من عبء القضية.
نقطة الضعف الاخرى هي الوسطاء الذين يتفاوضون مع فصائل المقاومة الفلسطينية بشروط "اسرائيل" ورغبتها, ويدفعون المقاومة للتنازل لصالح الاحتلال, وينقلون رسائل التهديد والوعيد على لسان الصهاينة, ذلك لان ثقافة النصر غائبة عنهم تماما, وقد تملكتهم الهزيمة وتمكنت منهم, وقد جعلوا من "اسرائيل" بعبعا يخشونه ويسعون لإرضائه ولو على حساب حقوقهم وخيرات بلادهم, ونسجوا من خيالهم صورة "لإسرائيل" بأنها الكيان الاقوى الذي يحمي عروشهم وكراسييهم رغم ان "اسرائيل" لم تستطع ان تحمي نفسها امام ضربات المقاومة, من اجل ذلك يجب ان نستثمر نتائج المعركة جيدا بعد ان كشفنا زيف قوة "اسرائيل" تماما.
اولا: الاحتلال بات يعلم ان غزة لم تعد الحلقة الاضعف, وان ضرب غزة اصبح مكلفا للاحتلال وله ثمن باهظ, لذلك أي انجرار صهيوني لشن عدوان على غزة تعلم "اسرائيل" انها ستتكبد فيه خسائر, لذلك ستبدأ أي عدوان عسكري قادم بقوة كبيرة ومفرطة, وهنا يجب التركيز على تعزيز قدرات المقاومة العسكرية, وتدارس نتائج معركة "سيف القدس" جيدا, ومعالجة الثغرات والاخفاقات سريعا فربما الوقت لا يسعفنا.
ثانيا: يجب توسيع ميدان المعركة بحيث تنتفض غزة والضفة والقدس والاراضي المحتلة عام 48 والفلسطينيين في الشتات خاصة في دول الطوق لان هذا يربك الاحتلال ويجعله يتخبط في ميدان المعركة, ويمكن ترسيخ معادلة توحيد الجبهات وتعزيز تصريحات الامين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله الذي قال ان الحرب القادمة هي حرب اقليمية, فمعركة سيف القدس اسست لمعركة النصر والتحرير.
- السلطة الفلسطينية مطالبة بان يكون لها دور في حماية اهلنا في الضفة المحتلة, وتفعيل حالة الاشتباك مع الاحتلال, هناك اكثر من ثمانين الف قطعة سلاح في الضفة يجب ان تسخر لمواجهة الاحتلال وافشال مخططاته العدوانية, واهلنا في الضفة الغربية قادرين على اشعال مواجهة ساخنة مع الاحتلال اذا توفرت لهم الامكانات العسكرية اللازمة وحالة الاشتباك مع الاحتلال في الضفة هي الجزء الاهم للنصر في المعركة.
رابعا: كل الاجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية مطالبة ان تشارك في أي عدوان جديد على شعبنا, وتحديدا كتائب شهداء الاقصى الجناح العسكري لحركة فتح, التي لها باع طويل من المواجهة والاشتباك مع الاحتلال, وهى قوة عسكرية مسلحة جيدا ومنوط بها اشعال الضفة الغربية والقدس المحتلة والاراضي الفلسطينية بالعمليات المسلحة, التي ترهق الاحتلال وتستنزف من قدراته وتشتت ضرباته.
خامسا: يجب تجنيد وسائل الاعلام المحلية والعربية والاجنبية لنقل الصورة وبشاعة المشاهد والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الى العالم لان التجربة علمتنا ان هذه الصور البشعة لجرائم الاحتلال هي التي دفعت العالم للتحرك ضد الاحتلال وتنظيم تظاهرات داخل العواصم ضد "اسرائيل" ولنصرة القضية الفلسطينية, فهذا اثر على مواقف عديد الدول التي كانت تؤيد "اسرائيل" بشكل مطلق, فتغيرت المواقف واللغة لصالح قضيتنا.