غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

مَنْطَقَة العَوَج، والتغيير

التغيير.webp
بقلم/ د. محمد مشتهى

هناك من يسعون لمنطَقَة العَوَج، أي يريدون أن يعملوا من العوج منطِق، وهم لا يدرون.

المنطق يقول بأن للتغيير مراحل، والعوج هو انتظار التغيير أن يحدث فجأة.

إن أي تغيير يُراد إحداثه، تحكمه حجم المراكمات والقناعات والممارسات لدى الفئة المُراد التغيير فيها، وأي قناعات سابقة لا يمكن مواجهتها وتغييرها فجأة، بل هي بحاجة إلى أن تاخذ وقتها اللازم، وإن الاستعجال في التغيير مقتلة للتغيير نفسه، ومن المتطلبات الأساسية للتغيير أن يتم تزويد النّاس بالمعلومات والحقائق التي تدعم وتبرر التغيير المطلوب، تلك الحقائق تكون مضادة للأفكار التي زُرِعت في عقولهم أو الممارسات الخاطئة على مدار المرحلة الماضية، وهذا من شأنه إحداث حالة أولية من استفزاز العقول كي تفتح للناس آفاق جديدة، أهم تلك الآفاق توجيه رسالة مفادها أنه يوجد خيار آخر افضل من الموجود حالياً، وهذا يكون بمثابة جرس الانذار، وتلك هي أخطر مرحلة في التغيير، فجرس الإنذار يجب أن يكون قوي وملفت ومبني على معلومات صحيحة ومقنعة وتلامس حاجات الناس، ثم تأتي بعدها مرحلة بناء الاتجاهات العقلية والقناعات لدى الناس، فإذا بُنيت القناعات فإنه تلقائيا سيظهر التغيير بالممارسة.

فلا يمكن رؤية التغيير كممارسة في سلوك الناس بدون تولُّد قناعات لديهم، والاعتقاد بأن التغيير يأتي فجأة هذا منطق أعوج واعتقاد خاطئ، وإن القفز من فوق المراحل أملا في إحداث التغيير لن يغيِّر من الأمر شيئا بل يعتبر مقتلة وحتما سيبعث في نفوس الراغبين في التغيير الخيبة والإحباط، وفي النهاية سيؤدي بهم للاستسلام للواقع وليس لتغيير الواقع، فالقفز عن المراحل ليس واقعية أو منطِق، والواقعية والمنطِق هو الإنتهاء من مرحلة ثم البدء بالتي تليها.

لذلك التغيير له ثلاثة مراحل:

١- تزويد الناس بالحقائق والمعرفة الصحيحة

٢- بناء القناعات

٣- التغيير في الممارسة

والترتيب في المراحل هنا مهم جدا، فلا يجوز مثلا عند الوضوء أن يتم غسل القدمين قبل الوجه، وكذلك لا يجوز تغيير السلوك والممارسة عند الأفراد قبل أن يقتنعوا بها، ولا يمكن إحداث قناعات قبل أن يتم تزويد الناس بالمعلومات والحقائق.

ختاما؛ التغيير ليس بالشيئ السَّهل ولا يمكن أن يحدث بكبسة زر، هو بحاجة إلى جهد وإلى دراسة وعلم، وايضا بحاجة إلى إصرار وتحمل الألم، فقد قالوا عن التغيير انه يشبه لدغة النحلة، فكل تغيير مؤلم ويحتاج إلى صبر وقدرة تحمل عالية وأيضا يحتاج لهدوء وعدم استعجال، والتغيير لا يمكن أن يحدث بلا ألم، وكلما زاد الألم فذلك مؤشر على قرب حدوث التغيير.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".